العدد 653 - السبت 19 يونيو 2004م الموافق 01 جمادى الأولى 1425هـ

بدأ «الإصلاح»... ما هو لكم... لنا (5)

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

مضت الآن سنة على إقلاع طائرة الإصلاح. بدأ الإرهاق يضرب المسافرين العرب في وقت واصل القبطان شرح تفصيلات البرنامج الذي أقرته الدول الثماني في قمة سي آيلاند.

القبطان «نصل اليوم إلى خطة إصلاح القضاء». فالخطة تقضي بتدريب القضاة وطلبة الحقوق. وعلى هذا وزعت المهمات على الهيئات والدول. الاتحاد الأوروبي مثلا كلف بإقامة «محكمة دستورية فلسطينية». وبريطانيا تتولى تنظيم القضاء في الأردن. وكلفت إيطاليا بإصلاح النظام القضائي في أفغانستان. مسافر إيطاليا... برلسكوني! القبطان «نعم». «... ولكن إيطاليا مشهورة...». القبطان مقاطعا... «أعرف أعرف ماذا تريد أن تقول». المسافر... ولكن.

لا تقاطعني. أعرف أن إيطاليا مشهورة بفساد القضاء وانتشار الرشوة وصلات مشبوهة بين المافيات والقضاة وأن هناك محاكمات جرت بتهمة الفساد ورشوة القضاة ولكن الأمور احتويت ورُتبت من جديد.

المسافر:...ولكن برلسكوني. القبطان... أعرف ماذا تريد قوله عن صلاته بالمافيات وسلوكه العنصري المشين حين ترأس الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر وكانت كافية ليطلق تصريحات بذيئة ضد العرب والمسلمين. حتى الدول الأوروبية لم تسلم من بذاءة تصريحاته وزلات لسانه حين احتقر الكثير من الأوروبيين وأهان حضارة العرب واعتبر أن المسلمين لم يقدموا شيئا في تاريخهم إلى الإنسانية. كل هذا نعلمه وتم استدراكه... المسافر: ولكن القضاء مسألة خطيرة ومهمة وخصوصا عند المسلمين. فكيف تكلف إيطاليا برلسكوني بتنظيم القضاء وتصحيحه؟

القبطان... في هذه المسألة أوافق ملاحظاتك، ولكن انها السياسة. فبرلسكوني من أهم أصدقاء الولايات المتحدة ونحن نعتمد عليه للتشويش على الاتحاد الأوروبي ولا نستطيع الاستغناء عن خدماته لتمرير بعض الخطط الكبيرة. السياسة فرضت علينا التعاون معه حتى لا تعزل واشنطن عن القارة وخصوصا بعد خروج إسبانيا من اللعبة. وكما تعلم أضعف هذا الخروج صدقية أميركا واضطرها إلى زيادة اعتمادها على إيطاليا برلسكوني. أرجو أن تكون الفكرة وصلت. دعوني الآن أبسط لكم مشروع الإصلاح والخطوات التي قررت لإنجازه خلال عقد من الزمن.

وفي فترة إصلاح القضاء تكون بدأت خطط دعم حرية التعبير (الفكر والمعتقد) وسنعمل هنا على دعم استقلال وسائل الإعلام ويستثنى منها تلك المنابر التي تعادي السياسة الأميركية. فهذه يجب أن تغلق أو تراقب أو تضبط لتكون منسجمة مع مشروعات الحرية والشفافية. فنحن نريد تمرير البرامج من دون اعتراض أو تشويش حتى لا يستفيد تنظيم «القاعدة» من تلك الملاحظات والانتقادات. وحتى نصل إلى إعلام راقٍ على مستوى محطة «فوكس» التي تحترم التوجهات الرسمية الأميركية لابد من إعداد فريق خاص تكون وظيفته تدريب الصحافيين العرب. وفي هذا الصدد قررت الدول الثماني توزيع الأدوار. فرنسا تقوم بتحديث الإذاعة اللبنانية. وبريطانيا تبنت مشروعا مدته لفترة ثلاث سنوات تقوم من خلاله وبالتعاون مع إذاعة بي. بي. سي بعقد دورات تدريب في سورية ولبنان ومصر والمغرب.

الهدف طبعا من تطوير الإعلام العربي هو المساهمة في «ترقية أساليب الحكم» و«الشفافية» و«مكافحة الفساد». وحتى نصل إلى هذا الهدف النبيل لابد من «تبني ميثاق الأمم المتحدة ضد الفساد وتطبيقه». وهذا لا يتم الا بتطوير الدعم التقني للإصلاح وتحديث الإدارات العامة، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب... و... و...

مسافر... ولكن هناك معلومات تدين نائب الرئيس الأميركي بأنه متورط في صفقات لها صلة بشركات تعمل في مجالي الطاقة والنفط. وهناك أيضا معلومات عن صلات خاصة تربط وزير الدفاع بمؤسسات التصنيع الحربي، وكذلك هناك ملفات قديمة لها علاقة بإفلاس شركة مقاولات وخسائر تقدر بأربعة مليارات دولار تدين الرئيس الأمير... القبطان... هش. أسكت. أنا قائد الرحلة ولا أسمح بالخروج على الموضوع. الموضوع هو إصلاح المنطقة العربية وتحديثها وتطوير الشفافية فيها. اتركوا أميركا للأميركيين، وشئونها الداخلية لا تخصكم فمالنا ليس لكم ومالكم لنا ولكم. ناموا الآن، وغدا نتابع ما تبقّى من برنامج الرحلة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 653 - السبت 19 يونيو 2004م الموافق 01 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً