العدد 2780 - السبت 17 أبريل 2010م الموافق 02 جمادى الأولى 1431هـ

صواريخ «سكود» ونفي دمشق

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

لماذا سارعت دمشق إلى نفي مزاعم إسرائيلية بتزويد حزب الله بصواريخ «سكود» البعيدة المدى؟

مصدر مسئول في وزارة الخارجية السورية رد على المزاعم بالتأكيد على أنها تهدف إلى المزيد «من توتير الأجواء في المنطقة وإيجاد مناخ يهيئ لعدوان إسرائيلي محتمل وذلك للتهرب من تلبية متطلبات السلام العادل والشامل».

النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله استنكر تبني الولايات المتحدة الأقاويل الصحافية الإسرائيلية وذكر أن «الضغوط الأميركية والتهويل الإسرائيلي لن يؤثرا في خيارات الحزب والتزامه الدفاع عن لبنان بكل الوسائل».

وكانت واشنطن حذرت من تطوير ترسانة حزب الله الصاروخية لأنها تضع «لبنان وسورية أمام مخاطر حقيقية» وتهدد «استقرار المنطقة كلها». وقام مسئول في الخارجية الأميركية بنقل رسالة إلى السفير السوري في واشنطن مشيرا إلى أن صواريخ «سكود» البعيدة المدى والدقيقة الإصابة تشكل تهديدا خطيرا «للاستقرار الإقليمي».

النفي السوري السريع للمزاعم الإسرائيلية جاء في محله، مشيرا إلى توقيته واحتمال ارتباطه بنقطتين: الأولى تهرب تل أبيب من مسئولية السلام العادل والشامل، الثانية محاولة التغطية الإعلامية استباقا لعمل عدوان تحضر له حكومة الثنائي نتنياهو - ليبرمان.

المزاعم الإسرائيلية لابد أن تؤخذ جديا وتدرس من كل جوانبها في فترة تبدو السياسة التي تعتمدها حكومة أقصى التطرف مفضوحة بعد أن انكشفت أوراقها على الكثير من الأصعدة. تل أبيب تعيش الآن لحظات توتر وقلق واضطراب بسبب تصادمها مع التوجهات الدولية والعربية حتى الأميركية الداعية للموادعة والمصالحة وفق ما تقتضيه تلك النصوص والفقرات والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ومرجعية «مؤتمر مدريد». وبسبب انحشار تل أبيب في زاوية حادة أخذت تبحث عن ذرائع للتهرب وتعطي ذاك الغطاء المطلوب لتبرير خطة عدوان تقلب نظام الأولويات وتورط دول الغرب في فوضى إقليمية في إطار خريطة «الشرق الأوسط» الصغيرة.

مسارعة دمشق إلى النفي بقوة المزاعم الإسرائيلية جاء في الوقت المناسب لأن التسريبات الإعلامية عن صواريخ «سكود» السوفياتية الصنع والكلام عن تعديل موازين القوى واحتمال تهديد مفاعل «ديمونا» النووي أرسلت مجموعة إشارات عنيفة تجاوزت بوضوح حدود لبنان الجغرافية. فهذه الأقاويل لم تقتصر على تهديد بلاد الأرز بالحرب كما حصل في العام 2006 مثلا، وإنها لمّحت إلى توسيع نطاق العدوان المحتمل من خلال الإشارة إلى مصدر الصواريخ والجهة التي تسهل تمريرها.

هذا الجديد في الموضوع يرجح أن يكون السبب الذي دفع دمشق إلى المسارعة ونفي تلك المزاعم الإسرائيلية. في السابق كانت العادة تكتفي بالإشارة إلى لبنان (المصب) وتتجاهل المنبع والممر والجهة والمصدر والممول وغيرها من عناوين. هذه المرة جاءت المزاعم الإسرائيلية أكثر وضوحا في تحديد الجهة بالاسم وتهديد المصدر بالاسم. الكلام لم يعد عن لبنان فقط وإنما عن سورية أيضا ما يدل على وجود متغيرات في الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية واحتمال ترسيم سيناريوات عن حرب إقليمية تتخطى حدود البلد الصغير جغرافيا.

الكلام الإسرائيلي عن أن السلاح المتطور جاء «عبر سورية» وتبني واشنطن وباريس لتلك المزاعم الصحافية والبناء عليها وتفسير مخاطرها «الإقليمية» أعطى الاتهامات إشارات غير معتادة ومخالفة لكل ما هو متوافق عليه في السابق وتحديدا منذ وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973.

الإشارة بالاسم كانت الدافع الرئيس الذي أدى إلى مسارعة دمشق إلى نفي المزاعم الإسرائيلية، لأن الكلام الصحافي الممهور بتوقيع واشنطن وباريس أظهر أن هناك توجهات دولية جديدة في التعامل مع الملف اللبناني ما يؤشر إلى احتمال نمو استراتيجية عسكرية جديدة تعدل قواعد اللعبة ومساحات الاشتباك في حال استخدم حزب الله هذه الصواريخ البعيدة المدى.

إعادة قراءة التصريحات الإسرائيلية والأميركية والفرنسية بشأن تزويد سورية حزب الله بمنظومة «سكود» تساعد على التقاط مضامين جديدة في التعامل مع زوايا الاشتباك في حال وقعت الحرب. فالتعليقات لم تحصر ردة الفعل في الدائرة اللبنانية وخطوط الدفاع في الجنوب اللبناني وإنما توسعت في تلميحاتها حين حذرت من أن الصواريخ تضع لبنان وسورية «أمام مخاطر» وتهدد «استقرار المنطقة». وبهذا المعنى اعتبرت الجهات السورية أن تلك المزاعم هي تهديدات تشير إلى أن الرد لن يقتصر على الجبهة اللبنانية كما كان الأمر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. أو ما حصل خلال العدوان الأخير في صيف 2006.

توضيح الجهة بالاسم وعدم الاكتفاء بالإشارة إلى عنوان المتلقي فقط وتحديد المخاطر على المستوى الإقليمي، كلها مجموعة نقاط ترسل علامة على وجود استراتيجية عسكرية إسرائيلية جديدة في التعامل مع أي مواجهة محتملة في المستقبل. وهذا التطور في قواعد اللعبة وعدم تجهيل المصدر والمعبر والممر ربما يكون هو السبب الذي دفع دمشق إلى المسارعة إلى نفي المزاعم حتى لا تتحول الأقاويل الصحافية إلى وقائع غير دافعة ولكنها قد تكون كافية لاستخدامها ذريعة في لعبة الصراع وتوسيع دائرة الاشتباك ومساحة الرد الجغرافية.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2780 - السبت 17 أبريل 2010م الموافق 02 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:09 م

      14 نور :: أصبح الدفاع عن النفس خطيئة

      حذرت واشنطن من تطوير ترسانة حزب الله الصاروخية لأنها تضع لبنان وسورية أمام مخاطر حقيقية, نفهم من ذلك بأننا يجب أن نسلم السلاح ونفتح صدورنا وبيوتنا لهم و يجب أن نسألهم غزونا لا أن ننتظرهم ليغزونا, هل تفكرتم في هذه العبارات الطنانه وهل وزنتموها, فإن وزنتموها ستعرفون أن قائلها سفيه بل تافه فكيف يتجرأ على أن يقول مثل هذا الكلام, و الأدهى بأنها معلومات صحفية فقط لا غير فهل من الحنكة السياسية أن يهدد بلدان من بلدان العالم لهم سيادتهم بناءً على معلومات صحفية ولكن إن لم تستحي فإفعل ما بدالك .

اقرأ ايضاً