العدد 2778 - الخميس 15 أبريل 2010م الموافق 29 ربيع الثاني 1431هـ

أطوار مقتدى الصّدر

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«نحن مقبلون على مرحلة جديدة، لا مكان فيها للمحتلّين ولا للظالمين ولا للبعثيين ولا للإرهابيين ولا للمُنشقين ولا للمُخرّبين ولا للطائفيين ولا للذين ملأوا السجون بالمقاومين، ولا لمن ملأوا العراق بالعاطلين ولا لمن أيّدوا المحتلّين ولا لمن أبعدوا الجيران والمجاورين». هذا جزء من خطبة مقتدى الصّدر التي أناب في إلقائها أحد معاونيه، خلال مظاهرة النجف الأخيرة.

بطبيعة الحال فإن الصّدريين تجرّعوا غُصَصا خلال حرب صولة الفُرسان التي شنّها عليهم نوري المالكي في البصرة وبغداد، وهي في كلّ الأحوال معركة ظالِمة، قضى فيها أبرياء من التّيار الصدري بدم بارد. كما ذاقوا ذات المرارة على يد القوات الأميركية، وأصبح لديهم أكثر من ألفي سجين منذ العام 2004 ولغاية الآن. هذا على مستوى التقابل بين التيار وغُرَمائه.

فيما خصّ حقيقة التيار الصّدري ومسلكه السياسي، فإن الأمر يحتاج إلى نقد إلى جانب التعاطف. فصعوبة التيار تكمن من صعوبة زعيمه. فعندما تستمع لمقتدى الصّدر، لا تستطيع أن تجمع خيوط أفكاره بالشّكل الذي يُريح أذنك. هي ليست كياسة فائضة منه عبر تحوير متقافز للفكرة، بقدر ما هو ضياع لمنبت التصوّر عن واقعه القائم.

في معظم لقاءات الصّدر تلحظ ذلك جيدا. وَقَفتُ على العديد منها منذ بروزه كشخص وارث لتَرِكَة أبيه الهائلة. لَفَتَني لقاءٌ جمعه بالمرحوم عبدالعزيز الحكيم. طوال اللقاء لم يتّفق الصّدر والحكيم إلاّ في تبادل التحايا، والسؤال عن شئون العائلة، فيما عدا ذلك كان الصّدر يردّ على الحكيم بالتَّحَاجِ غير مفهوم، ومِرَاء مُمل، بحيث تُدرك أنك لا تُدرك منه شيئا.

منذ أن تواتَرت الأنباء، بأن مقتدى الصّدر هو في عهدة كل من المرجع الديني البارز آية الله كاظم الحائري، وآية الله محمود الهاشمي الشاهرودي حيث يعكِفان على زيادة تحصيله العلمي الحوزوي وأنا أفكّر في أمر الرّجل. هل سيستطيعان حقا إشباعه علما؟ المُلاحظ أن الصّدر لا يحتاج إلى مزيد من العِلم، بقدر ما يحتاج إلى مزيد من القدرة على البيان، وحسابات أكثر دقّة في السّياسة (هذا إن كان له شيء من ذلك أصلا).

كان ابن المقفّع يقول «اعلم أنّ بعضَ العطيةِ لؤمٌ، وبعضَ السلاطةِ غيمٌ، وبعض البيانِ عَي، وبعض العلمِ جهلٌ؛ فإن استطعتَ ألاّ يكون عطاؤك جورا، ولا بيانُكَ هذرا، ولا علمكَ وبالا، فافعل». هذه حقيقة الأمر بالنّسبة لمقتدى الصّدر.

بعد الانتخابات الأخيرة أَلزَم الصدر نفسه ومريديه باستحقاق خطير. قام باستفتاء داخل تيّاره لانتقاء شخص رئيس الوزراء المُقبِل. صوّت التّيار الصّدري بأغلبية كبيرة لإبراهيم الأشيقر الجعفري من بين خمسة مُرشّحين. الجعفري كان رئيسا للحكومة العراقية إبّان الحرب الطائفية، ومنها كرهَه السُّنّة وجزءا مهمّا من الشّيعة.

وخلالها أيضا لم يستَسِغه الأكراد بسبب موقفه من كركوك وعلاقته بتركيا. الذاكرة العراقية الخاصّة بحقبة الجعفري قد تكون مزعجة للكثيرين. حادثة جسر الأئمة. تفجير صهريج المُسيّب. تفجيرات بغداد الجديدة. والأهم تفجير مرقدي العسكريين في سامراء في فبراير/ شباط من العام 2006 رغم أن الملف الأمني لا مفخرة لأحد فيه، فالجميع فاشل في اختباراته.

في المُحصّلة، فإن خطوة التيار الصّدري في عملية الاستفتاء لم تكن موفّقة. فأين سيقف بمقاعده النيابية الأربعين ومع مَنْ؟! وأين هو من ترشيحات الائتلاف الوطني الذي ينتمي إليه؟! وأين هو من السُّنّة والأكراد وباقي الكتل وبالتحديد الكتلة الفائزة بزعامة علاّوي. وأيضا أين سيقف من هواجس الإقليم؟! هذه استفهامات كان الصّدريون في غنى عنها لو أن زعيمهم يفهم كما يجب في أمور دنياه.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2778 - الخميس 15 أبريل 2010م الموافق 29 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:01 م

      أخطأت تحليل الشخصية

      للزوار 1و2و3و4و6 أحسنوا الحديث وتأدبوا بلباقة التعبير عن الرأي ثم أكتبوا ماتشاؤون.
      وللكاتب الأخ محمد أقول بأن كلامك عن السيد حفظه الله (بحاجة إلى قدرة على البيان وحسابات أكثر دقة في السياسة) هو استنتاج منك لا يعني أن الآخرين كذلك، ولو أيضاً رجعت لخطب أبيه الشهيد الثاني لرأيت النَفس ذاته وهذا ما عَّرض شخصية الأب للنقد هو يعرض الأبن للنقد.
      ثانيا أن الحسابات السياسة هي اجتهاد وكم من السياسين وقعوا نتيجة تحليل وقراءة للأحداثبشكل خاطئ.
      أخوك صادق العويناتي

    • زائر 7 | 5:28 ص

      14 نور

      بصراحة لم تكن موفقاً بهذا المقال يا أستاذ محمد فمن تتكلم عنه شخص لا يمكنك الإستهانة به و ما هو على الأرض دليل بحد ذاته وبدايته طرد البريطانيين من البصرة وذلك عن طريق الحنكة فالبريطانيين كالورم الخبيث و هم أخبث من الأمريكيين فإن كنت تقول بإنك على إطلاع فأنت لست كذلك فتخير الكلمات قبل إسقاطها إسقاطاً يا سيدي الفاضل و لا فرق بين الحكيم و الصدر يا أخي.

    • زائر 6 | 3:17 ص

      مقتدى الصدر لا يستحق الزعامة

      اتفق معك يا زائر رقم (3) بأن الزعامة الدينية صارت بالوراثة من غير مؤهلات.
      وكنت منذ زمن انتظر أحد يؤيد فكرتي عن مقتدى الصدر حيث كانت والدتي تعارضني في نظرتي إليه على اعتبار أنه سيد ورجل دين ولكنني لم أكن أرتاح عندما أراه في التلفاز ولا تغرني الأشكال فشكراً لك كاتبنا الكريم

    • زائر 5 | 2:46 ص

      الكلام والعمل

      بعض السياسيين لا يجيدون الكلام ولكن يجيدون العمل وهذا ما نتمناه في مقتدى الصدر

    • زائر 4 | 2:30 ص

      العراق في يد الصبيان

      يقول الامام علي عليه السلام يأتي زمن يولّى فيه الصبيان .. وهذا هو الحاصل.. في تيار بدر و الصدر .. مع احترامي للجميع بس اكيد هناك من هو مؤهل اكثر من عمار والصدر واكثر خبرة وحنكة

    • زائر 3 | 12:32 ص

      جابر

      هل تصدّق أنا أنا ذو التعليم البسيط والثقافة الحافية والذكاء المحدود ، اسمعه يتكلم فأشعر باشمئزاز و قرف من ضحالة اسلوبه وعدم قدرته على البيان (كما تفضّلت) ، وآخر لقاء كان له على الجزيرة ،كان يتحدث بعبارات مرسلة ممجوجة ذاتها التي يكررها في كل لقاء: وحدة .. طائفية .، كرامة .بحيث كما شخصته تماما لا تستطيع ان تعي ماذا يقول لأنه هو ذاته لا يدري ماذا يقول! المشكلة في كونه لبس جلباب ابيه ظنا منه انه لبس معه علم و ذكاء و فصاحة ابيه ، لا ادري لم صارت الزعامة الدينية تورث ايضا كالزعامات السياسية!

    • زائر 2 | 12:20 ص

      أمره عجيب!!

      منذ الوهلة الأولي التي استمعت فيها إلى مقتدى الصدر قلت في نفسي الله يستر على العراق من هذا الشخص .. فطريقة كلامه لاتوحي بأن الرجل يشتغل سياسة بل يشتغل هوي هوي .. وكثيراً مايردد كلمة (أنا) وقد أحصيت له في آخر لقاء مع غسان بن جدو عشرات (الأنا)!! غريب أمره هذا الرجل والأغرب منه تلك الألوف وربما الملايين من المؤيدين العراقيين!! بصراحة كلما استمع إلى عمار الحكيم أقول في نفسي ماتعطي السيد مقتدى شوية بيان وفصاحة وكياسة ورجاحة عقل

    • زائر 1 | 11:36 م

      نعم

      صدقت يا استاذ محمد

اقرأ ايضاً