لعله يشكل بحسب وتيرة إقامته مرة كل عامين، أهم موعد للسينما العربية في العالم. ومع هذا فإن «مهرجان السينما العربية» الذي يقيمه معهد العالم العربي في باريس، لا يقام في أية عاصمة عربية، بل تحديدا، ومنذ العام 1992، في العاصمة الفرنسية.
في هذا العام يقدم المهرجان دورته السابعة، وذلك بين الأسبوع الأخير من يونيو/ حزيران والأسبوع الأول من شهر يوليو/ تموز المقبل. لأن لهذا الموعد أهميته القصوى، عادة بالنسبة إلى السينمائيين العرب من ناحية، وإلى المتفرجين هواة هذا النوع من السينما العربية في باريس من ناحية ثانية، كان المؤتمر الصحافي الذي عقد خلال مهرجان «كان» وقدمت فيه أسماء الأفلام المشاركة، حدث سينمائي حقيقي، وخصوصا أن المنتج التونسي طارق بن عمار يشارك في المؤتمر بوصفه هذا العام رئيسا فخريا له.
خلال الأيام العشرة التي تستغرقها عروض هذا «البينال»، سيعرض عدد كبير من الأفلام التي أُنتجت خلال العامين الماضيين. وذلك في عدة تظاهرات أهمها «المسابقة الرسمية». وكذلك سيكون في الأمر متسع لعروض من نوع آخر، ولأفلام قديمة تعرض في مناسبات موضوعية محددة. وفي هذ الإطار سيكون التكريم هذا العام لمجمل انتاج السينما العراقية، روائية أو تسجيلية، منذ العام 1948، عام الفيلم الأول «عليا وعصام» من اخراج أندريه شاشان، حتى العام الجاري 2004، الذي حقق فيه المخرج طارق هاشم فيلم «16 ساعة في بغداد». وهذه العروض من المؤكد أنها ستضع المتفرجين أمام سينما ليست معروفة بما فيه الكفاية، وحتى بالنسبة إلى المتفرجين العرب، كاشفة عن أفلام ندر أن سمع أحد بها من قبل، معيدة إلى الأذهان أفلام زمن مضى كان بعضها قد نال سمعته في حينه.
ومن أبرز ما سيعرض خلال هذه التظاهرة: «الحارس» (1968) لخليل شوقي و«الظامئون» (1972) لمحمد شكري جميل، و«الاهوار» (1976) لقاسم حول و«النهر» لفيصل الياسري... إضافة إلى أعمال أكثر حداثة كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة مثل «أُنس بغداد» لسمير... و«بغداد حاضرة غائبة» لسعد سلمان، وخصوصا «زمان... رجل القصب» لعامر علوان.
التاريخ السينمائي العربي يطل في «البينال» أيضا من خلال تكريم خاص يقام للفنانة مديحة يسري التي «تنتمي إلى الجيل الرائد من نجمات السينما المصرية الخالصات، الذي تلا جيل النجمات اللواتي قدمن من المسرح للعمل في السينما». وإذا كانت مديحة يسري، نجمة الخمسينات مثلت في أكثر من فيلم طوال حياة فنية تزيد الآن عن نصف قرن، فإن «البينال» يعرض سبعة من أبرز أفلامها، ومنها «الافوكاتو مديحة» و«لحن الخلود» و«حياة أو موت» و«إني راحلة» و«وفاء إلى الأبد». ونذكر أن ملصق المهرجان حمل صورة جميلة لمديحة يسري نفسها.
وإذ نبارح التاريخ لنصل إلى الحاضر... نصل فورا إلى التظاهرة الرئيسية: المسابقة الرسمية. وهي تظاهرة تعرض 13 فيلما من ثماني دول عربية هي: مصر («خريف آدم» لمحمد كامل القليوبي و«سهر الليالي» لهاني خليفة)، ولبنان («معارك حب» لدانيال عربيد)، والجزائر («اغتيال الشمس» لعبدالكريم بهلال و«المشتبه فيهم» لكمال دهان)، والمغرب («الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء» لمحمد علي و«خيط الروح» لحكيم بلعباس و«جارات أبوموسى» لمحمد التازي)، وموريتانيا («فاطمة الجزائرية من السنغال» لمحمد هندو)، وفلسطين («عطش» لتوفيق أبووائل)، وسورية («ما يطلبه المستمعون» لعبداللطيف عبدالحميد)، وأخيرا تونس («الكتبية» لنوفل عتابا و«دار الناس» لمحمد دقص).
ومن المفترض أن تختار الأفلام الفائزة بالجوائز الرئيسية للمهرجان لجنة تحكيم ترأسها الممثلة الفرنسية بول اوجيه. وهي اللجنة التي سيكون اختصاصها السينما الروائية، علما أن هناك تظاهرات أخرى للسينما التسجيلية والقصيرة تعرض فيها أفلام من بلدان عربية مختلفة.
أما التظاهرة الأخيرة في «البينال» والجديرة بالتنويه فهي تظاهرة العروض الخاصة، والتي تقدم فيها عادة أفلام لم تكن من الحظ، أو الدعم، بحيث تعرض في التظاهرات الأخرى. وكان يفترض أن يكون فيلم محمد خان الجديد «كليمتي» على رأس هذه الأفلام لكنه سحب في اللحظات الأخيرة لتبقى خمسة أفلام لعل أبرزها، وأكثرها إثارة للجدل «الطريق 181» من إخراج الفلسطيني ميشال خليفي والإسرائيلي ايال سيفان. وبقي أن نذكر أخيرا أن المهرجان سيفتتح - بحسب ما قيل حتى الآن - بفيلم يوسف شاهين الجديد «الاسكندرية - نيويورك»... كما سيقدم في عرض خاص فيلم يسري نصر الله الأخير «باب الشمس»... وهما فيلمان كانا عرضا خلال الدورة الأخيرة لمهرجان «كان»
العدد 632 - السبت 29 مايو 2004م الموافق 09 ربيع الثاني 1425هـ