العدد 2763 - الثلثاء 30 مارس 2010م الموافق 14 ربيع الثاني 1431هـ

اكتشاف أخطائنا

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

ينتمي المؤمنون بأولوية المصلحة الخاصة على العامة إلى فريق المخادعين، الذين يحيدون عن المصالح العليا، التي من ضمنها الوطن، وممارستهم التي تشير عكس خطابهم بدليل الخطوط الحمراء التي يرسموها في عقل العامة والخاصة بتبرير الأخطاء والعمل على تعويمها.

أما المخدوعون الذين يجب أن نتوجه إليهم بالحديث هم الضحايا الذين يعتقدون بمبادئ تتنافي مع مصالحهم بشكل يجعلهم جلادي ذاتهم جراء اعتقادهم بأن الدين النصيحة وهو نصيحة ولكن للأسف ليس مع حاملين هذا النوع من التفكير. والمقصود هنا هو من لا يقبل مناقشة الأخطاء وهي حجر الزاوية، وذلك يرجع لمفهوم (أنا دوما على حق) التي تنتهك باسمها حقوقنا وكرامتنا. فمن الملاحظ على الرغم مما جرى ويجري جراء تلك المفاهيم، فإن الأمور ليست كما تبدو لنا، خاصة والمتعلقة بتقبل ومواجهة أخطائنا، وإنما هذه الأخطاء تمضي دون توقف نحو التماثل والتشابه، لا التعدد والاختلاف، خاصة عند نقد الذات أو مراجعة أخطائنا، من منطلقات تدور في الميدان، التي يبرر بها التعدي على حقوق الإنسان من قبل البعض، وهي ليست إلا غطاء مصلحة لفئات عنيفة وفاسدة من الأفراد يمارسون الأجرام.

نعم يجب طرح التجاوزات ووعود الإسكان وما ورد في لجان التحقيق لأملاك الدولة وشركة ممتلكات وطيران الخليج وتقنين التجنيس الذي دفع وندفع ثمنه في المقام الأول من ثقافتنا. ولكن من المستغرب عند طرح مثل تلك القضايا يقف عندها الجميع وعند تناولها بأسلوب تهكمي أو ساخر أو متعالي يصفق البعض خاصة عند وصفها بأنها أحد الأمراض المستعصية ولا أمل في حلها، كما دس روح اليأس والضغينة أصبح أحد الأساليب المستحسنة لدى البعض. ولكن إذا ما تم تناول أخطاءنا وإن كانت واضحة للأعين يتم التعويم وخلط الأمور وكأن تناولها يعد من الكبائر والعياذ بالله أو كأن أخطاءنا فوق البشر و مقدسة. لذلك نرى أن مصلحة هؤلاء تتمثل في غياب الشفافية معك يعني التسليم بهذه المصلحة لتكون الغطاء النظري للمصالح الحقيرة التي تشكل في الواقع والفعل النقيض للمصلحة الحقيقية.

اعتقاد من هؤلاء المخدوعين المقتنعين بأن المجتمع لا يستقيم إلا إذا أخضع الفرد لمجموعة بعينها ويفضل أن تكون مذهبية لديهم، حيث بقدر ما تكون الثقافة السائدة والممارسة السياسية مرتكزة على تقديس المجموعة عبر أي شكل من أشكالها، بقدر ما تكون وطني بنظر هؤلاء.

لقد كان الخطأ والخطيئة في الأيديولوجيات الفئوية السياسية في البحرين أنها اعتبرت أن الوطن شيء آخر غير جملة المواطنين الذين يكونونه، وأنها اعتقدت أن حقوق المواطن لا تعني ضرورة تمكين الأشخاص الذين يكونونه بل تلك الشريحة التي يجب أن يعتقدوا بها من هذا الطرف أو ذاك. لذلك الفكرة التي يجب تدميرها في ذهنية المخدوعين هي إن الإنسان اسم جديد نغلف به البضاعة القديمة للفئوية التي تضع المصالح الأنانية أو الفئوية فوق مصالح المجموع، وهو الأمر الذي لا يمكن لعاقل أن يقبل به لما يتضمنه من أخطار على التماسك الاجتماعي الذي يعد الدرع الواقي للفرد والمجموعة علي حد سواء. ويبدو أن المهمة الجديد لدى البعض خاصة من تختلف معه، تتمثل في ضرورة تغيير نظرتنا تجاه الآخر، ومراجعة فهمنا لذواتنا وإعادة طرحنا لمفهوم قيمة الإنسان، أي ضرورة أن نتقاطع مع كل مفهوم لتوجه البعض، إذ لا توجد مفاهيم عمياء تقوم على إلغاء الآخر فقط لأنه يختلف في طرحة أو توجهه في قراءة الأحداث. كما انه لم يعد من المقبول أو المعقول في حياتنا اليوم إقصاء الآخر أو تهميشه وابتلاعه في دائرة الأنا. لذلك نقول إن اكتشاف الآخر أو الشخص لنفسه هو أهم ما عرفة الإنسان وأن يتحمل مساحة وجود الآخر الذي يختلف معه وليس مختلف. إننا نخفق في النظر إلى أنفسنا ككيانات، ولذا فإن الرأي الآخر ضروري، لاستكمال فهمنا لذواتنا، فنحن مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى، بتأصيل معطيات جديدة في التعامل مع الآخر، أهمها أن نصغي إليهم، بدافع التعلم منهم لا احترامهم فحسب خاصة خصومنا وأندادنا.

إن تعلم فن الإصغاء إلى الآخرين يعني ببساطة أننا راغبون في الدنو من الحقيقة واكتشاف أفضل أسلوب للتعامل فيما بيننا. ولما كان علينا أن نتعلم من أخطائنا فلا بد أن نتعلم أيضا أن نقبل - شاكرين- أن يوجه الآخرون انتباهنا إلى أخطائنا، وعندما نقوم نحن بدورنا بتوجيه انتباه الآخرين إلى أخطائهم، فعلينا دائما أن نتذكر أننا قد وقعنا نحن أنفسنا في أخطاء ويجب أن نجد من ينبهنا، لسبب بسيط إننا بشر.

أن الفرد عندما يقدم النقد فهذا لا يعني دراسته للحالة من الناحية الجمالية بل من حيث علاقتها بالإيديولوجيات والمؤثرات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية ونقوم بالكشف عنها وتحليلها بعد عملية تشريح الحالة من تلك الجهات. لذلك يكون النقد بعيد عن حدود التجاذبات السياسية داخل إطار المجتمع الواحد.

وبذلك يتم طرح أخطائنا المرصودة والمنقودة لكشف أنظمتها العقلية وغير العقلية بتعقيداتها وتعارضها.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2763 - الثلثاء 30 مارس 2010م الموافق 14 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • البحار | 4:46 ص

      دام حمد المجد وحفظه للبحرين وسخره له بطانه صالح لا تخفي عنه حقيقه

      نعم بوخالد رغم إنني مشغول لم استطع إكمال مقالتك لكن العقل دائما مع البيان وهذا ما قام بهي جلالة الملك حفظه الله وأبقاه ناصر للحق

    • زائر 1 | 6:59 ص

      بدون تعليق

      يعطيك العافية بوخالد صح لسانك مقال في محله تحياتي بو احمد

اقرأ ايضاً