العدد 588 - الخميس 15 أبريل 2004م الموافق 24 صفر 1425هـ

إصلاح التعليم الثانوي يبدأ بإصلاح التعليم الابتدائي

تعقيبا على موضوع «التعليم ثم التعليم ثم التعليم»

نعمة علي الصفار comments [at] alwasatnews.com

لقد استوقفني مقال رئيس التحرير منصور الجمري بالعدد (585)، بخصوص التعليم والتركيز على تطويره وربطه في ضوء مؤتمر تطوير التعليم الثانوي لتوحيد المسارات، وانا أدعم وجهة نظره الخاصة إذ إن صلح التعليم وأساسياته في بلدٍ ما، صلح معه المجتمع وتطور. وقد عقد مقارنة بسيطة وسطحية عن التعليم في البحرين بين المدارس الخاصة والحكومية واتساع الفجوة بين طلابهما، وكنت أتمنى أن يترك الكاتب نشأة التعليم في العصور الوسطى ونشأة المدرسة الحديثة والحديث عنها ويسهب في موضوع التعليم ووضعه الحالي في مملكتنا البحرين لاسيما وأن الوزارة الآن تناقش موضوعا مهما وحساسا تتوقف عليه خطوات أجيال شتى قادمة وهو توحيد المسارات.

كان بالإمكان عرض أسئلة تربوية تطويرية خاصة بالمناهج وتخدم في مثل هذه الأوقات، وأسئلة تبين الفوارق في النتائج ومخرجات التعليم بالنسبة إلى المدارس الخاصة والحكومية. لماذا الفجوة كبيرة بين المخرجات على رغم أن المجتمع واحد؟ أهو بسبب الإمكانات والموارد المتاحة للمعلم سواء أكانت موارد مادية أم معنوية؟ أهو بسبب الدقة والعناية الفائقة في اختيار منهج مطور ومستحدث لتقديمه لفئات عمرية محددة خضع نفسيا وسيكولوجيا لمتطلبات كل فئة عمرية على حدة، أم بسبب الدعم والتشجيع والمساندة المتواصلة والمتابعة المستمرة لهؤلاء التلاميذ سواء أكان إداريا أم تعليميا أم أسريا ونفسيا؟ ألا يمكن لوزارة التربية مثلا أن تستعين باختصاصيين وواضعي مناهج وتربويين من مدارس خاصة والتعاون معهم لوضع مناهج مدارس حكومية ويتم تبادل الخبرات؟ لماذا يكون خريج المدارس الخاصة ضامنا لمستقبله الدراسي؟ ولماذا يكون خريج المدارس الحكومية ضعيفا في أفضل مادتين لدخول سوق العمل وهما اللغة الإنجليزية والرياضيات؟

هذا بحسب ما ورد في النقاط التي أكّد طرحها وزير التربية ماجد النعيمي في المؤتمر التربوي لتطوير مناهج الثانوية. «إذ إن الكثير من الدراسات أجريت على واقع التنمية في البحرين والدراسات والمؤتمرات التي أعدتها الوزارة منذ العام 1996م حتى العام 2004م وفي ضوء الدراسة التي أعدتها مؤسسة «ماكنزي» العام 2003م بتوصية من صاحب السمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد على ضرورة تطوير نظم التعليم وأن مخرجات التعليم الثانوي تعاني نوعا من الضعف في اللغة الانجليزية والرياضيات خصوصا، ما يتطلب معالجة هذا الموضوع على نحو شامل وعميق».

إذا فلماذا هذا الضعف؟ وما هي أسبابه وجذوره؟ ألا يجدر بنا الرجوع للخلف قليلا للتعرف على أصول هذا الضعف؟ فكيف يتطور منهج الثانوية إذا لم يتم تطوير مناهج الابتدائية؟ وكيف يتطور هذا المنهج إذا لم يتم القضاء أصلا على أصول المشكلة وأسبابها. وأكيد أن الضعف يكمن في المرحلة الابتدائية ويتفاقم شيئا فشيئا حتى يصل للثانوية، ومن ثم تكون المخرجات ضعيفة. فنرى تدريس اللغة الانجليزية في المرحلة الابتدائية سابقا من الصف الرابع الابتدائي فقط ويكون التلميذ في هذه المرحلة العمرية يقارب عمره 10 سنوات أي أكبر كثيرا بما يكفي لتدخل عليه مادة جديدة أخرى قد لا يستجيب لها من معلمٍ لا يجيد الأسلوب الذكي والفعّال لتوصيل هذه المادة، ولكن بتوجيهات من الوزير سيتم تطبيق تدريس اللغة الانجليزية من الصف الأول الابتدائي، فهنا الوزارة تكون قد قضت على جزء من مشكلة الضعف لهذه اللغة وذلك بتواصل تعليمها من البداية.

ولكن لابد للبحث عن بقية الأسباب لمعالجتها وتحديدها بدقة متناهية، لأنه «إن عرف السبب بطل العجب».

يتم تحديد عناصر المشكلة التي إما أن تكون في المنهج الذي لا يتلاءم مع الفئة العمرية، وإما في المدرس غير الملم بالأساليب المشوّقة في تدريس هذه المادة الغريبة نوعا ما لهذا الطفل، وإما في الموارد المتاحة للمدرس في توصيل هذا المنهاج للطفل. إذا فلابد من للتركيز على محور «المعلم» بصفته محورا مهما، ولابد من اختياره بعناية فائقة جدا وعدم التهاون بعملية اختيار مدرس كفؤ يتعامل بحذر ولطف مع الطفل ويحاول بشتى الطرق والأساليب المشوقة والمحببة جذبه إلى هذه اللغة ولا ينفره منها بصفتها شيئا جديدا لم يعهده، كذلك توفير موارد مادية ملموسة تخدم هذا المنهج وتدفع به نحو التنفيذ في المسار الصحيح.

فهذه مسئولية كبرى يتحمل وزرها الجميع: المعلم، واضعوا المناهج، الأسرة والإدارات المدرسية. ولابد أيضا لواضعي المناهج من التفكير مليا في التطلع لميول الطفل البحريني وليس الطفل العربي فقط، فما يناسب الطفل في لبنان ويميل إليه لا يلائم بالضرورة الطفل في البحرين.

فلابد من تكاتف الجميع للأخذ بيد هذا الطفل نحو شاطئ الأمان، فإن صلح الأساس ستصلح معه بقية درجات السلم التعليمي الإعدادي والثانوي. ولابد من الرجوع إلى الأساس وربطه بسلاسل محكمة وحلقات لا يمكن حلّها وفتحها وإحداث فجوة بها، وخصوصا أننا مقبلون على عهد جديد في التعليم في مملكتنا الحبيبة، فلنضع أيدينا جميعا ومع الوزير وخطواته لتعم الفائدة الجميع ولا نجعل كلا يدلي بدلوه في إناء التعليم. أقول هذا بصفتي مدرسة عاشت من خبرة التعليم عشر سنوات وأتمنى أن يُتاح لي المزيد لمزيد من العطاء في مجال التربية

العدد 588 - الخميس 15 أبريل 2004م الموافق 24 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً