العدد 732 - الإثنين 06 سبتمبر 2004م الموافق 21 رجب 1425هـ

العجوز الذي كلّم الجرذان

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

لا أعلم حقيقة سر الحكم على تجربتين وكأنهما في المستوى نفسه من الجودة، مع البون الشاسع بينهما. ويثير التساؤل أكثر أن تجد الكثير من النقاد الأميركيين مثلا يفتتنون بكل ما يمت الى أميركا بصلة بدوافع شتى. فيقومون بوضع كاتب مثل (ه.ب. لافكرافت) في مصاف (ادجار ألان بو) ليثيروا الكثير من التساؤلات بخصوص القيم التي يقوم على أساسها هذا الجمع. اذ كيف يكون الاثنان في مصاف واحد مع أن لافكرافت ارتكز أساسا على معطيات بو؟! وكيف يمكن المقارنة بين ذلك الخيال الذي يخلب الألباب عند ادجار الان بو والذي يتمثل جليا في قصته جنة عدن ضمن مجموعة القط الأسود التي قامت بترجمتها الفلسطينية الراحلة خالدة سعيد وبين لافكرافت الذي يقول عنه كولن ولسن أنه مشكوك في مواهبه.

يقول لافكرافت: «الحياة شيء كريه وتظهر لنا من كوامن ما نعرفه عنها تلميحات شيطانية تجعل الحياة أشد كراهية، والعلم الذي يخنقنا دائما باكتشافاته المذهلة يمكن أن يدمر النوع البشري في النهاية، لأن ما يكمن فيه من أصناف الرعب التي لم نعرفها بعد قد لا يتحمله عقل من عقولنا الفتية». فلافكرافت - بحسب ما عبّر كولن - لا يربطه في الواقع شيء من الصفات المشتركة مع بو «اذ إن رومانتيكية بو انبثقت من التعب ومن شوقه الى الحياة الهادئة»، بينما كان لافكرافت لا يتعب من محاولة إثارة الفزع في قرائه بعد كل رواية يقرأونها منذ كتاباته الأولى وهو يراسل الصحف والمجلات في قصص تعج بكلمات مثل عفريتي ومتحدر وغولي ومرعب والتي كانت تنتهي دائما بنهايات غبية. ولنأخذ مثلا من إحدى قصصه وهي «الجرذان في الجدران» لنجد «رجلا يعيد إصلاح بيت عائلته القديم ويعيش فيه مرة أخرى ويسمع في الليل أصوات الجرذان داخل الجدران فيقوم بالبحث في القبو ليكتشف سلما يقوده الى كهوف داخلية تحتوي على أدلة على طقوس كان البعض يمارسونها قديما».

فلافكرافت كثيرا بدأ رواياته وقصصه بشكل مرعب إلا أنه كثيرا ما انطلق منها الى مرعبات غامضة أضاعت حتى محاولته في إثارة الرعب

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 732 - الإثنين 06 سبتمبر 2004م الموافق 21 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً