التطورات الأخيرة التي غزت حق حرية التعبير تبعث على القلق، إذ كيف يمكننا فهم تلويح وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي بإغلاق الجمعيات السياسية الأربع في حال رفعها «عريضة» شعبية يدور حولها خلاف في الرأي؟

الوزير قال ان ذلك ما يمليه «القانون»، في حين يتحدث الرأي الاخر أن ذلك يخالف المادة «29» من الدستور التي تكفل حق الشخصيات المعنوية/ الجمعيات للتعبير بالعرائض، وهذا أسلوب صامت وسلمي جدا.

ولكن يبدو أن الوزير دشن صلاحياته التي منحها إياه «قانون الجمعيات» في حل الجمعيات الأربع رغم ان ذلك قد يدعم الادعاء القائل بان الحكومة تسعي للتضييق على حق حرية التعبير الذي كفله دستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواثيق والاتفاقات الدولية التي وقّعت عليها البحرين. والاتفاقات الدولية توازي في قوتها القانونية «القوانين والتشريعات الوطنية» وذلك بحسب دستور المملكة، ولكن يبدو أن الرجوع الى القانون لا يتم إلا عند الحاجة!

البعض يرى ان مسلسلا لتقييد الحريات بدأ مؤخرا نتيجة لاحتدام الخلاف في الرأي حول بعض القضايا الحساسة. واخيرا نغصت وزارة العمل الاجواء على «الاتحاد النسائي» بتغييرها وإضافتها وحذفها للمواد الجوهرية في نظامه الأساسي التي تقدمت به اللجنة التحضيرية بعد أن تنازلت عن عضوية اللجان والأفراد، كما طلبت منها «العمل». إذ حذفت من نظامها المواد التي تفسح المجال «لحرية التعبير» تحديدا وذلك بحذف البند (10) الذي ينص على «تدشين موقع على شبكة الانترنت» وإضافة مواد تفسح المجال لـ «الرقابة المسبقة»، ومنها البند (1) من المادة (10) من النظام المعدل الذي ينص على: «أخذ موافقة مسبقة من وزارة العمل عند تنظيم المشاركة في ورش العمل وحلقات النقاش». وإضافة البند (2) من المادة نفسها الذي ينص على: «استخدام وسائل الإعلام المختلفة للتعبير عن قضايا المرأة بعد أخذ موافقة مسبقة من الجهة المختصة. كما ذكرتهم ببند «عدم الاشتغال بالسياسة». وبررت «العمل» تعديلاتها بهدف «الاتساق مع القانون» على حد تعبيرها.

ويبدو أن «العمل» في الفترة الأخيرة مشتاقة لمنافسة وزارة الإعلام في تقييد «حرية التعبير»! يبدو ان قانون الجمعيات ورزمة القوانين الأخرى بما فيها «المطبوعات» و«العقوبات» الصادر 1976 وقانون الاجتماعات العامة والمواكب الصادر 1973 كلها جاهزة لنزع «الأكسجين» عن الحريات الراقدة في غرفة العناية المركزة