العدد 732 - الإثنين 06 سبتمبر 2004م الموافق 21 رجب 1425هـ

قراءات في الوضع اللبناني

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

التعارض في الآراء بشأن تفسير (تقييم) بنود القرار الدولي 1559 المتعلق بلبنان يحتاج إلى مراجعة. الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله اعتبر أن القرار خطير ويتجاوز المسألة الدستورية والرئاسية، ويرتبط «بالمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة». وزير الإعلام السوري أحمد الحسن اعتبر في مؤتمر صحافي عقده في دمشق أن قرار مجلس الأمن هو «انتصار لسورية ولبنان» لأنه لم يحصل سوى على تأييد تسعة أعضاء مقابل ستة. فالوزير يرى أن مرور القرار بغالبية صوت واحد (يحتاج القرار إلى 9 من أصل 15 صوتاً) ليس مهماً. فالمهم برأيه أن القرار مر بغالبية ضئيلة. وهذه نقطة كافية لإعلان «الانتصار» أو «النجاح النسبي» أو ما قيل انه «أفضل الممكن» في مقاييس الدبلوماسية السورية - اللبنانية.

هناك تعارض إذاً بين نظرية «أفضل الممكن» وبين من يرى أنه بداية مشروع خطير لن تظهر نتائجه الآن. فالقرار يحتاج الآن إلى إجازة مؤقتة حتى يأتي الظرف المناسب لاتخاذه مجدداً «منصة للضغط» على سورية ولبنان.

وحتى لا تضيع المسألة في خضم التأويلات وتغرق بنود القرار 1559 في تفصيلات لا صلة لها بالواقع، لابد من إعادة قراءة فقراته لرسم صورة توضح ما خفي منه من إشارات غامضة تعطي ذريعة للقوي في تفسير النقاط وفق الوجهة والأهداف التي يريدها المشروع الأميركي - الصهيوني من المنطقة.

يتضمن القرار الدولي سبع نقاط (فقرات) يمكن تلخيصها بالآتي: أولاً، سيادة لبنان. ثانياً، انسحاب القوات الأجنبية. ثالثاً، حل الميليشيات «اللبنانية» و«غير اللبنانية». رابعاً، بسط السيادة اللبنانية (السيطرة الحكومية). خامساً، انتخابات حرة ونزيهة. سادساً، التعاون مع مجلس الأمن لتنفيذ بنود القرار بالكامل. سابعاً وأخيراً، الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقريره بشأن تجاوب الأطراف المعنية خلال مهلة لا تتجاوز 30 يوماً.

يلاحظ من القرار أن النقطة (الفقرة) الخامسة تتعلق بالدستور (المادة 49) والتمديد للرئيس الحالي بينما النقاط الأولى والثانية والثالثة والرابعة فقرات تتعلق بالسيادة اللبنانية وهي في مجموعها تشكل جوهر المشروع الأميركي - الإسرائيلي. فهذه النقاط طرحت سابقاً في صولات وجولات قام بها الكثير من الشخصيات الأميركية والأوروبية ورُفضت كلها لأنها تمس بالشرعية والسيادة، وتُعتبر تدخلاً في الشئون اللبنانية ولا تتمتع بأية صدقية دولية، فهي مجرد طلبات أميركية - إسرائيلية تفتقر إلى المشروعية ولا تتمتع بأي غطاء دولي (مجلس الأمن وما شابهه).

النقطتان الأخيرتان (السادسة والسابعة) تتعلقان بالمتابعة. فالسادسة تخاطب لبنان وتطالبه بالتعاون مع «الشرعية الدولية»، والسابعة تخاطب الأمم المتحدة وتطالب الأمين العام بتقديم تقرير بعد 30 يوماً يشرح أو يفصل أو يحدد مدى تجاوب لبنان مع مشروع دولي وافقت عليه غالبية أعضاء مجلس الأمن (9 من 15 صوتاً) في 3 سبتمبر/ أيلول.

هذه هي بنود القرار (سبع نقاط) في الصيغة التي صدرت بها بعد مداولات سرية خففت الكثير من التعابير الواضحة ونظفت بعض فقراته من كلمات وتسميات تذهب مباشرة إلى الهدف. فالمداولات أسفرت عن صوغ البنود مداورة وتركت للاجتهادات موضعها وفتحت بعض النقاط على تأويلات تحتمل تفسيرات مختلفة، وأخيراً ستكون الجهة القوية هي الغالبة في الميزان.

مثلاً. القرار 1559 صدر من دون الإشارة إلى سورية. فالدولتان الصديقتان روسيا والصين اشترطت حذف اسم سورية من البنود لتوافق على صدوره فرضخت واشنطن. والدول الصديقة والشقيقة أيضاً اشترطت حذف فقرة إضافية تهدد بالقيام «بإجراءات إضافية» مثل فرض عقوبات، فوافقت واشنطن وسحبت الإضافة... وفاز القرار بغالبية تقارب 70 في المئة من أصوات أعضاء مجلس الأمن في دورته الحالية.

الآن صدر القرار وأمام الأمين العام مهلة تنتهي في 3 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، لتقديم تقريره بشأن مستجدات الموقف. بالنسبة للنقطة الخامسة (الرئاسة) قضي الأمر بعد أن صوت البرلمان على التعديل والتمديد بغالبية 96 صوتاً. أما النقاط الأربع الأخرى، فهي: الأولى غامضة (سيادة لبنان). الثانية تتعلق بالقوات الأجنبية، وتعني ثلاث جهات الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا والقوات الدولية على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية والقوات السورية. الثالثة تتعلق بالميليشيات وتتفرع إلى صنفين «لبنانية» و«غير لبنانية». فما المقصود بـ «غير اللبنانية»؟ فهذا فعلاً عنوان مطاطي يمكن سحبه على مسميات وأسماء فلسطينية أو إسلامية أو غيرها من أشكال وهيئات لا يُعرف حتى الآن من هي؟ والرابعة تتعلق بمفهوم «بسط السيادة» وربما يقصد منها انتشار الجيش إلى الجنوب ومختلف بقاع لبنان.

المشروع فعلاً خطير ويتجاوز حدود لبنان ولا يتعلق بالانتخابات الرئاسية فقط، كما ذكر السيد نصرالله. فالنقاط المطروحة على حياء في القرار الدولي تشكل جوهر البرنامج الإسرائيلي المدعوم أميركياً وهي كلها مجموعة بنود نجحت الولايات المتحدة بحدود نسبية في تدويلها.

القراءات كثيرة للمشروع الدولي والتعارضات في تفسير بنوده موجودة أيضاً وهي كلها لا تدعو إلى التفاؤل

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 732 - الإثنين 06 سبتمبر 2004م الموافق 21 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً