العدد 594 - الأربعاء 21 أبريل 2004م الموافق 01 ربيع الاول 1425هـ

غزة... احتفال مسرحي برائحة البرتقال

احتفلت غزة بـ «يوم المسرح العالمي» وكرمت المسرحيين بحضور لفيف من المسرحيين والمثقفين والمهتمين والجمهور الذين حضروا للاحتفال الذي تخللته عروض مسرحية وفنية على خشبة مسرح الهلال الأحمر في مدينة غزة مساء الخميس الماضي.

وليام شكسبير، آرثر ميلر، عبدالله ونوس، صامويل بيكيت، عبيدو باشا وأسماء أخرى لمسرحيين عالميين وعرب، واقتباسات من روائع المسرح العالمي، تناوب عليها الشاعران فاتنة الغرة وسائد السويركي خلال كلمات التقديم التي تناوبا عليها في الاحتفال الذي نظمته وزارة الثقافة الفلسطينية.

وكيل مساعد وزارة الثقافة، الشاعر أحمد دحبور، استهل كلمته الارتجالية بوعد الجمهور بأن تكريم المسرحيين والاحتفال بيوم المسرح العالمي هو باكورة احتفالات سنوية ستتبعها وزارة الثقافة لتكون معلما سنويا لتفعيل الحياة الثقافية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص وافتخارا بالمبدعين.

وقال دحبور إن مشاركة الشعب الفلسطيني للعالم بالاحتفال بمجمع الفنون «المسرح» يعني أن هذا الشعب متشبث بمعالم الحضارة عبر كيانه الخاص الذي يتميز به وأشاد بالمسرحيين الفلسطينيين الذين كان لهم دور مركزي في إحياء الحالة المسرحية العربية، مستشهدا بالنتاج المسرحي الفلسطيني الذي يدرس في الجامعات العربية مثل «مصرع كليب» و«ابن شهيد» لمحيي الدين الحاج عيسى، وأعمال برهان الدين العبوشي.

وفي مكاشفة مع الجمهور اعترف دحبور بالإبداع الفلسطيني الفردي على عكس المؤسساتي.

المخرج خليل طافش ألقى كلمة شكر فيها وزارة الثقافة والقائمين على الحفل، وبعد أن حبس دموعه بصعوبة قال: «كم هو عظيم أن يكرم شعبنا فنانيه على رغم هذه المعاناة الأسطورية ورغما عن ظلمة الليل الثقيل، ان عظمة هذا التكريم تكمن في المعنى الإنساني الحضاري العظيم المتلألئ في جوهر الفكرة».

وناشد طافش المسرحيين «الحقيقيين» في العالم بأن يعززوا وقفتهم في التصدي لكل مظاهر القهر والبؤس والشقاء في هذا الزمان الذي باتت فيه شريعة الغاب هي المدعي والحاكم والجلاد وأن ينتصروا لإنسانية الإنسان وللقيم العليا ليسود الحب وتنتصر إرادة الحياة.

«جوة السور برة السور ولا تستنة يطلع نور اضوي العتمة بشمعة ايدك مالك نايم وقف قاوم حسبك تفكر ان النوم يهد السور» أغنية احتجاجية ودعوة إلى النضال كان يرددها المخرج أحمد أبو سلعوم في مظاهرة ضد جدار الفصل العنصري نظمها فنانون ومثقفون فلسطينيون في القدس المحتلة ساعة الاحتفال.

ولم يستطع أبو سلعوم من الوصول إلى غزة بسبب القيود الإسرائيلية فأرسل كلمة إلى الحفل ألقاها نيابة عنه المخرج على أبو ياسين قال فيها: إن مسيرته المسرحية مع زملائه كانت من أجل الكرامة وليس التكريم كرامة العيش بحرية والاعتزاز بالنفس، وأثنى أبوسلعوم على البادرة الطيبة التي تدل على توحد الفلسطينيين أينما كانوا في هذا الوطن الذي لا يقوى الإنسان على التعرف على جوهر إنسانيته إلا فيه. «لقد اصبح لدى الشعب الفلسطيني مسرحا» قالها ادوارد سعيد في محاضرة له في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وهي من أواخر المحاضرات في حياته، في سعيه إلى اثبات أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة مستقلة»، هذا ما بدأ به المخرج جمال الرزي في كلمة ألقاها باسم تجمع مسرحيّي غزة. وأضاف الرزي أن الإحساس بالحياة على رغم التعبير عنه بأشكال فنية هائلة لا يأخذ الطابع الإنساني المتكامل والفريد إلى حد الإذهال، إلا على خشبة المسرح وعبر عن أمله أن يصبح المسرح في غزة عادة، الأمر الذي لا يقل أهمية عن فكرة إنشاء جيل جديد على مبادئ من الحرية والعدالة.

مدير المركز الثقافي الفرنسي في غزة لوك بريارك، ألقى كلمة المراكز الثقافية دعا فيها المسرحيين والمثقفين الفلسطينيين أن يكسروا الحواجز التي تحجب تواصلهم مع العالم الخارجي، وأن يطيروا رسائلهم ومشروعاتهم المسرحية «عبر الإنترنت» لمشاركة مؤسسات ومسرحيين دوليين لتعريف الآخر بهم واكتساب تجارب جديدة. وفي كلمة «المسرح العالمي» قرأ تيسير المغاري، كلمة للكاتبة فتحية العسال قالت فيها إن المسرح هو الضوء الذي ينير للإنسان الطريق ويؤمن التواصل للمشاهد هو التواصل الذي يولد الدفء بيننا سواء كنا أمام النص المسرحي أو أمام خشبة المسرح.

ومن وراء جدار الفصل العنصري، بعد انتهاء الحفل قال المخرج أبو سلعوم، في اتصال هاتفي، «إن هذا التكريم ليس الأول في حياته لكنه المميز وله أثر كبير في النفس لأنه مطعم بصمود ونضال غزة، تكريما يحمل رائحة برتقال غزة وبحر غزة الذي أشتاق إليها».

وفي تعليقه على منع قوات الاحتلال الإسرائيلي له من الوصول إلى الحفل قال أبو سلعوم إن «إسرائيل» ما انفكت تحاول فصل جسد الوطن عن الروح عبر فصل الضفة الغربية والقدس وغزة عن بعضها، وان هذا الأسلوب الجائر لن يمنع التواصل والإبداع الفلسطيني.

أحمد أبو سلعوم، ممثل ومخرج من رواد المسرح الفلسطيني، من مواليد القدس العام 1953، بدأ عمله في المسرح العام 1973، أسس المسرح الشعبي الفلسطيني العام 1979 ورابطة المسرحيين العام 1989، حاز على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج العام 1995، يعمل حاليا مدير عام مسرح سنابل في القدس.

وعن المسرح الحقيقي، قال المخرج خليل طافش:، إن بذور المسرح الحقيقي تكمن في الالتزام بالمسرح الجاد والملتزم الذي هو أساس العمل المسرحي الذي من الممكن أن يُبدع فيه المسرحيون وعبر طافش عن أمنياته أن تحد الجهات الداعمة من شروطها لتطلق العنان للإبداع الذاتي والحقيقي.

خليل طافش، ولد في عاقر (قرية فلسطينية قرب أسدود احتلها الصهاينة العام 48) العام 1943، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة العام 69، أسس المسرح الوطني الفلسطيني والمسرح الجامعي في دمشق العام 73، أخرج الكثير من المسرحيات أبرزها «الكرسي» المنقولة عن «العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع» لمعين بسيسو، «مهاجر بريسبان» لجورج شحادة.

نجاح عوض الله، المنسقة الإعلامية لـ «تجمع مسرحيين من غزة» قالت إن «التجمع» هو مسمى غير رسمي لمسئولي مؤسسات وأشخاص فاعلين في المجال المسرحي في غزة وضعوا أيديهم بيد وزارة الثقافة للاحتفال بيوم المسرح العالمي الذي صادف السابع والعشرين من مارس. وأضافت عوض الله أن جريمة اغتيال الشيخ ياسين أعاقت إقامة الحفل في وقته المحدد كما أربكت الترتيبات وألغت بعض الفقرات التي كان من المفترض تقديمها إلى الجمهور. فرقة «فلسطين أوتار شرقية» بقيادة الماسترو إبراهيم النجار قدمت مقطوعة موسيقية «سماعي بيت العريان» أتبعتها بوصلة غنائية «خليك عالي رافع الجبين» أطربت المخرج طافش وجعلته يتوقف عن إشعال ولاعته للنظر في عقارب الساعة، وينشغل بالنقر على مجسم من الفضة الخالص صممه الفنان فايز السرساوي خصيصا لهذه المناسبة.

لم يكن طافش هو الوحيد الذي «اندمج» مع الوصلة الغنائية فالشاعر الكبير أحمد دحبور في أقصى يمين المسرح قابله في أقصى اليسار سفير فلسطين في اليمن، يحيى رباح، أخذتهما النشوة و«الدوزنة» ليشاركا المطرب وسام فرج والجمهور في وصلة من الأغنيات الشامية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً