العدد 2767 - السبت 03 أبريل 2010م الموافق 18 ربيع الثاني 1431هـ

أن تكون حُرّا!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

هل أنت حُرّ؟

إنه أحد الأسئلة الجدلية التي لن تجد لها جوابا شافيا أو صحيحا، فللإجابة عليها احتمالات نسبية متعددة. مفهوم الحرية كقيمة معنوية نملكها كأفراد لا يزال يثير مشكلات عدة. لأنه يرتبط في أغلب الأحيان بمفاهيم أخرى تحدده وتخنقه، وكأنما تخنق معه مفهوم الحرية.

في أدبيات السياسة تم تناول مفهوم الحرية من عدة جوانب، على رأسها الحرية الطبيعية، وهي «قدرة الإنسان على اتخاذ القرار بمعزل عن وجود قوى أو ظروف لا دخل للإنسان فيها سبق تحديدها قبل ميلاده، ولا يستطيع مقاومتها أو تغييرها».

هذا الأساس معتمد في الأمم المتحدة والذي صاغت من خلاله أغلبية اتفاقياتها الدولية التي صادقت عليها معظم دولنا العربية.

تلك القوى أو الظروف التي لا دخل للإنسان فيها والتي سبق أن تم تحديدها قبل ميلاد الإنسان هي في مجتمعاتنا الطائفة، العائلة، المستوى الاجتماعي، شكل الفرد وهيئته، لهجته، وهلمّ جرا.

يولد الفرد منا بكل هذه المكونات، لا دخل له في اختيارها أو تبديلها، لكنها تتدخل رغما عنه في صنعه لقراره ومصيره، تتدخل في حريته حتى تخنقه معها أحيانا.

في مقابلة متميزة أجراها الإعلامي تركي الدخيل في الحلقة التي عرضت أخيرا من برنامجه «إضاءات» على قناة العربية مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت شفيق الغبرا، أكد فيها الأخير أنه على الرغم من الإحباطات والمآزق المتكررة التي تمر بها مجتمعاتنا العربية، لا يزال هناك أمل في التغيير. الأمل في رأيه يتمثل في تعزيز مفهوم الحرية في هذه المجتمعات. أن تخلق مواطنا حرا يعني أن تخلق قدرة متحركة على التغيير.

هل يمكنك بالفعل أن تكون حرا في مجتمعنا، إلى أي مدى وبأي شكل؟ هل يغرس فينا المجتمع مبادئ الحرية التي ستكبر بالضرورة معنا لتنعكس في النهاية على ممارسة الفعل السياسي، وحريته؟

كطالب أو طالبة في المدرسة أو الجامعة، هل أنت حر في مناقشة أستاذك أو معلمتك؟ هل لديك الحرية في مناقشة ما تتضمنه مناهجك الدراسية ونقدها أو انتقادها.

أم أننا نخلق «كتبا مقدسة» عديدة لا يمكن وضع أي علامات استفهام عليها. كعضو في الأسرة، هل تمتلك الحرية لمناقشة من هم أكبر منك سنا في العائلة، أم أن ذلك يعتبر في عرفنا الاجتماعي «من قلة الأدب وطول اللسان». في ممارستك الاجتماعية، الدينية، الثقافية، هل تمتلك حرية الاختيار، هل تتوقف أصلا للحظة لكي تختار، أو تقيم مدى قدرتك على الاختيار؟ هل تتوقف لتقيم كيف ساهمت تلك العوامل الطبيعية التي ولدت بها، طائفتك، دينك، اسم عائلتك، لهجتك، نوعك الاجتماعي، في وضع قيود مفترضة على حريتك حتى قبل أن تولد. وكيف ساهمت في تشكيل مسار حياتك.

عملنا السياسي في البحرين يتشابه مع باقي المجتمعات العربية، هو نتاج لبيئة لم تعودنا على الحرية، لم تعلمنا كيف نتنفس الاختيار. بل إننا نصطدم وننصدم بكل من يتحدث معنا فجأة بحرية، لأنه أمر طارئ غير طبيعي، الطبيعي هو المنع /القيد /الرقابة.

الطائفية بحد ذاتها ليست عيبا، فالمجتمعات تعددية بالضرورة، قائمة على وجود مجموعات من الطوائف التي تتعايش مع بعضها البعض. هذا أمر طبيعي، أما غير الطبيعي فهو أن يفرض الانتماء الطائفي قيودا على حرية الإنسان في اتخاذ قراره، أن يصبح هذا الانتماء مقياسا رئيسيا لتفضيل فرد على آخر، وفئة على أخرى. سواء كان ذلك في البيت، أو المدرسة، أو الجامعة، أو المؤسسات السياسية أو الرسمية. كلها سواء، لأنها كلها تساهم في سلبنا ذلك الحق الطبيعي الأصيل الذي ولدنا به، الحق في أن نتنفس، الحق في أن نكون أحرارا

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2767 - السبت 03 أبريل 2010م الموافق 18 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 8:51 ص

      كونو

      نرجو من الاخت كاتبة المقال اعادة منهجتها قي الكتابة وتركز على المضمون لا التفاصيل الثانوية بدكرني هذا المقال كلمة للامام الخسين عليه السلام ان لم يكن لكم دين فكونو اخرارا قي دنياكم وفقك الله لما فييه كل خير

    • زائر 4 | 7:31 ص

      الحرية قيمة افتراضية

      الحرية قيمة افتراضية وغير موجودة في الواقع ولكن فكرة التحرر هي حافز المستعبد للثورة على اوضاعه، وملهم الفنان في رسوماته والشاعر في قصائده والموسيقي في الحانه جميعهم يبدعون توقاً لحرية ليس لها وجود الا في عقولهم وارواحهم

    • زائر 3 | 5:07 ص

      14 نور *// تابعع للحرية

      أن يمحوا حق الناس بالحرية وعدم إمكانية إستمرار العبودية فكما سمعنا بأن الطفل يولد من بطن أمه حراً فمتى كان عبداً الإنسان عبدُ ُ لله فقط إلا من إختار ذلك بأن يكون عبد الدينار والدرهم فهو هنا أيضاً حر في إختياره, هو حرُ ُ في أن يكون عبداً لله أو أن يكون عبداً للمال أو أن يبيع نفسه لأهواء الدنيا أو أو أو , ولكن الإنسان حرُ ُ من أول يومٍ يخلق فيه فلا يحق لأحد أن يسلبه حريته .

    • زائر 2 | 5:01 ص

      14 نور

      الحرية, كلمة من 6 أحرف ولكنها أدت إلى مصائب نتج عنها فوائد, وأعني بكلامي بأن الحرية كلمة خلقت الثورات ضد الطواغيت وغيرهم من سراق الأرزاق وقطاع الأعناق و في خضم هذه الثورات سقط الكثيرون في سبيل إنجاح كل من هذه الثورات فبعض الثورات بقت لسنونٍ طوال جداً بحيث أن قائدها يموت ويستمر بها قائدُ ُ آخر ليؤكد إستمراريتها ولكن بعد كل ثورة يكون هنالك الإنتصار بعد سقوط الذين سرقوا قوت الناس وسجنوهم وقتلوهم وعذبوهم لنيل العبودية منهم ولكنهم لم يستطيعوا

    • زائر 1 | 2:36 ص

      شخصيتك قويه

      (كعضو في الأسرة، هل تمتلك الحرية لمناقشة من هم أكبر منك سنا في العائلة، أم أن ذلك يعتبر في عرفنا الاجتماعي «من قلة الأدب وطول اللسان».)
      مع احترامي الي الكاتبه بس مب لهذي الدرجه - كون شخصيتك وتناقش مع الاخرين باسلوب حضاري حتي لو كانو اكبر منك سيقدرونك ونحن في البحرين مجتمع فاهم وليس غوغاءي
      ابو أحمد

اقرأ ايضاً