العدد 672 - الخميس 08 يوليو 2004م الموافق 20 جمادى الأولى 1425هـ

مسرح «النبأ الإسلامي»... تجربة شبابية تحاكي القلب والروح

هل يمثل بداية إلى المسرح الإلكتروني؟

«شاء القدر أن يبعث الله شبابا عشقوا الخير والكلمة الصادقة... ليرسلوا خطاب القلب إلى الوجدان ليتورد الجدب ويعشب، وتخرج ثلة من الشباب إبداعاتها لتتخطى النور وتفوق رائحة «الجلنار» و«الخزام»، وبها ستقطف الأزهار في ربيعها لتكون شذية ذات يوم»... بهذه الروح العالية والإحساس المرهف يتحدث جابر الماحوزي المشرف على مسرح النبأ الإسلامي (الذي خرج إلى النور حديثا) إلى «الوسط» ليوجه دعوة لحفز الطاقات والهمم الشبابية إلى فضاءات وإبداعات لا تعرف الحدود.

ويقول جابر الذي التقيناه وهو عاكف على الإشراف على أحد الأعمال الممسرحة الجديدة في المنامة إن بداية الفكرة كانت متواضعة لكنها وضعت النواة لمسرح إسلامي شبابي عصري بحلة جديدة تحاول أن تكسر النمطية التقليدية للمسرح الإسلامي في البحرين، من خلال توظيف الفنون السبعة من دراما ورسم وحركة وإعلام وغيرها.

ولادة «النبأ»

ويتحدث الماحوزي عن نشأة المسرح قائلا «إن مسرح النبأ الإسلامي قامت دعائمه وركائزه لإحياء المناسبات العطرة للرسول الأعظم (ص) وأهل بيته (ع) وتقديم كل ما هو متميز وجديد من أعمال فنية تجسد الطرح الحي الذي يشار إليه بالبنان ومواكبة كل ما هو جديد ليضفي واقعا حيا للفكر النيّر والنظرية الإسلامية المتزنة، فلم تعد قضية الرؤية الإسلامية رؤى متأطرة في أسلوبها القديم بل تجاوزت المدى واخترقت الصم لتعيد وتجسد الإبداع والفن في أطروحتها، فالمسرح هو لغة العصر والفكر والإبداع ومن خلاله يتم تجسيد الفكر النير المعطاء الثر ألا وهو الفكر الخالد فكر المصطفى (ص)».

ويضيف الماحوزي قائلا «فالواقع إن المسرح يتغلغل في النفوس ويبقى في الأذهان في محاولة لصوغ الفكر عبر عدة قنوات بما فيها هذا الصرح الفريد من نوعه، وبما أنه يحمل شعار الإسلام وينادي بفكر أهل البيت (ع) لابد أن يكون رافد خير للأجيال، ولابد أن يصل إلى أكثر الفئات والشرائح في المجتمع (...) كما أن الموقع التنفيذي الذي يقام عليه الصرح مهم للغاية لذلك ارتأت إدارتنا وهي إدارة معطاءة وفتية أن تنصّب هذا الصرح في قلب المنامة النابض. إذ إن هذا المشروع من المشروعات البكر التي تحتضنها العاصمة المنامة ويشرف عليها أبناء المنطقة».

وعن وضع اللمسات على موقع الفعاليات المسرحية يجيب الماحوزي «اشترك في هيكلته وتركيبه مجموعة من الشباب الحرفي المبدع وبعد ذلك تم العمل على الناحية الجمالية للمسرح (الديكور) ومن ثم تركيب المصابيح واليافطات والأعلام ونصب المقاعد للحضور، وتم استئجار مكبرات الصوت وتثبيتها في طرفي المسرح».

ومن جابر إلى عزيز الطيّب الذي شرح لنا بدايات هذه التجربة وانطلاقتها بقوله «كانت أول انطلاقة للعمل المسرحي في الثالث والرابع والخامس من شهر شعبان الذي يصادف مولد الإمام الحسين وأبي الفضل العباس والإمام السجاد (عليهم السلام) وكانت هذه التجربة هي اللبنة الأولى التي من خلالها سيتم وضع اللبنات والأهداف الأخرى».

ويتابع الطيّب حديثه عن الانطلاقة الأولى التي يصفها بالمتواضعة فيقول: «تم في هذا الحفل المتواضع اختيار الطاقات والمواهب المتعددة، إذ يتيح إداريو المسرح لكل من له القدرة على الإبداع أن يترجم إبداعه فوق خشبته، فحظي ولله الحمد بحضور جيد إذ امتلأت الساحة الواقعة بالقرب من المسرح بحضور امتزج بين الشبيبة والشيوخ».

مردفا «واستمر العمل على هذا المنوال في مولد الإمام الحجة (ع)، مع التغلب على بعض السلبيات والأخذ ببعض المقترحات التي تم حصدها من قبل المتابعين لنشاطات المسرح (...) فيما شهد شهر رمضان المبارك - يضيف عزيز - الانطلاقة الثانية بجرأة أكبر من ذي قبل في ثلاث ليال من الشهر المبارك والتي تصادف ذكرى استشهاد الإمام علي (ع)، إذ تم تجسيد محراب الإمام وتخضيبه بالدماء، ونصب منبر الإمام وهو مكلل بالسواد، كما تم تجسيد مختلف التفاصيل الأخرى في هذه الذكرى الحزينة.

ويرى الطيّب أن الانطلاقة الكبرى كانت مع حلول موسم عاشوراء هذا العام «فقد ركزت الجهود وتبلورت رؤى وأفكار جديدة وتم تفادي أكبر قدر ممكن من سلبيات التجارب الأخرى السابقة، وتم نصب المجسم المصنوع من الفلين والذي صاغته أنامل الإبداع، وجسد هذا العمل الفني رجوع جواد الإمام الحسين (ع) للمخيمات وجاب هذا العمل المتميز غالبية مناطق البحرين وحاز على الجائزة الأولى لهذا العام في التصميم والإبداع».

لواحق المسرح

وبدوره يقول سيدشرف المرزوق: «لم يقتصر دور هذا المسرح على رغم نشأته الحديثة على نطاق واحد من العمل المسرحي، بل حاول استثمار مختلف الطاقات الشبابية وتجميع قواها في أعمال إبداعية متعددة تعكس الثراء الفكري في الرؤية الإسلامية وحضارية الإسلام وما يحمله من رسالة خير إلى العالم كافة، فقد قرر القائمون عليه إضافة أربعة لواحق إلى المشروع فضلا عن النشاط المسرحي، وتمثلت هذه اللواحق في عزاء الشبيهات وفرقة المصطفى الإسلامية واللجنة النسائية فضلا عن مشروع ثالث وهو البث الالكتروني من خلال موقع على الشبكة المعلوماتية يرصد كل نشاطات المسرح ويوثقها ويجعلها في متناول الجميع».

مضيفا «ويعد عزاء التشبيهات هو من أبرز فعاليات المسرح وأحد أفرعه الرئيسية إذ جسد هذا الموكب التشبيهات والتمثيلات القديمة التي كانت تصاحب المواكب العزائية في مطلع الستينات وحتى الثمانينات مثل زفاف القاسم والأكبر (ع) في ضوء تصوير وتجسيد زفافهما بمعية الأطفال والنساء بحسب ما تواتر في كتب السير والروايات، وتم الاعتماد بشكل كبير على اللجنة النسائية في تنظيم هذه الفعالية من ترتيب وتنسيق وتكرر هذا الحدث في ليلة أربعين سيد الشهداء (ع) في قالب ضم بين دفتيه التمثيل والرثاء».

ويتابع المرزوق «أما الحلقة الأخرى من المشروع وهي فرقة المصطفى (ص) والتي تتكون من 60 فردا هي الكادر الحيوي للمسرح والدعامة التي يرتكز عليها، فهي المتكفلة بأداء الجوانب الفنية والتقنية على حد سواء كل بحسب ميوله وتوجهه، وسيتم بإذن الله إخضاع جل أفراد الفرقة للتدريبات اللازمة لأداء الأعمال الفنية مع صقل هذه المواهب وتنميتها فالكادر يمكن صوغه وتشكيله وتدريبه على مختلف النشاطات التي يقوم بها المسرح».

فيما ينصب تركيز اللجنة النسائية والتي تتكون حاليا من 7 فتيات، وهذه اللجنة ستكون فعالة في مختلف الفعاليات والأنشطة وسيكون لها دور بارز في الإشراف على قسم من أقسام الموقع الإلكتروني للمشروع، ومن ضمن نشاطات اللجنة النسائية في نشاطات المسرح السابقة منها: المشاركة في موكب الشبيهات إذ كان لها الدور البارز في تنظيم الفتيات الصغار وتلبيسهن وتعليمهن الدور المراد فعله في هذا الموكب. وتتمتع اللجنة النسائية بحرفة الإبداع في الأعمال اليدوية وخاصة في التزيين والتشكيل وعمل الديكور إذ تم الاعتماد عليها في تزيين المسرح ولواحقه وعمل الهدايا والمأكولات.

البث الإلكتروني

ويضيف المرزوق، لعل أبرز ما استحدث في هذا المشروع هو الصورة الحية لنقل وبث الفعاليات التي تقام على خشبة المسرح ومضيف الإمام الكاظم (ع) للعالم الخارجي. وينقسم البث الإلكتروني بدوره إلى أقسام عدة منها: الموقع على الإنترنت الذي ينقل كل الحوادث والصور والفعاليات سواء كانت الصوتية أو المرئية ليتسنى لمتابعي هذا الحدث رؤية الأعمال الفنية أولا بأول، مع الإشعار بكل ما هو جديد وما يتم الإعداد له مستقبلا.

إضافة إلى المنتدى الذي يشكل أداة تعارف وتبادل خبرات إذ يمكن للمشاركين والأعضاء الإدلاء بالمقترحات والتوصيات مع الأخذ بالنقد البناء بهدف تطوير الفعاليات في المستقبل - والحديث للمرزوق - كما يربط هذا المنتدى أعضاء وإداريي المسرح ببعضهم بعضا ومناقشة المستجدات والأمور المتعلقة بالمسرح أو غيرها، ويتم من خلاله تفعيل دور الأعضاء في شتى المجالات والأبواب سواء كانت الرياضية أو الثقافية أو قسم الإبداع والتصميم.

هذا إلى جانب المجلة التي خطط لها أن تكون من لواحق المسرح «إذ تتضمن موضوعات متصلة ما بين الماضي العريق والمفعم بالذكريات الجميلة والحاضر العتيد إذ يتم تسليط الأضواء على شخصيات كان لها دور بارز في المجتمع البحريني سواء كانت شخصيات إسلامية أو اجتماعية لها صلة بماضي وحاضر المنامة على حد سواء أو موضوعات مرتبطة بأهم الشخصيات التي كان لها دور بارز في خدمة الشريعة المحمدية الغراء، إذ يتيح الموقع الإلكتروني الحرية للمتصفح أو الباحث لرؤية مختلف النشاطات على الرابط الآتي: (www.ashbaal-almanama.com).

ويختتم المرزوق حديثه بالقول «ان كل هذه الأنشطة توالت مترادفة، إذ إن الفترة الزمنية لحدوث كل منها لا يتجاوز الشهر، ما لا يتيح لإداريي المسرح رؤية السلبيات بوجهها الجلي، ولكن ربما كان العمل في تلك الفترة غير منظم إلى حد ما ولكنه حقق الثمرة المرجوة، فارتأت إدارة المسرح أن تضع لها هيكلة من تلك التجارب وجدولة الأعمال المقبلة».

استشراف المستقبل

ويمسك المقهوي بطرف الحديث مرة أخرى قائلا: «لكل مشروع مهما كان حجمه رؤى وطموحات كبيرة في التطوير نحو الأفضل تلبي رغبات مستهويه وتطلعاتهم، ولم يكن مسرح النبأ منفصلا عن هذه الرؤية، فهناك مشروعات كبيرة سيعلن عنها قريبا، ونتطلع إلى أن تكون مميزة على مختلف الأصعدة من جودة في الإنتاج وتجديد في الطرح».

ومن هذه المشروعات - يضيف المقهوي - أوبريت الإمام الحسين (ع) الذي سيبدأ الإعداد له في فترة الصيف وهو عمل كبير يتطلب وقتا من الإعداد وتدريب الناشئة تدريبا جيدا، إذ إن هذا العمل مزيج ما بين العمل الممسرح بمعية الأناشيد والجلوات ، ويُعد الديكور الذي سيجسد الفكرة تجسيدا جليا الأبرز في هذا العمل لما يحويه من قوة في التصميم . كما تراودنا فكرة طموحة لعمل مرسم للطفل وتوظيف كل المهارات فيه من خط ورسم وتزيين وزخرفة وغيرها من الأمور الأخرى في مناسبات قريبة»

العدد 672 - الخميس 08 يوليو 2004م الموافق 20 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً