العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ

بطاقة «مقاوم»... بين الحاج صغير والموسيقار مرهون

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

غمرت بفرحة وبإعجاب لتلك البطاقة المغربية الصغيرة التي تمنح للمقاومين القدماء، وما تحمله من دلالة كبيرة لتكريمهم على ما بذلوه من تضحيات قدموها إبان الاحتلال الفرنسي للمغرب الشقيق.

عندما التقيت ذلك العجوز المغربي في حيّ شعبي يدعى «باب الخوخة» بمدينة «فاس» المغربية العريقة في زيارة عائلية مع إحدى حفيداته، أبرز لنا الحاج صغير بن سليمان أثناء تجاذبنا أطراف الحديث معه بهدوء في بيته العتيق، هوية كتب عليها ببنط كبير: «بطاقة مقاوم».

قاطعته بفضول صحافي فور معاينتي لها، وهو يتحدث لإفراغ شريط ذكرياته عن السنوات الرهيبة في مرحلة المقاومة للمحتل: ما فكرة هذه البطاقة، ولمن تعطى، وما ترمز إليه وفائدتها؟!! رد بعجالة: «كل ما سألته مختزل في معانيها؛ فحاملوها يشعرون بالفخر دائما، لأنهم قاوموا المحتل لبلدهم بشجاعة وأكملوا مهمتهم بتحرير البلاد، وما نحن فيه الآن هو امتداد لكفاح الجيل السابق، إنه تاريخ من النضال».

وتابع: «ومن تمنح له هذه البطاقة يستفيد منها معنويا وماديا... معنويا: يرمز له بالتكريم واعتراف بكفاحنا وما قمنا به وما سجله التاريخ على مذبح الكفاح الوطني من أجل تحريره واستقلاله، أما المادي: فإن كل من يحصل على هذه البطاقة يمنح راتبا شهريا يسد الحاجة، بالإضافة إلى منحه ترخيصين لسيارتي تاكسي، وتلفظ باللهجة المغربية «طاكسي» نقوم بتأجيرها على آخرين كمصدر إضافي لدخلنا».

سألته: أين كانت تجري عمليات المقاومة التي قمتم بتنفيذها؟ فأجابني: «هنا في فاس، التي لم أخرج منها أبدا، لقد قتلت وجرحت عددا من الجنود الفرنسيين، ولي رفيق قتل سبعين منهم... كنا لا نهاب الموت». ثم تمتم بكلمات مغربية غير مفهومة وقال شيئا تعلمه على ما يبدو أثناء غمرة الكفاح ضد المستعمر ولايزال مؤمنا به: «الموت بشرف ولا العيش في الذل تحت وطأة الاحتلال!!».

سألني بن سليمان صاحب «بطاقة مقاوم» المغربية، وهو من مواليد العام 1936م، والمغرم بالولي الصالح «سيدي أحمد التيجاني»، عن كفاح شعبنا البحريني ضد المستعمر البريطاني الذي سمع عنه كثيرا، إن كانت مملكتنا تمنح مثل هذه البطاقة لكبار المقاومين ضد المحتلين آنذاك؟!

لم أكذب عليكم ولا عليه، أجبته بخجل: «لا!!» وحاولت أن أشرح له مرارة «لا» هذه و... أكملت: «إن المقاومين ضد الاستعمار ومن بينهم الفنان الموسيقار مجيد مرهون الذي حكم عليه بالمؤبد قضى زهرة شبابه في سجنه طيلة فترة حكمه من قبل المحتل على رغم خروج المستعمر واستقلال البلاد بعد ثلاث سنوات من اعتقاله»، لكن غصة كبيرة دخلت بلعومي ومنعتني من الكلام (...)

العدد 627 - الإثنين 24 مايو 2004م الموافق 04 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً