العدد 2358 - الأربعاء 18 فبراير 2009م الموافق 22 صفر 1430هـ

التوقيع الإلكتروني... متى يصبح دليلا قانونيا؟

يظل التعامل بالمستندات الورقية هو الأصل إلا أن منافسا جديدا دخل إلي حيز التعاملات التوثيقية والمستندية هو المستند الإلكتروني هذا المستند وليد التعاقدات التي أفرزتها وأقرتها ووقرتها وسائط الاتصال الحديثة وخاصة شبكة الإنترنت إذ يختفي عبر هذه الشبكة التعامل الورقي ويصبح المستند الإلكتروني هو الأصل.

فمتى يعد التوقيع الإلكتروني دليلا قانونيا على هذه الوسائل الحديثة؟

الأمر الذي أجبر الفقه القانوني إلى وضع اعتبارات خاصة للمستند الإلكتروني حتى يمنح المستند الوليد حجته في الإثبات والتوثيق ويضمن المتعاملين به شروط الأمان والأمن والسلامة.

يقول الأستاذ بكلية الحقوق جامعة الزقازيق سامح التهامي: إن تقدم تكنولوجيا المعلومات أدى إلى ظهور المستندات الإلكترونية، إذ يتم وضع المعلومات في صورة رقمية وتخزينها كبيانات إلكترونية على أقراص CD أو على ذاكرة الحاسب الآلي أو على صفحات شبكة الإنترنت. ويوضح أن تعريف رسالة البيانات يركز على المعلومات ذاتها، وليس على الشكل الذي يرسل به، ومن ثم فإنه لا يهم ما إذا كانت رسائل البيانات ترسل إلكترونيا من حاسوب إلى حاسوب، أو ما إذا كانت رسائل البيانات ترسل بوسائل لا تنطوي على نظم اتصالات سلكية ولا سلكية، مثل أقراص مغناطيسية محتوية على رسائل بيانات تسلم إلى المرسل إليه بالبريد. وفيما يتعلق بخصائص المستند الإلكتروني، أكد التهامي أن المستند الإلكتروني لابد أن تتوافر به 3 خصائص أن يكون في الإمكان تحديد هوية الشخص الصادر عنه المستند الإلكتروني، وأن يتم إنشاء المستند الإلكتروني في ظروف تضمن سلامته وحفظة في ظروفه آمنه.

وتعتبر هذه الخصائص الثلاث السابقة ثلاثة مطالب فلابد من تحديد هوية مصدر المستند الإلكتروني فهناك رأي في الفقه القانوني يرى أن هذا الشرط لم يكن هناك حاجة للنص عليه بالنسبة للمستند الإلكتروني، وذلك لأن تحديد الهوية هو وظيفة من وظائف التوقيع الإلكتروني وليست خاصة بالمستند نفسه.

ولكن الرأي الراجح في الفقه القانوني يرى أن المشرع لم ينص على هذا الشرط سهوا ولكنه استهدف من ذلك توضيح أن المستند الإلكتروني لن يكون له حجية في الإثبات إلا إذا كان ممهورا بتوقيع إلكتروني بحيث يمكن تحديد هوية من صدر عنه هذا المحرر، أما إذا لم يكن هذا المستند ممهورا بتوقيع إلكتروني فإنه لن يكون له الأثر المنصوص عليه في القانون وهي مساواته بالمستند الورقي في الحجية،

أما المطلب الثاني فهو إنشاء المستند الإلكتروني في ظروف تضمن سلامته، والمقصود بالحفاظ على سلامة المستند من الناحية التقنية هو ألا يتم تعديل مضمون المحرر أو العبث به.

وبشأن المطلب الثالث قال التهامي: هو شروط تمتع المستند الإلكتروني بالحجية وهي أن يتم حفظه في ظروف تضمن سلامته، والمقصود بمصطلح حفظ المستند CONSEATION هو أن يتم الحفاظ علي المستند ووقايته من أي تدخل أو تعديل أو ائتلاف فترة من الزمن.

توثيق المعاملات

ويضيف خبير نظم المعلومات ممدوح صقر أن أبسط تعريف للتوقيع الإلكتروني هو طريقة اتصال مشفرة تعمل على توثيق المعاملات التي تتم عبر الإنترنت.

وكذلك يمكن القول بأنه ملف رقمي صغير (شهادة رقمية)، تصدر عن أحدى الهيئات المتخصصة والمستقلة ومعترف بها من الحكومة تماما مثل كتابة العدل وفي هذا الملف يتم تخزين اسمك وبعض المعلومات المهمة الأخرى مثل رقم التسلسل وتاريخ انتهاء الشهادة ومصدرها، وهي تحتوي عند تسليمها لك على مفتاحين (المفتاح العام والمفتاح الخاص)، ويعتبر المفتاح الخاص هو توقعيك الإلكتروني الذي يميزك عن بقية العناصر أما المفتاح العام فيتم نشره في الدليل وهو متاح للعامة من الناس. ويشير صفر إلى أن حركة اتصال التوقيع بالرقمية واعتماده قانونا بدأت في العقد الأخير من القرن العشرين، إذ أبرز الواقع مدى أهمية الحاجة إلى عامل الثقة في المراسلات التي تتم عبر الإنترنت خاصة في إطار حركة التعامل التجاري والاقتصادي عبر الإنترنت والعقود الرقمية والأعمال المصرفية المختلفة التي تتم رقميا بما في ذلك تبادل المنافع والخدمات والأعمال الضرائبية عبر الإنترنت... إلخ ولقد استشعر فقه قانون الإنترنت أهمية التوقيع الإلكتروني القصوى في المعاملات الرقمية (القانون المدني عبر الإنترنت) باعتبارها الأساس القانوني على مدار التاريخ البشري لوضع الحلول لجميع القضايا المثارة، وخاصة أن التوقيع الإلكتروني قد انطلق ليحتل مكانته الكبرى في إطار الترويج لمكانته الأمنية وكيفية قيامه بدور في تأمين البيانات ـ وبالتالي وصول المعلومات - تأمينا مضمونا وتتواصل هذه الضمانة في بعض الأحيان إلى إيجاد طرف ثالث هنا يقع على عاتقه مسألة التأمين والضمانة للتوقيع الرقمي، وبما يجعلنا ندخل منطقة تقنية ذات مصاعب حيث التعرض للتوقيع الإلكتروني وأهميته وبالتالي حجته في الإثبات، حتى اعتقد الكثير من المستخدمين ـ بناء على توصية التقنيين ـ بخصوصية التوقيع الإلكتروني يكاد يكون استثنائيا، ومثل هذه النظرة جعلت المنطق التقني (البرمجة - الأمن) يطغي على المفهوم الصحيح للتنظيم القانوني للتوقيع الإلكتروني ومن هنا جاء اهتمام رجال القانون العربي ومهندسي تكنولوجيا المعلومات بموضوع التوقيع الإلكتروني وأثره على التعاقد.

وعن النظام القانوني للتوقيع الإلكتروني يقول رئيس الجمعية العربية لقانون الإنترنت عمر بن يونس لكي يمكن فهم النظام القانوني للتوقيع الإلكتروني لا يعد جزءا من الوثيقة وإنما يقوم بعملية حفظ في معنى منح مصداقية للوثيقة أو المحرر الرقمي بحيث يمكن بمقتضى هذا الحفظ إكساب هذه الوثيقة أو المحرر مصداقية لدى الغير أو الطرف الآخر مستقبل هذا المحرر أو الوثيقة لذلك قد يتراءى للبعض أن التوقيع الإلكتروني يعد جزءا من الوثيقة أو المحرر كما هو الشأن في الوثيقة المادية أو الورقية الموقعة من أشخاصها فهذه الرؤية غير صحيحة حتى مع منطق أن التوقيع الإلكتروني يسهل عملية التعرف على أية إضافات إلى الوثيقة أو المحرر الإلكتروني، لأن أية إضافات من الغير على الوثيقة لن يتم تشفيرها بالمفتاح الخاص للمرسل فما يحدث هنا هو وجود تداخل بين فكرة التوقيع ذاته التي تشير إلى المصداقية وبين العامل الأمني الذي يشير إلى هوية مرسل الوثيقة أو المحرر الالكتروني.

لذلك فإن جزئية التقرير بأن التوقيع الإلكتروني ـ وفق نظام مفتاح التشفير العام مثلا ـ يعد جزءا من الوثيقة أو الطلب أو الرسالة التي أرسلها، فإن هذا الأمر يجب أن ينظر إليه بصورة وقتية. فما يحدث حقيقة أن مرحلة التشفير ـ وهي غير مرحلة التوقيع ـ تعد مرحلة مؤقتة في حياة الطلب أو الرسالة أو الوثيقة المرسلة.

وهذا التوقيت مرتبط بالرقمية المرسلة من تدخل الغير في تغيير محتواها وهنا نجد عامل التشفير يرتبط بموضوعات ثلاثة، وهذه الجوانب الثلاثة هي النظام القانوني للبيانات الاسمية وأمن المعلومات والمعاملات المدنية

العدد 2358 - الأربعاء 18 فبراير 2009م الموافق 22 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً