العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ

أندية وجمعيات شبابية: استراتيجية الشباب لا تمثل كل الشباب

فيما يلفظ المشروع أنفاسه الأخيرة...

ما آخر مستجدات استراتيجية الشباب؟ وما المرئيات التي وضعت كأساس لانطلاق هذا المشروع الضخم، الذي يحمل بين طياته هموم قطاع كبير؟ المسئولون ينادون دائما بأن الاستراتيجية هي «من وإلى الشباب»، ولكن الواقع لا يبدو كما هو عليه... جمعيات شبابية لا تعرف شيئا عن الاستراتيجية، وأندية شبابية محبطة لتهميشها من على خريطة المشروع... والكل يلح بالسؤال: ما الذي يحدث؟ وهل صحيح أن هناك قلة قليلة من الشباب من وضعت أساسات المشروع؟ وماذا عما يقال عن تقوقع مسئولي لجان الاستراتيجية على أنفسهم، وسعيهم لاختيار أعضاء من جمعيات معروفة، وإهمال بقية أقطاب المعادلة الشبابية؟

رئيس جمعية أطفال وشباب المستقبل صباح الزياني يبدأ الحديث قائلا: «إن فكرة مشروع استراتيجية الشباب كمبدأ هي فكرة ممتازة جدا. دعونا مرة واحدة لحضور أحد اجتماعات الاستراتيجية منذ أربعة شهور تقريبا، ولكن هذه الدعوة لم تتكرر. إن الأمور واضحة جدا، فلا توجد سوى جمعيتين تشاركان في الاستراتيجية لأسباب معروفة لسنا بحاجة إلى ذكرها. والعذر الذي يقدم دائما هو أنهم يختارون الأعضاء عن طريق مسئولي اللجان».

وأكد الزياني أنه حاول جاهدا الوصول إلى المسئولين عن طريق الاتصال بهم شخصيا، وحصل على وعود جميلة منهم، إلا أنهم لم يعاودوا الاتصال كما وعدوه، وأشار إلى أن «الجمعية ليست بحاجة إلى المشاركة في الاستراتيجية، لأنها ستطبق على جميع الشباب في نهاية المطاف».

واستدرك الزياني: «ولكن يبقى في المسألة إشكال واضح، فالاستراتيجية - حتى لو طبقت على جميع الشباب - فإنها ستحمل مرئيات عينة أو فئة قليلة جدا من الشباب لا تمثل كل التيارات، ومن ثم فإنه من الخطأ أن يقتصر المشروع على أناس بعينهم، وخصوصا أننا قطاع الشباب بحاجة ماسة إلى أن نقترح، نضيف، نحذف، ونشارك في الخطط والمشروعات، لأن الاستراتيجية ملكنا، وهي ليست حكرا على جهة بعينها.

وأؤكد أن الاستراتيجية بهذه الطريقة لن تصل إلى طموح الشباب، ولن تحقق ما يتطلعون إليه. كنا نطمح أن يتم اختيار ولو عضو واحد من الجمعية، وفي أية لجنة كانت، إلا أنهم لم يتجاوبوا معنا... إن لجمعية أطفال وشباب المستقبل حضورها ومشاركاتها، لسنا بحاجة إلى أشخاص يتجاهلونا».

على صعيد متصل، أكد مجموعة من خريجي الثانوية العامة ممن تفوق معدلاتهم 95 في المئة، في حديثهم إلى «الوسط» أخيرا جهلهم بمشروع يسمى «استراتيجية الشباب».

ويأتي هذا في الوقت الذي تلفظ فيه الاستراتيجية أنفاسها الأخيرة، إذ تقدم الديباجة الأخيرة خلال الشهور القليلة المقبلة.

وعاتب متفوقون النواب، لتغاضيهم عن طرح هموم الشباب من على قبة البرلمان. من جهته أوضح المسئول عن استراتيجية الشباب من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي علي سلمان أن «حملة (عبر عن نفسك) ضمت أكثر من 10 آلاف شاب وشابة، كما أن الصحف المحلية نشرت ما لا يقل عن 150 مادة خبرية تتناول سير العمل في المشروع»، منوها إلى «أن التقصير في التعريف بالمشروع لا يقع على القائمين على المشروع، وإنما على الطلبة أولا إذ انهم لم يكلفوا أنفسهم متابعة أخبار الاستراتيجية التي من المفترض أن تعنيهم أكثر من غيرهم».

من جهة أخرى، أشار مجموعة من الشباب إلى أن القائمين على الاستراتيجية يشركون الشباب والشابات فعلا في طرح الرؤى، ولكنهم في النهاية يقومون باختيار ما يتفق مع وجهات نظرهم بغض النظر عن أهمية أو عدم أهمية الطرح الآخر، وهذا الأمر نفاه القائمون على الاستراتيجية بشدة، معللين ذلك بأن وضع الاستراتيجية جاء لإشراك الشباب، ويستحيل أن تمرر الأطروحات التي يقترحها الشباب سدى.

تهميش الأندية الشبابية

في الإطار نفسه، يروي المدير التنفيذي لنادي سماهيج الثقافي والرياضي ناصر حبيب الحايكي سعي النادي للانضمام إلى استراتيجية الشباب، قائلا: «الواقع المحزن، أننا سمعنا عن الموضوع، وللأسف فإن القائمين على المشروع شكلوا فريق العمل من دون علم أي من الأندية الشبابية. وعلى الفور اتصلنا بالمسئولين الذين أخبرونا أنهم لم يرسلوا دعوة إلى أي نادٍ، وأخبرونا أنه من الخطأ البت في العمل الشبابي من دون علم الأندية الشبابية، التي تنضم تحت مظلتها مجموعة كبيرة من الشباب، وكان ردهم بأنهم اعتمدوا على الجمعيات الشبابية». وأضاف أن «القائمين على المشروع وضعوا - بحسب وعودهم - اسم النادي على القائمة لإشراكه مستقبلا في المشروع. وبعد فترة أرسلوا دعوة إلى رئيس النادي عبدالحسن الحايكي لحضور حفل تدشين الاستراتيجية الذي ألغي، ومن حينها لم نعرف أي شيء عن الاستراتيجية. وضعت الأندية الشبابية خارج المعادلة، وإذا كان توجه القائمين هو الاهتمام بالشباب فمن الضروري إشراكهم فلقد سئمنا من سماع الشعارات الرنانة».

ومن جهته أكد رئيس النادي عبدالحسن الحايكي ضرورة عدم الاستهانة بدور الأندية، وخصوصا أن لها تاريخا طويلا في العمل الشبابي في مختلف الأطر. وطالب الحايكي بألا تهمش الأندية في مشروع خاص بها، وتوضع عليه علامة كما حدث في مشروع دمج الأندية.

المؤسسة خاطبت الجميع

في الإطار ذاته، نوهت المسئولة عن استراتيجية الشباب من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة أمل الدوسري بأن «القائمين على الاستراتيجية، دعوا مختلف الأطياف الشبابية منذ اللقاء الأول الذي حضره مجموعة كبيرة من رؤساء الجمعيات. ولدينا الدعوات كافة». وأما عن اختيار عناصر بعينها في المشروع، علقت الدوسري بأن «عدد الأعضاء يفوق الـ 200 شخص، وبالتالي يستحيل أن يكون كل هؤلاء الأعضاء منحصرين في جمعية أو جمعيتين. كما ولابد أن نقول إن المشروع لا يستطيع استيعاب كل الشباب، وبالتالي فإن عدم وجود أشخاص من أندية معينة، لا يعني بالضرورة عدم وجود أي شخص من أي نادٍ شبابي. كذلك نحن نختار أشخاصا لديهم مهارات معينة ومميزة».

من ناحية أخرى أوضح الدوسري أنه تم اختيار 6 من الشباب ليمثلوا البرلمان الشبابي البحريني في بريطانيا، وقالت: «بعد الورشة التي عقدت في الثامن عشر من أبريل/نيسان الماضي، كان الشباب مقسمين إلى مجموعات، وناقشوا ثلاثة محاور هي: كيفية تنظيم بنية البرلمان الشبابي، والانتخابات، وأهم القضايا التي ستناقش. وكان العدد يقارب الـ 200 شاب وشابة من مختلف المدارس، وحصرنا جميع الأفكار ولخصناها وبعثناها إلى جميع المشاركين. من ثم دعونا الشباب للمشاركة في اللجان، وتقدم 25 منهم، وكنا نريد أن نعرف مدى إلمامهم بالبرلمان، وثقافتهم العامة. واخترنا ستة منهم بالإجماع ليمثلوا البحرين في زيارة لبريطانيا في الفترة من الثالث عشر حتى الثاني والعشرين من الشهر المقبل».


الاستراتيجية... «من الشباب وإلى الشباب»

يزخر موقع استراتيجية الشباب بزخم كبير من المعلومات عن ماهية الاستراتيجية وأهدافها، ويبدأ الموقع بتعريف الزائر على الاستراتيجية إذ انها تعتبر وفي أية دولة بمثابة إعلان والتزام واضح من قبل الدولة لكي تدعم الأولويات والتوجهات الهادفة إلى تنمية فئة الشباب والشابات فيها. وتوفر الاستراتيجية إطارا عاما لتنمية الشباب والشابات وذلك بتحديد الأهداف والمصالح الوطنية وأولويات العمل الوطني من برامج وسياسات تؤسس لنظرة شمولية تعكس احتياجات الشابات والشباب.

ويؤكد القائمون على الاستراتيجية أن «البحرين أدركت قبل غيرها من الدول في المنطقة وفي العالم العربي أهمية تطوير استراتيجية للشباب والشابات، ولتنضم لأكثر من أربعين دولة في العالم اختارت أن تطور استراتيجية للشباب خاصة بها، إذ تكمن أهمية هذه الاستراتيجية للبحرين في أنها تشكل إطار عمل ينظم جهود كل المعنيين بتنمية الشباب والشابات، ويوحد جهودهم في سبيل الوصول لرؤية واحدة للجميع متفق عليها، تعكس خصوصية البحرين ومبادئها التي تؤمن بها. ولا مبالغة في القول إن استراتيجية الشباب تأتي من حيث الأهمية لكثير من الدول بعد الدستور والميثاق الوطني».

وستتكون عملية تطوير استراتيجية الشباب في مملكة البحرين من خمس مراحل الأولى هي مرحلة الإعداد والتحضير، وتشكل هذه المرحلة البنية الأساسية للبدء في عملية تطوير الاستراتيجية، وتشمل استشارة الشركاء الأساسين، وإعداد النماذج والأدوات الضرورية لجمع المعلومات، كاستمارة جمع المعلومات عن الشباب والشابات، واستمارة جمع المعلومات عن المؤسسات والبرامج التي تستهدف الشباب في البحرين، كما تشمل مرحلة الإعداد والتحضير تشكيل اللجان المعنية بالتنظيم والاشراف على سير العمل.

أما المرحلة الثانية فهي مرحلة جمع المعلومات وتعتبر حجر الزاوية في عملية تطوير الاستراتيجية، وستشمل هذه المرحلة استشارة الشباب والشابات في جميع الأماكن والمؤسسات التي يوجدون بها كالمدارس وغيرها، كما تشمل عقد مجموعات نقاش متخصصة في 8 محاور أساسية في الاستراتيجية منها على سبيل المثال الشباب والتعليم، الشباب وأنماط الحياة الصحية.

وتعنى مرحلة تنظيم وتحليل المعلومات بتطوير مسودة متكاملة وأولية من الاستراتيجية الوطنية للشباب كنتيجة لتجميع المعلومات والنتائج والتوصيات الناتجة عن عملية استشارة الشباب ومجموعات نقاش محاور الاستراتيجية.أما مرحلة إعداد الوثيقة النهائية من الاستراتيجية فتتكون من تجميع التغذية الراجعة وتعليقات اللجان المختلفة والشركاء المعنيين على المسودة الأولية للاستراتيجية ومن ثم تطوير الاستراتيجية بشكلها النهائي. والمرحلة الأخيرة هي التصديق على الاستراتيجية، إذ تشمل تصديق جلالة الملك والبرلمان، ومن ثم البدء بعملية ترويج للاستراتيجية ومكوناتها بين شرائح المجتمع المختلفة وخصوصا الشابات والشباب.

وركزت الاستراتيجية في سير عملها على ثمانية محاور أساسية: هي الشباب والعمل، الشباب وأنماط الحياة الصحية، الشباب والبيئة والتنمية المستدامة، الشباب والتعليم والتدريب، الشباب والحقوق المدنية وحقوق الإنسان والمشاركة، الشباب والرياضة والترفية، الشباب وتكنولوجيا المعلومات والعولمة، والشباب والثقافة والوازع الديني.

الرؤى كثيرة، ولكن تبقى الاستراتيجية أهم مشروع بالنسبة إلى الشباب، كيف لا وهم يأملون في أن يجدوا فيها المتنفس الذي طالما بحثوا عنه، ويطمحون إلى أن تسهم في تذليل العقبات التي تقف في طريقهم..

العدد 646 - السبت 12 يونيو 2004م الموافق 23 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً