العدد 677 - الثلثاء 13 يوليو 2004م الموافق 25 جمادى الأولى 1425هـ

التخطيط الحكومي

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

قبل فترة أعلن وزير التربية والتعليم خطة طموحة لتغيير وتطوير التعليم المدرسي ليواكب التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم، وأعلن تدشين مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، بحيث تشكل هذه المدارس نواة مستقبلية لتخريج طلاب مختلفين عن مخرجات التعليم التقليدي الذي عانى من عقود الضعف النسبي والتلقين طوال قرابة قرن. في الواقع، أتفق مع أية مشروعات طموحة تسعى إلى تطوير التعليم ونهضته، ولكنني لا أتفق البتة مع أية مشروعات طموحة ستستنزف الإمكانات والمقدرات المحدودة للدولة في ظل غياب التخطيط الاستراتيجي، وغياب الرؤية الواضحة لدى الحكومة لمستقبل البلاد والعباد. وطبعا تحققت إنجازات مهولة للحكومة البحرينية منذ الاستقلال في أغسطس/ آب 1971، ولكن حتى الآن مازال المواطن العادي جاهلا بخطط الحكومة ومرئياتها لمستقبل البحرين. وأصبحت الخطط والمشروعات الطموحة هوسا لتصريحات الوزراء، فكل وزير يعلن خطة، وكل مسئول يعلن مشروعا، وبين هذه الخطط وتلك المشروعات الكثير من التضارب والازدواجية من دون أن تبررها الخطة العامة للدولة التي يفترض أن تحدد الأطر الأساسية للخطط التفصيلية للوزارات. فعلى سبيل المثال، نجد وزير العمل يؤكد أن البحرين تسعى إلى أن تكون مركزا إقليميا للتدريب، ووزيري التجارة والصناعة يعلنان أن الحكومة تسعى جاهدة إلى استقطاب الاستثمارات التجارية والصناعية، في الوقت الذي يكرر فيه وزير المالية الإجراءات التي اتخذت من أجل تطوير أداء القطاع المصرفي بحيث يجذب المستثمرين لفتح المزيد من الوحدات المصرفية الخارجية، وخصوصا الإسلامية منها.

أما وزارة الإعلام فإنها تتطلع إلى إنشاء المنتجعات والمشروعات السياحية انطلاقا من الهدف الذي تتبناه الحكومة لجعل البحرين مركزا للسياحة العائلية في الخليج. في ضوء هذه الأمثلة فإن المتتبع لأداء الحكومة الحالي ولسنوات ماضية سيجد أن أداءها كان ضعيفا تجاه تحقيق أي هدف استراتيجي طموح - باستثناء الإنجاز المصرفي الإسلامي - ويعود ذلك إلى غياب الرؤية الاستراتيجية. ومازلنا نجهل طموحات الحكومة، وهل تسعى إلى أن تكون البحرين بلدا سياحيا أم صناعيا أم مصرفيا أم مركزا إقليميا للتجارة وقطاع الخدمات؟ وأدى غياب الرؤية إلى سيطرة نزعة إحباطية لدى فئات كثيرة من المواطنين.

ففي الوقت الذي يسمع فيه المواطن عن المشروعات والخطط فإنه لا يرى أدنى إنجاز على أرض الواقع، ومثل هذه النزعة كفيلة بأن تقلل من إنتاجية المواطن في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية لتؤدي إلى استحالة بيروقراطية في تنفيذ المشروعات، وبإمكان هذه النزعة أيضا أن تؤثر على مستوى التنمية البشرية في البحرين، والذي تبوأت فيه البلاد مكانة مرموقة سنين طويلة.

في الوقت الراهن هناك حاجة ماسة إلى تحديد خطة استراتيجية واضحة المعالم والتفاصيل لمستقبل البحرين بعد أن عانت البلاد من آفة النمو الذي أصبحنا نعيشه منذ اكتشاف النفط في العام 1932، بحيث يكون هدف هذه الخطة تنمية الوطن وليس إنماءه. وأرى أن التجربة الماليزية هي الأقرب إلينا من حيث الطبيعة والهوية، فبمكونات البلاد الحضارية استطاعت ماليزيا أن تكون معجزة إسلامية آسيوية بامتياز. وأقرب مفارقة للتعرف على البون الشاسع بين التخطيط الحكومي في البحرين وماليزيا نجدها في تدشين وزير التربية البحريني مشروع مدارس المستقبل، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الماليزي قراره بتحويل عشرة آلاف مدرسة تقليدية إلى مدارس ذكية SMART SCHOOLS تسعى إلى تخريج طلاب التكنولوجيا الذين سيصنعون ويبتكرون التكنولوجيا الماليزية القادمة. وأكد رئيس الوزراء الماليزي أيضا أن هذا القرار يأتي ليدعم خطة الحكومة الرامية إلى تحويل ماليزيا إلى بلد منتج للتكنولوجيا المطورة وليس مستهلكا لها. وللحديث صلة

العدد 677 - الثلثاء 13 يوليو 2004م الموافق 25 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً