العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ

المنظمات الدولية: «إن. دي. آي»و«آيفيس» مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في العام الماضي بادرت منظمة «آيفيس» لتنظيم ورشة عمل لتدريب الناشطين والمسئولين عن تنظيم الانتخابات، ورتبت واستعدت حتى آخر لحظة عندما تلقى المسئولون عن الورشة اتصالا من أحد المسئولين يخبرهم بأن المؤسسة غير مرخص لها، ولا يحق لأية مؤسسة القيام بنشاط ما إلا إذا كانت تملك رخصة.

منظمو الورشة آنذاك، احتجوا بأن هناك منظمة دولية أخرى تمارس أعمالها من دون عائق، ولكن الجواب الرسمي لم يكن متوافرا. الحديث الدائر هو ان مؤسسة «إن. دي. آي» تحظى بدعم الديوان الملكي، وانها تمارس نشاطا مساندا للجمعيات الأهلية، وان تلك الجمعيات استقبلت ما ينتج عن الـ «إن. دي. آي» بصدر رحب، وخصوصا ان الأنشطة تشتمل على زيارات لأميركا وعدد من الدول العربية للاطلاع على التجارب أو لحضور ورش تدريبية استفاد منها من حضرها كثيرا.

مؤسسة الـ «إن دي آي» استفادت منها أكثرية الجمعيات الأهلية، ولاسيما تلك التي ترفع شعارات متشددة في الصحافة وفي الندوات، وهي بحد ذاتها استفادت لأنها استطاعت ان تقدم انموذجا للعمل مع المجتمع من دون حساسية... حتى في الفترة الأخيرة.

فكرة المؤسسات المماثلة للـ «إن. دي. آي» نبعت في ثمانينات القرن الماضي عندما بدأت مدرسة في الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية تتحدث عن ضرورة توجيه المساعدات الى المجتمعات بدلا من الحكومات. فبدلا من ضخ الأموال الى الحكومات التي تهدرها على الأسلحة وعلى المخابرات وبالتالي اضطهاد شعوبها، وانعكاس هذا الاضطهاد الى كراهية للنظام ومن ثم كراهية لأميركا لأنها تقف خلف ذلك النظام، يمكن خلق أجواء تفاهم فيما لو تم تبادل الافكار المشتركة بشأن الديمقراطية وحقوق الانسان.

وعلى هذا الأساس، فإن بعض الأموال - ربما أقل من واحد في المئة من الأموال التي كانت تعطى للحكام - بدأت تتوجه الى ما يطلق عليه مؤسسات المجتمع المدني. ومنذ ذلك الحين والحساسيات لم تهدأ من مختلف الأطراف، بحق أو من دون حق. وما حدث في مصر عند سجن مدير مركز ابن خلدون سعد الدين إبراهيم واتهامه بالعمالة للأجنبي لمجرد انه طالب بانتخابات عادلة ومراقبة لإجراءاتها، دليل على ما ينتظر الناشطين في مؤسسات المجتمع المدني عندما يبدأ تأثيرهم في الازدياد.

في البحرين، المشكلة أقل، ويجب ان نتعامل بحكمة مع الأمور. فليس كل شيء من أميركا سيئ، وإلا لتوقفنا عن استخدام «الإنترنت»، ولأغلقنا السينما، ولقاطعنا العاملين فيها الذين انتجوا وينتجون الكثير مما ينفعنا، ومثال على ذلك فيلم «فهرنهايت 9/11»، المعروض حاليا في دور السينما. ثم ان هناك في الدوائر الغربية من يؤمن - عن صدق وإخلاص - بأن نشر الديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان سيساعد على نشر السلام وإزالة الكراهية مع ضمان حقوق الجميع. هذه العبارة لا يمكن الاختلاف عليها، كما لا يمكن تصديقها بصورة مغفلة وكأن القضايا من دون تعقيدات. ولكن ما هو غير محبذ هو ان تخلط الأمور بحيث ترتفع الشعارات ويستفيد البعض منها في إطلاق المزيد من الكلام المجاني الذي يقال بسبب أو من دون سبب، وفي كل مناسبة. من حقنا ان نطالب أية مؤسسة بأن تسجل نفسها قانونيا مثل أية مؤسسة أخرى، ومن حقنا ان نثير الأسئلة، ومن حقنا وحق غيرنا ان يجيب عنها، ومن حقنا ان نطلب أن يكون هذا النشاط أو ذاك ضمن حدود ثقافتنا الإسلامية... كل هذا من حقنا وحق أي شخص وهبه الله قدرة التعبير عن نفسه، ولكن في الوقت ذاته علينا ألا نخرج الموضوعات عن إطارها الصحيح ونتحدث عن الأمر وكأننا ندافع عن «سيادتنا الوطنية» في الوقت الذي لا يستحق الأمر كل ذلك

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 692 - الأربعاء 28 يوليو 2004م الموافق 10 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً