العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ

منى غزال: العربية... لا يجب أن تكون لغة للسوق

العلاقة بين الثقافة والتعليم علاقة ذات وشائج قوية، فالثقافة التي تخلق في ذهن الفرد منها القدرة على التعاطي مع كل ما يستجد من أفكار والتي تجعلنا قادرين على الخلق والابتكار، والثقافة التي نحاول من خلالها تأمين مستوى فكري متميز لابد لها من وسيط ينقلها. والتعليم في أبهى صوره هو نقل هذه المعارف بالشكل المرضي الذي لا يحرم الطالب من الاحساس بما يقرأ أو يرى أو يسمع بل يؤكد لدى الفرد منا قدرته على أن يكون له رأي مشارك في كل ما يمت إلى الحياة بصلة. والكاتبة منى برهان غزال حاولت منذ تفتحت مداركها الخروج بصيغة ونظرة جديدة للتعليم، نظرة قوامها الأخذ بنصيب من جميع العلوم والمعارف مع التركيز على العلوم الإنسانية التي تراها لم تحظ بكل الاهتمام الذي حظيت به العلوم الأخرى. وهي في هذا اللقاء تؤكد أن العلوم الإنسانية لاتزال تحوي الكثير من الاطروحات والأفكار الجديدة... نفرد هنا اللقاء:

الملاحظ أن علوم التكنولوجيا والإدارة والأعمال هي الغالبة على المقررات الدراسية في جميع الجامعات والمدارس مع اهتمام بسيط بالعلوم الإنسانية، فما هو برأيك سبب هذا الانصراف؟

- يحق لنا التساؤل هنا، لماذا وفي مدى سنوات أصبح لدينا أكثر من عشر جامعات؟! ان الحقيقة تقول ان شبابنا اليوم أصبحوا يفرّخون بماكينات تفريخ، إذ كان الهم الأول هو تفريخ شباب يعرفون الكمبيوتر، وبعد أن عرف الشباب الكمبيوتر أصبح الشباب يعملون لتفيذ كل ما يقدم لهم من أعمال كمبيوترية، إذ فهؤلاء الشباب لم يعودوا قادرين على الابداع، فهم أشبه بالآله تنفذ مطالب المديرين. فما الفائدة إذا من دراسة الإدارة والأعمال؟! ان في جسد الإنسان علوم لم يقرأ عنها الا القليل، علوم في فكر الانسان وتصرفاته، في تفكيره وفي خطه، ونحن عندما درسنا مقرر المكتبة العربية ووجدنا مخطوطات لمئات الألوف من الكتيب لا يعلم عنها الجيل الجديد أي شيء، وحتى لو قرأها فلن يفهم منها شيئا. فنحن محتاجون إلى ثقافة حقيقية في مادة اللغة العربية والإنسانية وفي التاريخ العربي. وأود القول هنا ان اللغة العربية يجب ألا تكون للسوق، بل لنمو الثقافة والفكر الإنساني،. فالمهم بالنسبة إلى العلوم الإنسانية ايجاد فكر جديد يجمع بين الثقافة الإسلامية والإنسانية والاجتماعية والتاريخية. ولكن المشكلة لا تتعلق هنا بمواد تدرس في الجامعات فمشكلة الشباب كبيرة.

وما مشكلة الشباب برأيك؟

- بخصوص الشباب، فإنه لا يوجد في البحرين حتى الآن ناد للشباب ولا ناد للشابات، ونحن نرفض المتاجرة بأسماء الشباب والشابات الذي يمثلون 300 ألف نسمة في البحرين، من دون ان نقدم لهم شيئا، فالشباب الآن ينتظرون الامتحانات، ثم ينتظرون العطلات ليعبروا عن أنفسهم فأين يعبرون عن أنفسهم؟! لا يوجد لهم إلى الآن نادي ألعاب، فنحن نحتاج إلى نواد لايواء الشباب، حتى لا يقوموا بأعمال نرفضها، نحتاج إلى ملء الفراغ الروحي حتى لا يضطر أولادنا إلى الذهاب إلى النوادي البوذية.

وما هي منافذ حماية الشباب؟

- ان لدينا أكثر من منفذ؛ المنفذ الأول علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، فالثقافة الإنسانية الإسلامية ثقافة كبيرة قادرة على ملء فراغ الروح والجسد، وعلى ابعاد الأولاد والبنات عن أمر الخطيئة، فهم محتاجون للجوء إلى الله وإلى الرياضات الروحية. ولكنهم ومع غياب التشجيع يتوجهون إلى أعمال البوذيين مثل التكواندو والريكو، فهم لا يعرفون كيف يلجأون إلى طريق الله المنير، فنحن نحتاج من الشيوخ أن يوجهوا الشباب إلى الله. المنفذ الثاني لابد من وجود نواد طبيعية تحتوي على كل وسائل ملء الفراغ، وهذا شيء يجب ان تؤمنه الدولة، فالنوادي الرياضية تهتم بالرياضة فقط، وهذا أمر خاطىء، اذ يجب أن تكون حافلة بمختلف أنواع الترفيه المفيد كاحتوائها على المكتبات والمسجد إلى جانب الرياضة.

وهل يختلف الأمر بالنسبة إلى الشابة؟

- الأمر يصبح أصعب اذا تكلمنا عن الشابة، فإلى جانب المشكلات السابقة تبرز مشكلات خاصة بها. فالمرأة بشكل خاص تواجه عقبات كبيرة عندما تكون على مستوى عال من الثقافة يفوق اقرانها من الرجال، فبعض المسئولين في بعض المراكز لا يقبلون أن تأتي امرأة لتملي عليهم رأيها وفهمها الذي يمكن أن يكون أعمق وأوسع من مداركهم وفهمهم، لذلك أصبحت المرأة في هذا الحال المرأة المتحجبة الغريبة باسلامها عما يحدث اليوم، فكيف تستطيع هذه المرأة أن تواجه قدرها مع جميع هذه المتناقضات!، هذا المنطلق الأول أما المنطلق الثاني فعدم امتلاكها المال لتحقيق المشروع، لذلك أقول أعطني المال وأنا قادرة على عمل أعظم مؤسسة شبابية في البلد، فالمال هو العنصر الثاني، وهو السوق الرائج على عكس الثقافة، فدكاكين المثقفين لا تستمر وانما دكاكين أصحاب الدولار.

من هذا المنطلق أسألك عن المشروع الذي تقدمت به وهو محطة هدى، أين هو الآن؟

- محطة هدى محطة ثقافية تعبر عن ثقافة الاسلام وتحمل في داخلها روح الثقافة الاسلامية الحديثة، ولكنها باللغتين الانجليزية والفرنسية، وموجهة إلى غير الناطقين بالعربية، وكم تمنيت أن يتحمس لها أحد رجال الأعمال، قد عرضتها على أكثر من شخص ولكنهم رفضوا أن تكون في البحرين. وهي قناة تتبنى الرأي الاسلامي المعتدل المتمثل في الثقافة والتاريخ والفكر والأدب والشعر وليس في التعصب والارهاب، كما أنها تنقل فكرة عن كل ما يجري في العالم الاسلامي، أما مشروع الموسوعة الاسلامية الاعلامية، فعرضته على احدى القنوات التلفزيونية الشهيرة، لكنهم كانوا خائفين من الكلفة الكبيرة.


منى برهان غزال

دكتوراه في الفلسفة والدراسات الاسلامية، تعمل حاليا على انجاز دكتوراه ثانية في جامعة أم درمان في السودان. وهي عضو في اتحاد الكتاب العرب وأسرة الأدباء والكتاب في البحرين. ولها مجموعة من الكتب المتنوعة؛ ففي حقل الشعر كتبت: «تمرد الشوق»، «المجنونة اسمها زهرة عباد الشمس»، «لغة التساؤلات الضبابية». ولها أيضا في حقول أخرى: «الثقافة المتجددة في فكر الامام الغزالي»، «الفكر الفلسفي عند محمد جابر الأنصاري» و«نوافذ على أحوال المرأة في القرن الواحد والعشرين» و«التأمل الروحي في الجوهر الإنساني»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً