العدد 672 - الخميس 08 يوليو 2004م الموافق 20 جمادى الأولى 1425هـ

الجودة والنظام في التعليم الديني

التعلم هو التعلم سواء كان في داخل الأسرة أو على مقاعد الدراسة أوفي أروقة المساجد والمآتم، التعلم له شروطه وآدابه الاسلامية والتربوية الحديثة، وله وسائله وقوانينه التي لا ينجح من دونها. فلا تعلّم ناجح من دون معلم مؤهل علميا وسلوكيا وتربويا. ولا تعلّم ناجح من دون بيئة صفية ملائمة ومن دون منهج متكامل ورؤية واضحة لما يراد تعلمه ولا تعلم من دون دافعية ومحفزات وتعزيز وتقويم.

ومأساتنا أننا نستهين بكل ذلك عند التعليم الديني غير النظامي والتعلم في الأسرة. ولكنني اليوم أريد أن أركز كلامي على التعليم الديني في المساجد والمآتم.

فما أن تبدأ العطلة الصيفية حتى تبدأ اللجان العاملة في ا لمناطق الاعلان عن دروسها الدينية. فيلتحق بها الأولاد والبنات من مختلف الأعمار. وشيئا فشيئا تتكشف النواقص والعيوب. فلا منهج معد ولا انضباط في الحضور ولا معايير للتقييم ولا أساليب تربوية للتعليم ولا دوافع مدروسة ولا نظام للتعزيز ولا مدرس مؤهل ولا بيئة صفية ملائمة. ويغدو ويروح الطلاب طوال العطلة الصيفية بلا اضافة فكرية ولا تغيير سلوكي ولا حتى مادة مكتوبة. وليس بعيدا أن يتركهم المدرس أو المدرسة فجأة ويسافر بلا ترتيب مسبق.

ولا يفوتنا أن ننوه هنا إلى سعي بعض المناطق الآن إلى تحقيق المعايير التربوية والعلمية في دروسها الدينية ولكنها مازالت تجارب قليلة في بدايتها.

وأعتقد أن إهمال الجودة والنظام في التعليم الديني جعله غير ذي جدوى ومن دون جاذبية ومن دون تأثير سلوكي أو علمي على الملتحقين به. إن تحقيق الجودة والنظام في التعليم الديني وفق المعايير الاسلامية والتربوية الحديثة ليس أمرا صعبا وإنما يحتاج إلى العناية والاهتمام. ولكي نحقق ذلك أعرض هنا بعض المقترحات:

1- دراسة وتقييم المناهج المطروحة في الساحة للتعليم الديني وتنقيحها واختيار أفضلها كمناهج معتمدة من جهة متخصصة دينيا وتربويا وإدخال ما يلزم من تعديلات عليها في الشكل والصوغ والمحتوى. فلا نعطي المدرس كتابا مثلا غير ممنهج تربويا. ليدرسه كيف يشاء، فالكتاب مرجع يختلف عن المذكرة أو الكتاب الدراسي إذ يتضمن الأنشطة الصفية واللاصفية المقترحة على المدرس. ومن ثم يتم تعميم هذه المناهج على مختلف المناطق بدلا من تركها بلا منهج أو للتجارب الذاتية غير المستقرة.

2- التأهيل المستمر للمعلم واختيار الأكفاء للتدريس الديني المناسبين لكل مرحلة عمرية. فلا يكفي الالتزام الديني فقط لكي أكون مدرسة في المأتم أو في المسجد. لا بد أن أملك مواصفات شخصية وروحية وعلمية. ولا بد من أخذ ولو دورة قصيرة مختصرة في قوانين التعلم وعلم النفس التربوي وطرق التدريس. ثم لابد من التأهيل المستمر في المادة العلمية نفسها للمواد الدينية التي أدرسها على يد علماء أو مختصين.

3- وضع ضوابط ومعايير للحضور والنظام والتقويم والتعزيز و الترفيه ورعاية الموهوبين والمتميزين والانضباط السلوكي في اللباس والكلام والآداب العامة بل لابد من الاستفادة من خبرة المشرفين الاجتماعيين في كيفية تعديل وتغيير السلوك. وهذه الضوابط كلها يجب أن تطبق على المعلم والطالب معا.

4- التعليم الديني الآن يجب ألا يقتصر فقط على المعلومات الدينية التقليدية. بل لابد من إضافة برامج أخرى له كالمهارات الحياتية والأسرية والزوجية والمعارف العامة السياسية والاقتصادية والعلمية وما يستجد من قضايا الساحة، وما يتطلبه العصر ولو بشكل مختصر. وبذلك يعمل التعلم الديني على تأهيل الكوادر الرسالية في الأمة وليس على المعلومات والأهداف السطحية والمتواضعة.

وقد يقول قائل إننا في هذه المقترحات نمارس دور المؤسسات الأخرى كالمدارس والمعاهد وغيرها. ولكنني أؤكد أن هذه البرامج عندما تأتي مترافقة مع التعليم الديني فإن لها أثرا أفضل من المؤسسات الأخرى.

5- يجب أن نهتم ببيئة التعلم، فلا نحشد أعدادا كبيرة في مكان واحد تتضارب فيه أصواتهم وتشرد في النظر لبعضهم أبصارهم كما يجب أن نهتم بالمثيرات حول الطلاب في البيئة الصفية بما يخدم موضوعات الدروس الدينية تربويا ونفسيا في اختيار الصور والجمل الارشادية المعلقة في المكان أو الموزعة على الطلاب ليعلقوها في بيوتهم وغرفهم.

وأخيرا أقول لابد للقائمين على البرامج الدينية في كل منطقة من الابداع والابتكار والأمانة والاخلاص والتغيير والتطوير دائما لتحقيق الهدف الأسمى وهو اعداد الكوادر الرسالية في الأمة.

رئيسة اللجنة النسائية في جمعية التوعية

العدد 672 - الخميس 08 يوليو 2004م الموافق 20 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً