العدد 603 - الجمعة 30 أبريل 2004م الموافق 10 ربيع الاول 1425هـ

العريّض:لا أشعر بالتهميش... ولست بحاجة الى اعتراف الغير بفني

أحد رواد الفن التشكيلي

في الطابق الثاني من «الملتقى الثقافي الأهلي بالمصلى»، تجتمع مجموعة من الفنانين من محبي فن الحفر (الجرافيك) في اندفاع وحماس كبيرين واجتهاد في صنع أشكال ولوحات فنية زاهية، وسط آلات وأدوات عرفت ملمس أصابعهم القادرة على صنع الجمال.

وهناك وعلى كرسي طويل وإلى جانب طاولة ولوحة معدنية وعلى رغم كونه رائدا ونجما كبيرا في سماء فن التشكيل في البحرين أخذ الفنان عبدالكريم العريض بصنع لوحة فنية جرافيكية، في حب أشبه بالحب الصوفي للأرض والبيئة البحرينية، وهو الملمس الذي ظل يميز أعماله طوال رحلته الفنية الطويلة، هو وزميله الفنان راشد العريفي. وهنا وفي هذا اللقاء مع صحيفة «الوسط» يأخذ بنا العريض في تفاصيل تلك الرحلة والاجتهادات الكبيرة التي صنعها الرواد في ارساء الفن مع إشارة خاصة إلى فن الجرافيك وملتقى أصيلة البحرين للثقافة والفنون.

ذكريات العريض

نريد أن نرجع بك إلى ذكرياتك الأولى ودخولك بيت التشكيل وحجرة الجرافيك تحديدا...

- مع رجوعنا إلى البحرين بعد تجربتنا في مهرجان أصيلة بالمغرب، بدأنا العمل لوحدنا إذ دشنا معرضا العام 1984 يحوي أعمال أربعة فنانين بحرينيين وهم: ناصر اليوسف، إبراهيم بوسعد، كامل بركات وعبدالكريم العريض. وكان معرضا خاصا بفن الجرافيك، تلك كانت التجربة الأولى لفن الجرافيك في البحرين، وطوال هذه السنوات وعلى أيدي فنانين من الجيل التالي لنا تطور الاهتمام بفن الجرافيك حتى خرجت هذه الورشة اليوم وتحت سقف ملتقى البحرين أصيلة للثقافة والفنون.

وهل يبقى قدر الفنان مرتبطا بالسياحة؟

- من البديهي أن يكون خروجها مترافقا مع الجانب السياحي المتطور للمملكة، الأمر الذي يخدم الفن وسياحة البلد، وفي الوقت نفسه لنخرج بسياحة ثقافية، تقام طوال خمسة عشر يوما تستقطب السياح وتحسن الوضع الاقتصادي، وهو ما يعد زخما ودفعا للمشروعات الاقتصادية المرتبطة بعملية السياحة، ودعما أيضا لتكوين علاقات انسانية بين الشعوب المختلفة وخصوصا دول العالم الثالث التي لا شك ستستأثر البحرين وفنها وفنانوها باهتمامها، ما يولد تلاقحا فكريا يثري الفن والسياحة.

الوظيفة الفنية

وكيف وجدت الاقبال على هذه الورشة؟

- الأمر الملاحظ على هذه التجربة الأولى الاندفاع من قبل الفنانين سواء منهم الشباب أو المتقدمون في السن للعمل بجد على اخراج لوحات جرافيك متميزة، تثري الوظيفة الفنية في البحرين إذ يتم توظيف أعمال الحفر والجرافيك في المطابع والإعلانات وفي الصحف والمجلات وإخراج الكتب، لنكسب بذلك أيدي فنانين مهرة أي كوادر بحرينية نستغني بها عن الكوادر الأجنبية، وربما دفع ذلك فنانينا للمشاركة بقدر أكبر وتوجه أقوى نحو المشاركة في البانيلات العالمية فيعلنون بذلك عن بلادهم وتقدمها الثقافي والفني.

وما الذي بيد الفنان ليسهم في كل ذلك؟

- إن المجتمع بحاجة إلى أشياء كثيرة والفنان يعمل لأجل الآخرين فقدره مرتبط بعمله الفني باستمراريته وبحثه عن تقنيات جديدة واطلاعه على ما يدور في العالم، اما أن يجلس لا يراوح مكانه مكتفيا بالاستماع إلى ما يدور حوله حتى ما ظهر اكتفى أيضا بتقبله، فذلك تصرف غير سليم، فالفنان أصبح ضرورة معاصرة شأنه شأن الصحف والكتب التي لا تستغني عن الفنان ضمن أشياء وموجدات كثيرة، فالكل يحتاج إلى الفنان في صنع الاعلانات والماركات التجارية وغيرها من الحاجات.

والمرأة الفنانة، أين موقعها في كل ذلك؟

- الحركة التشكيلية المرتبطة بالمرأة لا يمكن الكلام عنها من دون الحركة التشكيلية ككل، فالمرأة تهوى أن يكون لها دور بارز وبعض الفنانات لدينا يمتلكن ملكات وطاقات ممتازة، ولكن المرأة وبحسب ما ألاحظ تميل للأعمال التطبيقية كالحفر والخزف، لكن الأعمال الفكرية يستأثر بها الرجل أكثر، إذ إن الفكرة التي أتى بها الرواد وهي فكرة «البيئة والتراث» ثم فكرة الأصالة والمعاصرة، احتضنت الجميع، حتى جاء الفنانون أيام الثمانينات بأفكار المدرسة العالمية ولم نكن معارضين وقتها لهذه الأفكار ولكن كان اصرارنا على عدم تنكر الفنان لذاته، فالحرص على العالمية يجب أن ينطلق من الحرص على التعبير عن البيئة المحلية إذ كنا نرفض أن يكون الفنان المحلي أداة طيعة للمدارس الغربية بل أن يرجع إلى منبعه التراثي والبيئي ليحقق العالمية.

الخصوصية البحرينية

وهل استطعنا تحقيق خصوصية لفننا البحريني؟

- لقد لمس المهتمون هذه الخصوصية منذ العام 1966 عندما شاركنا نحن الرواد في معرض عالمي كان يدعى «معرض الشرق الأوسط» ضمن دول الشرق الأوسط التي شاركت فيه، وأذكر أن أحد النقاد الإيطاليين وكان يتفرج على أعمال المعرض وقف طويلا عند لوحة الفنان البحريني حسين قاسم والتي كانت تدعى «القلاف» فقال إن أعمال البحرين أعمال نقلت بيئة المنطقة، فهو عندما يرى هذه اللوحة يعرف تماما أنها من منطقة الخليج.

كونك احد الرواد في الفن التشكيلي. لماذا تم استبعادكم من المعرض السنوي للفنون التشكيلية؟

- نحن نشعر بالغبن، فهناك أوقات نشعر فيها أننا مهمشون في الوقت الذي نجد فيه أن الدول المجاورة وعندما يبرز أحد أبنائها ويضع لبنة قوية لعمل أو فن ما، يحرصون على اشراكه دائما في كل ما يخص توجهه وعطاءه، ولكننا وعلى رغم كل ذلك لا نعبأ كثيرا فنحن من صنعوا أنفسهم وتعبوا كثيرا إيمانا منهم واقتناعا بالفن الذي وهبوا له حياتهم، لذلك لا أشعر أننا نلقي أهمية كبيرة لذلك، فنحن لسنا بحاجة إلى اعتراف أحد بنا. وحكاية المعرض السنوي للفنون التشكيلية حكاية كغيرها من الحكايا، فنحن أول من أسس هذا المعرض ثم تبنته الدولة، ولكن ما حدث هو أن متسلقين حولوه إلى مصالحهم الذاتية، واتخذوا جانبا فنيا أو رؤية واحدة أو مدرسة واحدة على حساب مدارس فنية أخرى، فمن ينتمون إلى هذا التوجه هم الحقيقون بالجوائز فقط وغيرهم لا، وليس أدل على ذلك من أن جوائز المعرض السنوي تحتكرها أسماء بعينها.

مستقبل الفن

وكيف تنظرون إلى مستقبل الفن التشكيلي وفن الحفر في البحرين؟

- لقد بدأنا من الصفر حيث لا شيء وحيث كانت رؤية الناس لنا ونحن نمارس الرسم في الهواء الطلق تثير الضحك والسخرية، لكن الجيل الجديد من الفنانين استوعب الدرس جيدا فقام البعض منهم ولا أقول كلهم بالاستفادة من الدراسة النظرية إذ استطاعوا من خلالها تكوين شيء جميل ومهم في الفن، وأصبح البعض منها يتقمص الفن فيعيش فيه وفي عالمه الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، إذ لو لم يكن هناك من يتولى حمل مشعل الفن من جديد لما وجدت هذه الحركة التشكيلية الثرية اليوم، لقد باشرنا العمل منذ الخمسينات وطوال ثلاثين سنة كانت الأرض جرداء، وصبرنا وصابرنا حتى أتى جيل الثمانينات فكان على قدر المسئولية فتولى سواقة السفينة وهذا ما جعل من الفن ضرورة وحاجة ملحة يريد اشباعها الفنانون اليوم بشكل أكبر

العدد 603 - الجمعة 30 أبريل 2004م الموافق 10 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً