العدد 636 - الأربعاء 02 يونيو 2004م الموافق 13 ربيع الثاني 1425هـ

بين الحقوقي والسياسي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الجدال الدائر بين وزارة العمل ومركز حقوق الإنسان بشأن مفهوم النشاط الحقوقي وفرقه عن النشاط السياسي ليس حوارا منحصرا في البحرين فقط وانما جذوره قديمة. فالوزارة تتهم المركز بأنه حركة سياسية متطرفة وهو ما يخالف اساس تشكيلها كمركز لحقوق الانسان يعنى بالتدريب والبحث والتوثيق، وان طبيعة هذه النشاطات هادئة وليست صاخبة.

فكرة تخصيص نشاط منظم من اجل حقوق الانسان بدأت بصورة قوية في مطلع الستينات من القرن الماضي عند تأسيس منظمة العفو الدولية في لندن. فالمنظمة تأسست بعد ان كتب احد المحامين البريطانيين مقالا دعا فيه إلى إطلاق سراح من اسماهم بـ «سجناء الرأي» في كل بقاع العالم. وحصلت تلك الدعوة على تجاوب كبير من الرأي العام البريطاني ما حدا بالمحامي للشروع في فكرة تأسيس منظمة العفو الدولية، وهي التي طرحت مفهوم «سجناء الرأي» وفرقت بين سجين الرأي و «المعتقل السياسي».

بالنسبة إلى «العفو الدولية» فإن المعتقل السياسي هو الذي ألقي القبض عليه لأنه حاول تغيير النظام بمختلف الوسائل. وفي هذه الحال تطالب «العفو الدولية» بأن تتم محاكمة المعتقل السياسي محاكمة عادلة وعلنية تلتزم بكل الضوابط الدولية. اما «سجين الرأي» فهو الشخص الذي اعتقل لأنه عبر عن رأيه، وتعتبر العفو الدولية ذلك جريمة بحق الانسانية يجب عدم السكوت عنها ويجب على السلطات المعنية الافراج عن سجين الرأي حالا من دون أية أعذار، لأن الانسان مجبول على التعبير عن رأيه وسجن أي انسان لهذا السبب يعتبر اعتداء على كل الإنسانية.

منظمة العفو الدولية تمارس نشاطها انطلاقا من بريطانيا باستخدام جهازين. الجهاز الأول هو المكتب الرئيسي المسجل رسميا، وله شخصية معنوية، ويقوم بتنظيم البحوث والدراسات والقيام بمهمات السكرتارية الدولية. الجهاز الثاني غير رسمي ويعتمد على الاعضاء المنتمين للمنظمة وهؤلاء يجتمعون في كل منطقة في مكان محدد ويتدارسون المواد التي ترسلها السكرتارية الدولية ويقومون بتبني بعض الاشخاص المعتقلين في أي مكان في العالم. وبعد ذلك يقوم كل شخص من افراد المجموعة بكتابة رسائل عدة وبصورة مستمرة الى سلطات ذلك البلد أو البلدان (سفارات وزارات داخلية وخارجية ورؤساء دول) يطالب فيها بالإفراج الفوري عن السجين الذي تبنته المجموعة. في الوقت ذاته تتبنى السكرتارية الدولية عدة قضايا رئيسية وتضغط باتجاه تحسين الظروف عبر مختلف الوسائل المتاحة، ومن بينها ارسال وفود الى الدولة المعنية والشكوى لدى الأمم المتحدة، الخ.

أثناء العمل يحاول ناشطو «العفو الدولية» التفريق بين دفاعهم عن سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين وبين دعوة هؤلاء الاشخاص التي قد تشتمل على مناداة بإسقاط النظام. بهذه الطريقة يفصلون بين الحقوقي والسياسي.

هناك نماذج اخرى للعمل الحقوقي تختلف عن «العفو الدولية»، ومن بينها «الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان» التي تتخذ من باريس مقرا لها. فالفيدرالية تربط بين الديمقراطية وحقوق الانسان وتعتبر الدعوة لدمقرطة النظام مترابطة مع الدعوة لتحسين حقوق الانسان، ولذلك فإنه بالامكان الخلط بين السياسي والحقوقي. على ان الفيدرالية تنتهج الفكر اليساري ولذلك فإن السياسة لديها منحازة ايضا للفهم اليساري، وهو ما يفرق بينها وبين العفو الدولية.

منظمة «هيومن رايتس ووج» الاميركية تتخذ مسارا وسطا بين «العفو الدولية» و«الفيدرالية الدولية»، وهي تجمع حسنات من الاسلوبين، ولكن يبقى القياس العام هو «العفو الدولية» التي اثبتت قدرتها على الفصل بين الحقوقي والسياسي على مدى اربعين سنة خدمت من خلالها الانسانية. وما نحن بحاجة اليه هو دراسة هذه النماذج والاتفاق على أنموذج يناسب وضعنا البحريني

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 636 - الأربعاء 02 يونيو 2004م الموافق 13 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً