العدد 571 - الإثنين 29 مارس 2004م الموافق 07 صفر 1425هـ

افتعال المعارك لملء الفراغ يضر بالوطن

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ملء الفراغ مشكلة يواجهها الأفراد والأمم، وكثيرا ما يضل المرء طريقه وهو يبحث عن وسيلة لملء الفراغ. فالأمم قديما ابتكرت الأولمبياد والمنافسات الرياضية كأهم الوسائل لملء الفراغ بنشاط مفيد لصحة الإنسان ومنشط للجماعات ضمن سباق حماسي. وفي العقود الماضية اصبحت الرياضة صناعة قائمة بذاتها تحرك رأس المال لينتفع من خلاله المنظمون واللاعبون. وهناك وسائل أخرى لقتل الفراغ ولكنها سلبية وتعود بالضرر على الأفراد والجماعات، ومن تلك الوسائل اللجوء إلى المخدرات واللجوء إلى الممارسات المخلة بالآداب.

وهناك أيضا وسائل سياسية يُهدف من خلالها إلى ملء الفراغ حتى لو كان في ذلك اضرار بمصالح الناس. السياسة ينتج عنها خلاف في العادة، والخلاف قد يكون كلاميا وهو أمر مقبول ولا يضر، وقد يكون من خلال العنف والتخريب (هكذا لاي سبب) وهو ما ينتج عنه إضرار كبير بالوطن والمواطنين.

وفي البحرين لدينا مختلف النماذج. فعلى الصعيد السياسي ترى بعض نواب البرلمان يحاولون ملء فراغهم عبر اختلاق مشكلات جانبية أو صغيرة هنا أو هناك. وهذه المشكلات تسبب إزعاجا كلاميا وبعض الأحيان يمتد لأكثر من ذلك عندما يلتقط الشارع إشارة من أحد النواب تجاه موضوع ما ويتحرك عبر وسائل تتسم بالشغب.

بعض النواب ايضا يبتعدون عن القضايا الجوهرية ويبحث عن وزير او هدف سهل في الوقت الذي لا تراهم ينشطون بالحماس نفسه في الموضوعات التي تهم المواطنين مثل قضية إفلاس صندوق التقاعد وهيئة التأمينات الاجتماعية. عدم «الاشتغال» بالهمِّ الحقيقي يدفع باتجاه «الانشغال» بموضوعات أقل أهمية وافتعال ضجة كبرى حولها ليست لها بداية ولا نهاية.

الأمر يلحظ في جوانب أخرى. فبعض الشباب يبحث عن شيء لتمضية وقته وصرف طاقته وبالتالي يستجيب لأي منشور ولأية دعوة ترسل على الإنترنت لافتعال معركة مع قوات الأمن حتى لو كان ذلك سيؤدي للاضرار بالناس ومصالح البلاد وسمعتها.

بعض من يكتب المنشورات الحماسية الداعية للاصطدام بالسلطة ويرفع شعار المطالبة بدستور 1973 لم يقرأ دستور 1973 ولا لمرة واحدة. وعندما يسأله الآخرون لماذا يطالب بشيء لم يطلع عليه، يجيب بأنه يعلم أن ذلك يغيظ السلطة وبالتالي فإن المطالبة به تحرك الناس وتربك الدولة. ليس هناك عيب أو خطأ في المطالبة بمكتسبات دستور 1973 فهذا حق لأي مواطن يؤمن بذلك، ولكن فليكن عبر الوسائل السلمية وليس عبر تخريب المناسبات، كل المناسبات، وجرجرة الساحة إلى الاصطدام بقوات الأمن لأن هناك من يود ملء الفراغ الذي يشعر به.

بسبب البعض الذين يبحثون عن وسائل ومعارك جانبية لملء فراغهم... سمعة البلاد تخسر، ومصالح الناس تتضرر، والناس أنفسهم بدأوا يملون الممارسات السياسية المزعجة التي لم تستطع حتى اليوم تقديم أي محتوى متماسك أو طرح متكامل يقنع الجميع بأن من يطرحه يفهم ما يدور في الساحة. ولأن «فائد الشيء لا يعطيه» أصبح هؤلاء لا يعطون بلادهم إلا الهمَّ والغم والفهم البائس المكرر الذي يجتر من أجل الاجترار، ويحشد من اجل التحشيد وينتقد من اجل الانتقاد ويعترض من اجل الاعتراض وينحر كل شيء ... كل ذلك من أجل الشعور بالاهمية وملء الفراغ

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 571 - الإثنين 29 مارس 2004م الموافق 07 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً