العدد 608 - الأربعاء 05 مايو 2004م الموافق 15 ربيع الاول 1425هـ

الجمعيات السياسية أمام المحك

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حتى الأيام الأخيرة كانت التحركات السياسية مملوءة بالخطابات المتضاربة والتصريحات المتناقضة والتحذيرات والإنذارات الصادرة من هذا الطرف أو ذاك، من دون أن يستشعر البعض خطورة الموقف الذي وصلنا إليه. تغير الأمر بعد اعتقال عدد من المواطنين الذين كانوا يجمعون توقيعات لعريضة الجمعيات المقاطعة، وفجأة وإذا بالخطاب السياسي يهتز من كل جانب. ووصل الأمر إلى أن تصدر الجمعيات السياسية الأربع بيانا تقول فيه إن محتوى بعض التصريحات الرسمية الاخيرة من شأنه أن يحولها إلى جمعية خيرية وينهي الصفة السياسية عنها بصورة قاطعة، وإن ذلك معناه انتهاء العمل السياسي العلني المنظم.

نعود إلى الوراء قليلا ونسترجع بعض الأمور لكي لا تختلط الأوراق أكثر مما هي عليه. قانون الجمعيات الحالي لا يجوّز العمل بالسياسة، ولكن الحكومة أعلنت أنها ستسمح للجمعيات بالعمل السياسي، بانتظار إصدار قانون ينظم العمل السياسي. بعد ذلك تدخل جلالة الملك قبيل الانتخابات النيابية في سبتمبر / ايلول 2002 وسمح للجمعيات بأن تطرح قوائمها الانتخابية وكأنها أحزاب سياسية.

وبحسب وجهة نظري سيبقى إعلان الملك هو الأساس حتى يصدر إعلان آخر معاكس. كما أن الحديث كان دائما يدور حول انتظار قانون ينظم العمل السياسي ضمن أحزاب أو أي ترتيب يتفق عليه البرلمان.

المشكلة تطورت في فترة الانتقال من صفة جمعية إلى صفة حزب، لأن هذا الانتقال مرهون بعمل البرلمان. وجزء من المشكلة يقع هنا، لان الجمعيات الأربع قاطعت الانتخابات النيابية وهي تصرح (أحيانا) بأنها لا تعترف بالبرلمان. وبهذا خسرت الجمعيات مساندة عدد غير قليل من النواب الذين يحملون أفكارا قريبة منهم، واعتمدت على المساحة «الغامضة» في التشريعات، على أمل أن يتدخل جلالة الملك لتسيير الأمور في هذا الاتجاه أو ذاك، وتعزز هذا الفهم أكثر عندما تدخل الملك في اواخر 2003 لإلغاء الدعوى التي تقدمت بها وزارة الإعلام ضد «الوفاق» بشأن مسرحية «أبوالعيش» .

آثار رفع الدعوى وثم إلغاؤها كانت سلبية نوعا ما، لأنها خلقت أجواء «سامرية» تتحدث عن «خشية» الجهات الرسمية من التعرض للشارع الشيعي الذي تود مصالحته، وتهدئة الأوضاع على أساس نوع من التفاهم المتماسك على رغم وجود الاختلافات في وجهات النظر. هذا الفهم أوجد حالا غير صحية في الخطاب المستخدم في بعض المحافل، وهو ما أثار الجهات الرسمية التي وجدت أن بعض الخطوات التي اتخذتها عادت عليها سلبيا. بل ان بعض الاصدارات غير المسئولة والمواقع الالكترونية المنفلتة صعدت من لغة الشتم والتعرض حتى لشخص الملك، ولذلك بدأت الموجة تتغير والنغمة تنقلب إلى التحذيرات، وثم التصريحات الواضحة والرسائل الرسمية، وبعد ذلك «تنفيذ القوانين القاسية» التي خلفتها الحقبة السابقة لمرحلة الانفتاح.

والحق يقال، فإن قادة الجمعيات السياسية، ولاسيما الشيخ علي سلمان، هم من أكثر الأشخاص تفهما واعتدالا في الطرح ويودّون لو تمكنوا من طرح ما يختلفون فيه مع الجهات الرسمية بأسلوب يحفظ ماء وجه الجميع. لكن الأجواء السياسية أصبحت مشحونة جدا منذ تعكير الاحتفالات الرسمية في العيد الوطني في 16 و 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وثم تعكيرها (من وجهة نظر الرسميين) في 14 فبراير/ شباط، وثم التهديد بتعكيرها في يوم «الفورمولا 1» في 4 أبريل/ نيسان.

قبل «الفورمولا 1» اقتربت الأمور من المصادمة ولكنها هدأت قليلا، وكان واضحا أنه «هدوء مؤقت جدا». تحدثنا كثيرا وكثيرا مع من يعنيهم الأمر، ولكن من دون جدوى، إذ ثبت أن الشحن من الجانبين كان جاهزا للتدشين على أرض الواقع بأي شكل من الأشكال... وكان ما حدث أخيرا. والسؤال هو: هل نعطّل عقولنا ونستسلم للواقع، أم نبحث عن وسيلة لتقريب وجهات النظر وتوجيه المسيرة السياسية إلى حيث ينتصر الجميع؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 608 - الأربعاء 05 مايو 2004م الموافق 15 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً