العدد 663 - الثلثاء 29 يونيو 2004م الموافق 11 جمادى الأولى 1425هـ

ديمقراطيتنا من الداخل وليست للأميركان منة علينا

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

الديمقراطية البحرينية جاءت وفق إرادة محلية بفضل النضال الشعبي الذي توافق مع إرادة جلالة الملك... هنا انبثقت ديمقراطيتنا الوليدة... ليست للأميركان منة علينا. نعم قد نختلف في الداخل على مستوى الشفافية، نمتلك رؤى نقدية ولكن ذلك يفرض علينا التزاما وطنيا بألا نعطي للأميركان صلاحية التدخل في بيتنا الداخلي، فلسنا بحاجة إلى «أبوغريب» بحريني. ولله الحمد ابيضّت السجون وبتنا نفتخر بأن لا سجين سياسيا في البحرين، وما حدث لاخوتنا الأعزاء من عمليات الاعتقال أو من إهانة أو ترويع لأهاليهم نتمنى عدم تكراره، فيجب في ذلك مراعاة حقوق الإنسان ويجب ألا يعتقل المواطن البحريني تحت التهمة أو الظنة ويجب علينا أن نحافظ على هذه الحقوق.

وكي ننصف واقعنا البحريني نقول: إن رؤيتنا لـ «الداخلية» بدأت تتغير منذ مجيء المشروع الإصلاحي وأملنا في الوزير الحالي أن يقدم سياسة نوعية لهذه الوزارة بلغة الأرقام والحقائق تقودها في ذلك سياسة البحرنة من دون تمييز... ما أقوله ليس مجاملة بل حقيقة. في السابق، أيام قانون أمن الدولة، كنا نطرد من المطارات وكانت تلاحقنا المباحث في كل مكان وتخرج حتى من فنجان قهوتنا. كنا نخشى أن نسأل ناطورا عن مسألة عابرة... اليوم وبفضل هذا النضال الشعبي، بدأنا نشعر بعبق الحرية، قد يكون هذا العبق متقطعا، ولكن وعينا الوطني، إرادتنا السياسية، قدرتنا على الخطاب والمناورة الجدية الإيجابية، تتبعنا للملفات، محاربتنا للفساد، تلمسنا لأوجاع الناس، ملاحقتنا للتجاوزات، تصحيحنا للأخطاء في وزارة هنا أو مركز هناك، كل ذلك هو الكفيل بتغير الحال.

كتجربة بسيطة أضعها بين أيدي القراء، أقول لهم: قد ترون خطأ هنا أو فسادا هناك... ليس بالضرورة أن يكون هذا الفساد مدعوما ولكن عليكم أن تعملوا ليل نهار لتصحيح الأخطاء... نعم البعض يقع تحت رحمة المسئول فيخاف على رزقه ولكن هذا لا يعني ألا توصّل المعلومات إلى من تعنيه، يجب أن نبدأ العمل، يجب ألا نقبل بانتشار سرطان التمييز أو طاعون الفساد، إذا أغلق عليك باب فتح لك ألف باب، ليس هناك منبر البرلمان أو الصحافة فقط، حتى الصحافة لو أغلقت فعندك ألف منبر ومنبر لتوصيل صوتك للمسئول أو للمؤسسات التي تريد الترافع عنك. كتجربة شخصية، إذا تبنيت ملفا معينا لا أكتفي بالصحافة فقط، عندي صحف متنوعة، أستطيع أن أؤلف كتابا، أقوم أيضا بتوضيح الأمر عبر المنابر الأخرى، مساجد، مآتم، مقابلات إعلامية، لقاءات في مؤتمرات، توصيله للمسئولين... اليوم العالم تحول بسبب العولمة إلى قرية واحدة... في لحظة واحدة باستطاعتك أن توصل المعلومة إلى الآلاف من الزبائن وهكذا...

اليوم نحن نمر بعالم منفتح، عليك أن تخدم الوطن، تخدم الإصلاح، تخدم الشفافية، تخدم الديمقراطية... في كل مكان طالب بالأرقام، بالوثائق، ما أطمح إليه أن أؤسس ثقافة التوثيق، وهي ثقافة مهمة في المجتمع، يعلو المجتمع ويتحضر بها... أهم مسألة هي ألا نيأس... هذه البحرين للجميع، من حق المواطن أن يحلم ببيت جميل وبوظيفة مستقرة وبحياة كريمة ولكن يحتاج إلى أن يبادر إلى التصحيح... الإصلاح... يحتاج إلى جهد وتعب ومتابعة وملاحقة ومباشرة على الأرض. يجب أن ترصد الملف، ثم تعمل على جمع المعلومات له، قد يستغرق أشهرا. لكن عليك ألا تيأس... ستلقى عليك الحجارة، والمتمصلحون هم أول من سيرجمونك، وسيعمل الكثيرون على شنقك، لذلك عليك أن تمتلك قلبا حديدا وتتوكل على الله فهو حسبك ما دامت إرادتك هي أن تُصلح... قد تخطئ، ولكن يجب أن يقاس الخطأ أمام حجم الإيجابيات إذا أردنا الإنصاف. الآن أنا أعمل على جمع المعلومات لعدة ملفات سبق أن ذكرتها وبعضها جديدة... هذه الملفات في نهاية المطاف سألمها للمسئولين وسأعمل كل ما في وسعي لضبطها رقميا وتوثيقا إلى أن نحقق الإصلاح ونحن بذلك نخدم المشروع الإصلاحي، فالإصلاح كلمة تأتي في قبال الفساد، ولا يتم إصلاح ولا يتوسع إصلاح إلا بالقضاء على كل صور الفساد، لذلك نحن نضع يدنا في يد جلالة الملك راعي هذا المشروع، وسنعمل كل ما في وسعنا لإصلاح البيت من الداخل... وهذا الأمر يحتاج إلى رجال وإلى فريق عمل كبير وإلى سهر وتعب وتحقيق وتوثيق وملاحقة وسماع لآلام المواطنين وتلقي رسائلهم وشكاواهم.

طبعا، جزء من أولوياتنا أن نوضح للمواطنين حقوقهم وفي «الإصلاح» يجب أن يعلموا أن من حقهم أن يطلعوا على المعلومات والحقائق، وهنا الصحافة يجب أن تعمل على مساعدة الناس، فالصحافة «السلطة الرابعة» دورها أيضا دور رقابي وهي تعمل من أجل التصحيح.

ملف الصحة تناولته كثيرا ولكن انفتحت لي آفاق أخرى... وصلتني شكاوى كثيرة من مواطنين يعانون من عدم استيعاب مركز جدحفص الصحي ومركز البديع وبعض المراكز الأخرى لعدد المرضى، فالمركزان ليس بإمكانهما أن يتسعا لهذه الأعداد الهائلة، إضافة إلى شكاوى مختلفة... بدوري اتصلت بوكيل الوزارة... اتفقنا على اللقاء في مركز جدحفص بمعية رئيسة صيادلة المراكز الصحية ثريا الأنصاري ومدير إدارة المراكز الصحية بالوكالة محمد بوجيري، وكذلك وكيل الوزارة عزيز حمزة... التقينا هناك وتناقشنا، لكني تألمت لواقع مركز جدحفص الصحي. هل تعلمون أن مركز جدحفص يتردد عليه مرضى من 48 مجمعا سكنيا يغطي خمسين ألف نسمة حتى العام 2002؟ هل تعلمون أنه لا يوجد سرير في «صندقة» سحب الدم؟ إضافة إلى مشكلات كثيرة. وعدنا المسئولون بحلها. سأبدأ بمركز جدحفص لأنتقل إلى بقية المراكز لنسمع بقية الشكاوى ومن ثم نوصلها إلى الوزارة من أجل أن نخلق بيئة صحية خدمة لهذا الوطن

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 663 - الثلثاء 29 يونيو 2004م الموافق 11 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً