العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م الموافق 28 جمادى الأولى 1425هـ

حين يدفعك الحب إلى الندم

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تطور كبير سيطرأ على صفحة تراث خلال الأسابيع القليلة المقبلة، نتوخى من خلاله أولا المحافظة على المضامين ذاتها والتوجهات التي استأنفنا بها هذه الصفحة من حيث اختيار القصائد وتوزيعها اضافة الى العمل الجاد والمدروس المتعلق بخلفيات القصائد والتي كثيرا ما تهمل في الكثير من الصحف والمطبوعات الزميلة، وان بدت حاضرة كلازمة من لوازم العمل الا انها تظل بعيدة كل البعد عن مضمون القصيدة نفسها. مفاجأة أخرى في التطوير الذي نحن بصدده أتركها تقدم نفسها في الوقت المحدد.

لا أملّ من الإشادة بشعر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم (فزاع)، وهي اشادة يعلم سموه بحكم اقامتي الطويلة تنطلق من متابعة مستمرة وقراءة محايدة أولا للبدايات التي انطلق منها وهي بدايات مبشرة للغاية، ما جعلنا وقتها نجزم بأن صوتا شعريا مهما سيضيف الكثير للحركة الشعرية الشعبية في دولة الامارات العربية المتحدة بعد أن استمرت وربما لعقدين تتكئ على مجموعة من الأسماء التي ظلت مراوحة مكانها الا من رحم ربك! يمكن اعتبار المشروع الشعري الذي يعمل عليه الشيخ حمدان مختلفا عن ذاك الذي بدأ به ولايزال والده سمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم، وهو اختلاف ضروري ومطلوب والا اصبح نسخة مكررة من مشروع والده الذي ابدى فرحه الغامر وسعادته بمثل ذلك الاختلاف، ما يعني ان الشيخ حمدان يعلم تماما وجهته وهدفه. تظل قصيدته (البدر) والتي جارى فيها الصديق الشاعر سيف السعدي والمعنونة بـ (أغلى الغنايم)، تظل واحدة من قصائده ذات النَفَس المختلف والغنائية العذبة واللغة السلسة والتوظيف الذي لا يخلو من حرفنة، وحتى على مستوى القافية، تم اختيار قافية لم تخل من استعراض، ولكنه استعراض واع ومدروس:

أقبلْ يضمْ السهر وعيوني تْضمّه

ما ادري من اللي من الثاني سرقْ نومه

كن الوصل دنيتي يوم الوعدْ تمّه

وكن الوعد جنّتي دام الوصل يومه

العين ودبي وأبوظبي، ثلاث مدن هي بمثابة القلب والروح و«العين»!... مدن لكل واحدة منها حال خاصة بها وبالذي يصاب بها... هناك اصابات بالمدن مثلما الاصابة بالوعكة أو الحب أو الحنين ... تظل تدمنها كما تدمن الأشياء اليومية التي اعتدتها كما تدمن الحب... العين خصوصا... تلك المدينة التي حملتني لأكثر من عقدين ومنحتني من الحب ما لم تمنحني اياه أية مدينة في العالم وأجزم انْ ليس هناك مدينة في العالم يمكنها أن تهبني الحب كما فعلت تلك المدينة الساحرة الخضراء الهادئة كامرأة استيقظت للتو من نومها اذ كل صور وأشكال البراءات والحب والاقبال على الحياة ترتسم هناك في شيء من ملامحها. فيما دبي تظل في حضورها بالنسبة إلي طاغية ولكن ليس بالقدر الذي يمكنها فيه مضاهاة حضور «العين»... دبي تحبك بحذر وتيه... ربما تكون جالسة معك تحادثها وتحادثك، فجأة وأنت في منتصف الحكاية تتسلل الى حيث لا تعلم أنت ولا هي إلى أين ولّت وجهها...لا تستأذنك حين تشعر بحاجتها إلى لحظة طيش أو نزق طفولي، تأخذ قرارها من دون الرجوع اليك، ولن تسترضيك فيما لو شعرت بغيظ أو شيء من انزعاج عدا عن الغضب. فيما أبوظبي تتيح لك مساحتين وتترك لك مطلق الحرية في اختيار المكان الذي تود أن تلتقيها فيه، ربما لا تأتي ولكنها في نهاية الأمر ستعتذر وتبرر لك سبب غيابها. ثلاث مدن بمثابة ثلاث أرواح في جسد من تحب ويحبها... ثلاث سبلة تؤدي بك اما الى الحب واما الى الندم لأنك لم تحب!

أول النص

ما لاح في خشوم المزون المزابير

وما هل فوق البيد غيثٍ حضنها

وما ودّه الراعي لصفر ومغاتير

أصحابها شوف البلد ما فتنها

تتبع هواها ما تحسْب المخاسير

وتشرب غلاها يوم تشرب لبنها

عبيد الأزمع

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 680 - الجمعة 16 يوليو 2004م الموافق 28 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً