العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ

تل أبيب واختلاف قواعد الاشتباك

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

السلوك السياسي الذي تعتمده حكومة النازية الجديدة في تل أبيب يمكن أن يدفع المنطقة نحو حافة الهاوية إذا تواصل نهج إقفال الأبواب أمام كل المبادرات السلمية ونداءات الموادعة والمصالحة.

هذا الاحتمال السلبي ليس مستبعدا في حال قررت حكومة الثنائي نتنياهو - ليبرمان الدخول في مغامرة شاملة تزعزع الاستقرار الإقليمي وتورط الدول الكبرى في فوضى عامة تستهدف تعديل نظام الأولويات وإعادة ترتيب الأوراق بحيث يصبح الملف الفلسطيني في درجة ثانية أو ثالثة من الاهتمام الدولي.

هناك إشارات كثيرة صدرت عن حكومة أقصى التطرف تدل على وجود اتجاه يريد تغيير قواعد اللعبة من خلال توسيع جغرافية دائرة الاشتباك وعدم قصرها في إطار محدود (الساحة اللبنانية) كما جرت العادة في سلسلة مواجهات ميدانية وقعت في العقدين الماضيين.

الإشارة الأولى ظهرت من خلال الإصرار على سياسة توسيع المستوطنات أفقيا وعموديا وتوطين المهاجرين في الأحياء العربية في القدس وهدم المنازل وجرف الأراضي الزراعية وتهديد آلاف المقيمين بالطرد والترحيل من ديارهم وضم المعالم الإسلامية إلى المواقع الأثرية الإسرائيلية.

الإشارة الثانية ظهرت من خلال تأكيد سياسة المقاطعة لكل دعوات التفاوض التي صدرت عن واشنطن والاتحاد الأوروبي ودول الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية.

الإشارة الثالثة ظهرت من خلال تجدد الاختلاف مع الإدارة الأميركية بشأن الملف النووي الإيراني ورفض الرئيس باراك أوباما إعطاء الضوء الأخضر للخيار العسكري قبل أن يستنفد الحل السلمي كل وظائفه ومبرراته.

الإشارة الرابعة ظهرت من خلال امتناع تل أبيب عن إعطاء إيضاحات بشأن أسئلة محددة قدمتها واشنطن لحكومة الثنائي تتعلق بمجموعة نقاط تتصل مباشرة بملف استئناف التفاوض ومدى استعدادها للتجاوب مع القرارات والمواثيق الدولية.

كل هذه الإشارات وغيرها بدأت ترسم خريطة طريق مقفلة الاتجاهات والمنافذ، ما أدى إلى تصعيد لهجة نقدية من الجانب الأميركي مقابل مقاطعة لدعوة مؤتمر الأمن النووي من الجانب الإسرائيلي.

سياسة إقفال الأبواب تؤدي دائما إلى خيارين: إما استدعاء قوى من الخارج لكسرها وإطلاق حركة دينامية تفتح الطريق لمعادلة جديدة، وإما اضطرار القوى المنطوية على ذاتها في داخل الغرف المنغلقة إلى الاندفاع وتحطيم الأبواب للخروج من المأزق الخانق.

حكومة النازية الجديدة تمر الآن في وضع قلق فهي غير قادرة على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ودفع كلفة مستلزمات السلام، وهي أيضا لا تستطيع الخروج على المعادلة الدولية وكسرها من دون أن تدفع كلفة تداعيات الحرب. وفي الحالين تبدو المؤشرات السلبية مخيفة لأن الثنائي الذي يتحكم بالسياسة الإسرائيلية يطمح إلى خوض تجربة مغامرة تكسر قواعد اللعبة التقليدية من خلال توسيع رقعة المواجهة وتحويل الاشتباك من دائرة الحرب المحدودة (الساحة اللبنانية مثلا) إلى الحرب الشاملة (الساحات الإقليمية). والكلام الإسرائيلي (أخبار صحف) عن تزويد سورية حزب الله بصواريخ سكود وانجراف واشنطن وباريس إلى البناء على هذه المزاعم يوجه إشارة خامسة عن احتمال تعديل الاستراتيجية العسكرية السابقة التي يبدو أنها استنفدت أغراضها ولم تعد تكفي للتغطية على حقبة اللاسلم واللاحرب.

هل وصلت حكومة تل أبيب إلى سن اليأس وأصبحت على قناعة بأنها غير قادرة على التكيف مع متطلبات الكهولة وتريد أن تجرب حظها وتخوض مغامرة لتأكيد فتوتها وشبابها؟

الإشارات الخمس التي ظهرت خلال السنة الماضية، وتحديدا بعد دخول أوباما البيت الأبيض وتجميده استراتيجية التقويض التي اعتمدها سلفه جورج بوش، تدل على وجود هواجس ترفع من درجة التوتر في جانب وتهدد الأمن الإقليمي في جانب آخر.

هذا القلق الناجم عن الضعف أو العجز على التكيف مع المتغيرات والمستجدات لا يكفي لتبرير حرب شاملة تتخطى حدود اللعبة المتعارف عليها منذ نهاية العام 1973. فهذا التطور الدراماتيكي المحتمل حصوله في منطقة الاشتباك يتطلب ذريعة يقدمها الطرف الآخر تشجع على الانزلاق نحو المغامرة العسكرية أو الإفراط في استخدام العنف والقوة، كذلك يحتاج إلى ضوء أميركي أخضر يعطي الغطاء لتمرير ضربة تكون فاتحة لمواجهة أكبر.

حتى الآن تبدو مثل هذه المعطيات غير متوافرة. فالمحور السوري - الإيراني غير مستعد ولا يستطيع تحمل تداعيات حرب كبرى وشاملة، كذلك تبدو واشنطن في مكان لا يسمح لها بإعطاء الضوء المطلوب للبدء في خوض مغامرة ليست بالضرورة مضمونة النتائج. وبين هذه وتلك يرجح أن يبقى الشعب الفلسطيني هو الضحية التي تستنزف وتدفع الكلفة على أصعدة مختلفة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2781 - الأحد 18 أبريل 2010م الموافق 03 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:13 ص

      14 نور // تابع لنهاية إسرائيل و معها أقزام المنطقة

      مكان السقوط ومن معها من أقزام فالحراك الشعبوي صار كما البركان الذي يستعد لقذف ما في بطنه للخارج و الشعوب العربية و الإسلامية فاليهود قد كسروا حاجز الخط الأحمر و الحكام كسروا حاجز الإحترام للمواطن وعدم إكتراثهم بالقدس الشريف وسقوط ألاف الفلسطينيين منذ النكبة لكل النكبات التي تلتها وظلم الحكام لشعوبها ومؤتمرات النقم العربية التي أزهقت روح العروبة عند الشارع العربي فهذه علامات اليقظة في الشارع العربي الذي سيغير العالم بيديه فإذا ما فكرة إسرائيل بحرب المحاور فهي إلى الدمار تسير و الموت المحتوم.

    • زائر 1 | 4:04 ص

      14 نور // نهاية إسرائيل و معها أقزام المنطقة

      إسرائيل و ما أدراك ما إسرائيل, دولة غير شرعية قامت على جثث الضحايا الفلسطينيين وعلى أرضٍ نعتقد و يعتقدون بأنها مقدسة وهي كيان غاصب عنصري يؤمن بأن اليهود شعب الله المختار و يؤمنون بأنهم الشعب الذي أعطاه الله السلطة على رقاب بقية البشر و بالفعل هم يتحكمون بالعالم عن طريق اللوبيات التي تؤثر على إقتصادات أكبر دول العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأم لهذا الكيان و التي ترعى مصالحها على الدوام و الحامية بلا منافس لهذه اللقيطة ولكن زوال هذه الدولة قريب لدرجة إننا نستطيع أن نرى توقيت و

اقرأ ايضاً