العدد 2750 - الأربعاء 17 مارس 2010م الموافق 01 ربيع الثاني 1431هـ

حمّاد الذي عرفته

عبد الله حماد ،هذا الرجل لم يكن ضيفا عابرا على الساحة الشعبية في البحرين كما إنه لم يكن(شاهد زور) على ما يجري فيها بل على العكس تماما فقد كان واحد من أهم أعمدتها ومن أكثر روّادها حضورا وذلك من خلال نصوصه الجميلة وكتاباته الثرية المتفرّدة وقد كانت مقالاته تحرك الركود وكانت قصائده يثار حولها الكثير من الجدل على إن(وخزاته)الفادحة الصراحة كانت(آخر العلاج الكي)ولن أبالغ إن قلت إنه فيلسوف الساحة الشعبية بامتياز ولن ينكر ذلك إلاّ مكابرا وجاحد،عرفته عن قرب وكانت تربطني به علاقة حميمة تجسدت تلك العلاقة ونمت بالتقاء رؤانا وتطابق مواقفنا تجاه الكثير مما يجري في الساحة الشعبية وتجذّرت أكثر عندما كنّا معا في لجنة الأعمال والأنشطة في جمعيتنا جمعية الشعر الشعبي ولأكثر من موسم مع زميلنا المرحوم الشاعر عبد الله العباد رحمة الله علية،نعم لقد أحببنا بعضنا لوجه الله وليس لمصلحة آنية رخيصة،وكنت في حضرته أشعر في طيبة متناهية وألفة لا تضاهى وكانت بساطته تحفزني للبوح،كان ساخرا وقليلون هم من يعرفوا ذلك وكان واضحا وغير متحذلق وغير متملّق لم يكن يدّعي بما لا يعي،كانت البهرجة والبحث عن الأضواء في آخر اهتماماته ومما علّمني رحمه الله إن الاعتداد بالذّات مكابرة بل ومقامرة وعلمته إن شعرة معاوية يجب أن لا تقطع وأن الحفاظ عليها كياسة،ظُلم كثيرا ولم ينصف وتنكّر له بعض مَن حبّهم وأحسن إليهم،كان دمث الأخلاق وعفيف النفس،عاش محبطا ويائسا وقد جسّد معاناته في نصوصه التي أتسمتْ بالحزن العميق واليأس المطبق وبعض من غموض فاستمعوا لقوله:

صدرك كفن ..وكفوفك أحضان(تابوت)

وإذا حصل..راح اهتني في مماتي

ما دام حبّك صار ..في القلب جبروت

ما هي غريبة..لا رقصت بْوفاتي

واستمعوا لشيءٍ من غموضه:

غيمةٍ من وراء ظهر الشتاء تنحرف

سايرت فكرها الّلي ما بدت تفهمه

لوّثت طهر(طفل)الغيث به يلتحف

خيّبت كل ما كان العطش يحلمه

ولشيءٍ من عاطفته الجيّاشة:

هيمانتي نار تشعل في حشا الفكرة

لا بحتها شعر جن إعجابها فيني

جيت أختلس عمر من ساعات محتضرة

عساني ألقاك يا مرسى شياطيني

أخيرا لمن سيقرؤون شعره أقول ستجدونه بين سطور قصائده مدججا في أحزمة ناسفة لا تبقي ولا تذر

ولئن الحديث عنه سوف يطول ويطول ويطول فيكفيني القول إن شعره سيظل حيا في ضمائرنا وقطعا

في ضمائر أجيالنا،،،رحم الله فقيدنا الراحل وألهم أهله وصحبه الصبر والسلوان والسلام

أمسي مثَل يومي وباكر مثَلهم

روتين يقصف عمر لْسنيين فيني

غصون عمري ما حظيت بْثمرهم

باموت ما مر الحصاد بْسنيني

راحت ثلاثيني وأنا في أثرهم

أحسب تجاعيد الزمن في جبيني

تجسيد لحظة نضوب البحر كالمستحيل

وأفكاري كالطفل يتلعثم بناشيده

صعب أكسب الوقت في حالت ضياع الدليل

وصعب أنتشل من سبات الوهم تأكيده

حتى أتى اللي على بالي خفيفه ثقيل

اعتق محابيس فكري وانفلت قيده

فارس سقط قلت ما ممكن يموت الصهيل

عيسى رحل قلت ينعي الحكم صنديد

العدد 2750 - الأربعاء 17 مارس 2010م الموافق 01 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً