شاب يمشي على أحد السدود ببارغونا جنوب بنجلاديش. وتلعب مثل هذه السدود دورا حيويا في مواجهة ارتفاع مياه البحر والفيضانات بالنسبة لسكان الأراضي المنخفضة.
لطالما كانت بنجلاديش، بأراضيها المنخفضة وسكانها البالغ عددهم 150 مليون نسمة، معرضة للفيضانات وانزلاق التربة وتسرب المياه المالحة.
غير أن العديد من الخبراء والمسؤولين الحكوميين يحذرون من إمكانية تفاقم هذا الوضع بسبب تغير المناخ.
ففي تقريره الصادر تحت عنوان «تقرير عام حول تقليص خطر الكوارث - التحدي الذي تواجهه التنمية»، أفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن بنجلاديش هي البلد الأكثر عرضة للأعاصير الاستوائية وسادس بلد معرض للفيضانات في العالم.
ووفقا للبيانات الصادرة عن مركز أنظمة المعلومات الجغرافية والبيئية التابع للحكومة، يقع ثلثا البلاد على ارتفاع يقل عن 5 أمتار عن مستوى سطح البحر، مما يجعلها عرضة للأخطار الناتجة عن ارتفاع مستوى مياه البحر ومد الأمواج. كما أن ذوبان جليد جبال الهملايا وامتداد خليج البنغال في الجنوب يزيدان من خطر الفيضانات، حسب الخبراء.
من جهته، يتوقع الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ في تقييمه الرابع حول آثار تغير المناخ أن يؤدي ارتفاع منسوب مياه الأمطار الموسمية في مختلف أرجاء جنوب شرق آسيا وذوبان جليد الهملايا إلى ارتفاع منسوب المياه في الأنهار التي تصب في بنجلاديش من الهند ونيبال وبوتان والصين.
انهيار السدود
وتعتبر المناطق الساحلية المنخفضة أكثر عرضة للخطر بالرغم من أنها محمية بشبكة من السدود الممتدة على طول 5.107 كلم. غير أن حوالي نصف هذه السدود تعرض للضرر خلال إعصاري سيدر وآيلا، مما ترك كل المنطقة عرضة لمد الأمواج، وفقا للبرنامج الشامل لإدارة الكوارث ببنجلاديش.
كما أن ارتفاع الكثافة السكانية بالبلاد يعني أن العديد من البنغاليين يضطرون للعيش والعمل على أرض معرضة للفيضانات. وقد اشتكى عباس الدين الملا، 60 عاما، وهو مزارع من مقاطعة باغيرات، من سوء الأوضاع المعيشية لسكان المنطقة قائلا: «تموت حقولنا بسبب المياه المالحة... لم يعد بالإمكان مطلقا زراعة أي شيء فيها... ففي ظل غياب السدود، تهاجمنا الأمواج مرتين يوميا وتغمر كل أراضينا الزراعية».
رد الحكومة
وأفاد وزير الدولة للبيئة والغابات حسن محمود أن الحكومة تعمل على معالجة الوضع، حيث بدأت بالفعل مشروعا لإزالة الطمي من الأنهار تبلغ تكلفته حوالي ملياري دولار ويهدف لحفظ المياه وتعزيز الطاقة الاستيعابية للأنهار وسحب المزيد من المياه العذبة نحوها لتقليص نسبة الملوحة فيها.
وجاء في قول محمود أن «هناك أربعة مؤشرات لقياس نسبة الضرر الذي ستواجهه البلاد بسبب تغير المناخ. وتتمثل هذه المؤشرات في التأثير السلبي المباشر لتغير المناخ وزيادة وتيرة الكوارث الطبيعية وعدد الأشخاص المعرضين لهذه الأخطار والإجراءات التي يتخذها بلد ما لخفض الأثر السلبي لتغير المناخ، وكل هذه المؤشرات تنطبق على بنجلاديش».
وتتوقع خطة عمل واستراتيجية تغير المناخ ببنجلاديش للعام 2009 المعلنة من قبل وزارة البيئة أن يتعرض 20 مليون شخص للنزوح خلال الخمسين عاما القادمة ويصبحوا «لاجئي مناخ» إذا ارتفعت مستويات المياه والملوحة في البحر.
وتوصي الخطة بمواجهة آثار تغير المناخ عبر التركيز على الأمن الاجتماعي وإدارة الكوارث وتنمية البنية التحتية وإدارة الأبحاث والمعارف وتبني خيارات منخفضة الكربون وتنمية القدرة المؤسساتية.
ويحذر الخبراء من زيادة وتيرة وشدة العواصف المدارية في خليج البنغال. وقال حسن محمود، وزير الدولة: «بالنسبة لبنجلاديش، لا تعتبر آثار تغير المناخ تهديدات مستقبلية بل واقع ملموس بدأنا نعيشه بالفعل».
العدد 2744 - الخميس 11 مارس 2010م الموافق 25 ربيع الاول 1431هـ