العدد 615 - الأربعاء 12 مايو 2004م الموافق 22 ربيع الاول 1425هـ

هل يفعلها الأميركيون ويعيدون صدام إلى السلطة؟

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

يروي ابو زينب (34 عاما) حلما رآه في منامه، الا وهو انه بحلول 30 يونيو/ حزيران المقبل يخرج على العراقيين بول بريمر ليعلن لهم، انه بسبب الفوضى القائمة وبسبب عدم التوافق على حكومة عراقية، وبسبب ان العراقيين لا يرضون على احد قررت واشنطن إعادة صدام حسين مرة اخرى ليحكم العراق ويضبط الامور فيه بطريقته الديكتاتورية المعهودة.

كثيرون ممن سمعوا حلم أبوزينب ويعرفون الرجل يدركون انه ربما ليس حلما وانما رغبة وامنية تراوده منذ سقوط صدام، فالرجل كان مستفيدا ماديا من صدام، اذ كان يغدق صدام مكافآت مالية سخية عليه لكون والده احد كبار قادة الجيش العراقي، وتوفى منذ خمس سنوات طبعا ليس في ساحات الوغى وانما بسكتة قلبية.

ولكن أمنية ابو زينب وحلمه يراود عراقيين كثيرين ليس بالضرورة كانوا يحبون صدام او كانوا مستفيدين من نظامه، وها هي فيان فيصل (40 عاما)، تقول انها عانت الكثير بسبب نظام صدام، فلقد تغير مسار حياتها بعد ان اعدم نظام صدام والدها وصادر امواله المنقولة وغير المنقولة حتى الدار التي كانت تسكنها فيان واخواتها وامها، وتبعا لهذه الحقيقة تغيرت مسارات حياة فيان واضطرت الى ترك دراستها والخروج الى العمل في وقت مبكر، وربما بسبب ذلك غادرتها فرصة الزواج. على أي حال فيان نفسها الآن تتمنى عودة صدام، وتقول «نعم اتمنى عودته على رغم معاناتي بسبب بطشه ومعاناة عراقيين آخرين منه، ولكن نحن بحاجة اليه كي تنضبط الامور، ولكي نستطيع ان نخرج الى الشارع من دون هذا الخوف القائم والمستمر منذ أكثر من سنة».

حقيقة موقف فيان يدعو الى الاستغراب، غير ان موقف كريم محسن (45) الذي اعتقله نظام صدام لاسباب سياسية لمدة عشر سنوات يتوافق معها ولكن من منطق آخر، إذ ان كريم محسن اعتقله الاميركيون لثلاثة اشهر. ويوضح ان التعذيب الذي مورس معه من قبل الاميركيين يؤكد ان صدام ارحم: «دعوه يعود»، قالها بطريقة منكسرة وقد فرت دمعة حزن من مقلتيه.

طبعا أضغاث احلام ابو زينب وموقف فيان وكريم لا يبرر للاميركيين ان يعيدوا صدام، واعرف مثلما يدرك غيري من العراقيين ان ذلك ضرب من المستحيل لكن المسألة تثير الكثير من علامات الاستفهام من حيث ما يعتمل بالادراك الجماعي العراقي من سطوة «نظرية المؤامرة» ليس في تفسير او قراءة الحوادث فحسب وانما أكثر من ذلك في رفض الحقائق، فهذا محمد الدوري يقسم ان الاميركيين داهموا منزل اقربائه في تكريت بحثا عن صدام «الاسير» منذ اشهر لدى الاميركيين، وعندما استفسر الجنود الاميركيون من صاحب المنزل اذا كان صدام قد بات ليلته عندهم فأجابهم بالقول: «أو ليس صدام اسيرا عندكم؟»، جاءه الجواب بركلات وضربات تزجره عن الاجابة عن سؤال بسؤال.

على أي حال مثل الدوري كثير من العراقيين الذين يتداولون القصص عن صدام، الذي تقول خادمة المنزل آمنة عنه مخاطبة سيدتها ان الاميركان ذهبوا به الى الدوحة للقاء زوجته ساجدة التي انكرت ان يكون هذا الذي رأته هو زوجها صدام. وتعلق السيدة مستخدمة آمنة «مؤكد ان الاميركيين سيعيدون صدام».

سؤال هل يفعلها الاميركيون، وان كان غير معقول في زمن اللامعقول يحدث ارتباكا في اوساط قضائية عراقية بعد ما كشف مصدر قضائي عراقي عن توجهات أميركية جديدة تقضي بتبرئة الأسير صدام حسين وتحميل الجهات التنفيذية في النظام العراقي السابق مسئولية الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي. إذ قال قاض عراقي رفض الإفصاح عن اسمه: «إن سلطات الاحتلال نظمت دورة تأهيلية لعدد من القضاة العراقيين اشترك فيها القضاة المصنفون من الفئتين (أ) و( ب). وقد حاضر في هذه الدورة مسئولون كبار في سلك القضاء الأميركي. ومن بينهم نائب وزير العدل الأميركي، وتم خلال الدورة مناقشة الدستور العراقي المعمول به في عهد صدام وما يتضمنه من قوانين وتشريعات جزائية ومدنية».

وأفاد القاضي العراقي ان المسئولين في وزارة العدل الاميركية قالوا إن صدام لا يتحمل أية مسئولية جزائية عن الجرائم التي ارتكبتها أجهزة نظامه بحق المواطنين العراقيين، لأن الدستور العراقي كان يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، وان المسئولين التنفيذيين هم الذين يتحملون مسئولية الجرائم، موضحا ان الأميركان يعتقدون انه من الصعب توافر القرائن والأدلة المادية التي تثبت تورط صدام حسين في جرائم القتل الجماعي، او استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الأكراد، فليس هناك دليل مادي او وثيقة تدين صدام او تجرمه. وقال القاضي العراقي: «إن عددا كبيرا من القضاة العراقيين المشاركين في الدورة شاطروا الأميركان الرأي في صعوبة توافر القرائن القانونية لإدانة صدام، فيما أكد آخرون أن صدام كان يتصرف وفق الصلاحية التي منحها له الدستور، مستشهدين بفقرات من ذلك الدستور، موضحا ان الاميركان أكدوا للقضاة العراقيين ان التحقيق مع صدام انتهى وقد تم اختيار القاضي راضي الراضي، وهو قاض عراقي من الصنف الأول ليكون رئيسا للمحكمة التي ستحاكم رموز النظام السابق، ومن بينهم صدام. وتضم المحكمة عددا من القضاة العراقيين الذين لا يخضعون لتأثيرات مجلس الحكم.

وعلامات الاستفهام التي يثيرها هذا الكشف ربما تحتاج الى مستوى معين من التأمل والتفكير الجدي بمستوى الفشل الذي بلغه المشروع الاميركي في العراق ومن بعده في المنطقة عندما نقرأ ان جيمس بنكرتون، احد قادة الحزب الجمهوري، والمستشار السابق في البيت الابيض خلال ادارة الرئيسين رونالد ريجان وبوش الاب، يقول ان العراق يحتاج الى «رئيس قوي، وجاد، وقادر على استعادة الأمن والنظام». ليضيف ان الرئيس العراقي السابق المعتقل، صدام حسين، هو اكثر العراقيين المؤهلين للمنصب!

ويتابع: «لنأمل ان نقدر على اعادة صدام حسين. طبعا سيكون ثمن ذلك كبيرا وغاليا. ولكن ربما سنقدر على اعادته، وعلى تأسيس علاقة قوية معه، مثلما كان الحال قبل حرب الخليج».

ربما ان الرجل يسخر في اقواله، ومن المؤكد انه تهكم عندما قال «لحسن الحظ، ان دونالد رامسفيلد لا يزال موجودا، وربما سيقدر على الاتفاق معه مرة اخرى» (اشارة الى اللقاء بين الاثنين خلال ادارة الرئيس ريجان، قبل حرب الخليج). ولكن من غير الواضح ان كان بنكرتون مازحا عندما أشار الى الوضع الصعب الذي ادخل فيه الرئيس بوش نفسه، والشعب الاميركي في العراق. وقال ان صدام حسين سيقدر على حسم موضوع اسلحة الدمار الشامل، وطرد المقاتلين الاجانب من العراق، ومعاداة بن لادن، وتسوية العلاقة مع الاكراد

العدد 615 - الأربعاء 12 مايو 2004م الموافق 22 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً