العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ

من قتل كنيدي؟

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

بعد مرور ثلاث سنوات على هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 يجدد السؤال: من فعلها؟ فالسؤال ليس عيباً لأن الشك هو قنطرة اليقين. فالشك فلسفة الباحث عن المعرفة أو على الأقل يثير تجديد البحث عن الحقيقة الضائعة وسط ضباب كثيف يعطل إمكانات التبصر والتفكير.

مضى أكثر من 42 عاماً على اغتيال الرئيس جون كنيدي وحتى الآن لم تعرف الحقيقة. فهناك الكثير من الأوراق لم تكشف وستنتظر الملفات السرية أكثر من 25 وربما 50 عاماً حتى تعلن للرأي العام كما تنص على ذلك القوانين التي ترعى الأمن القومي الأميركي. فتلك القوانين تصنف الأرشيف السري إلى أربع درجات. فهناك أوراق تكشف بعد مرور 25 سنة، وأوراق بعد 50 ثم 75 سنة. وفي حالات خاصة جداً مثل اغتيال كنيدي أو هجمات سبتمبر فإن الأوراق (الحقيقة الكاملة) تحتاج إلى مئة سنة حتى تتأكد الإدارة من أن كل المعنيين بالمسألة قضوا أجلهم وجاءت أجيال لا تعرف الكثير ولا يهمها الموضوع باستثناء بعض المؤرخين المختصين بمثل هذه الشئون القديمة التي مضى عليها أكثر من مئة سنة.

حتى الآن لا يعرف من قتل الرئيس الأميركي حتى ذاك الذي قبض عليه (لي هارفي اوزولد) واتهم بالجريمة والمشهد الأخير الذي ظهر به كان ينفي التهمة وفي لحظة أطلق عليه النار ضابط المباحث جاك روبي بعد يوم من اعتقاله. وروبي الذي سمح له بالدخول إلى دائرة التحقيقات وإشهار مسدسه أمام كاميرات التلفزة توفي بمرض السرطان، وطوي الملف مؤقتاً.

منذ ذاك الوقت تقول الإدارات الأميركية إن اوزولد هو القاتل الوحيد ولم يشاركه أحد في الجريمة، بينما كل التحقيقات المستقلة أثبتت وجود أكثر من قاتل وأن كنيدي لم يقتل برصاصة واحدة أو بثلاث من الخلف وإنما أصيب بست رصاصات والقاتلة كانت من الأمام.

حتى الآن لم تنته فصول مسألة اغتيال كنيدي. كذلك يرجح أن البحث عن الفاعل الحقيقي لهجمات سبتمبر سيستمر حتى تنجلي الحقيقة الكاملة ويعتقد ألا تنجلي قبل مرور مئة عام، أي بعد رحيل كل المعنيين وضحايا تلك الواقعة.

الفارق بين جريمة كيندي وجريمة سبتمبر أن الأولى هناك وجهات نظر بشأنها بسبب تعدد الأوراق والملفات، بينما الثانية هناك وجهات نظر واحدة بشأنها وهي تلك التي قدمتها إدارة واشنطن وأخذ بها كرواية وحيدة نظراً إلى عدم وجود وثائق كثيرة باستثناء تلك التي نشرها البيت الأبيض وتعرف باسم «وثيقة 6 أغسطس». فهذه المذكرة التي تسلمها الرئيس جورج بوش في 6 أغسطس/ آب 2001 قبل أربعة أسابيع من حصول الهجمات تعتبر المستند الوحيد الذي اعتمدت عليه الإدارة للقول بأن تنظيم «القاعدة» هو وراء الهجمات.

هذه الوثيقة/ المذكرة التي نشرها البيت الأبيض بعد ضغوط عليه لا تقول إلا بعض إشارات غامضة ومبهمة. وبسبب ضحالتها أهملها البيت الأبيض لأنها تذكر معلومات مشتتة وغير واضحة تنسبها إلى «مصدر سري» و«حكومات أجنبية» و«وسائل إعلام» وجهاز (لم تكشف اسمه) ورد ذكره مغفلاً أربع مرات من دون الإشارة إليه (يرجح الموساد).

هذه هي الوثيقة الوحيدة التي يملكها البيت الأبيض للادعاء بأن تنظيم «القاعدة» هو من فعل تلك الهجمات. وفي ضوء هذا المستند الوحيد جرت التحقيقات وأعيد صوغ الحوادث وتركيبها لتبرهن صحة المعلومات التي وردت في «مذكرة 6 أغسطس».

وبسبب ضعف الوثيقة وعدم تضمنها إشارات واضحة أثيرت الشكوك بشأنها. فربما هناك جهات أو جهة واحدة أرادت توريط الإدارة الأميركية في حرب منفعلة ومعلنة ضد العالم الإسلامي فأرسلت تلك الوثيقة الغامضة والمبهمة إلى البيت الأبيض. وبسبب قلة معلوماتها أهملها الرئيس الأميركي ولكن حين وقعت الهجمات تذكرها فوراً وأعيدت إليه لتكون هي المستند الوحيد الذي يملكه لإعلان الحرب العالمية على الإرهاب الدولي.

حتى الآن لم يعرف القاتل الحقيقي للرئيس كنيدي، وهل كانت هناك مؤامرة ضده أو مجرد تصرف فردي قام به شخص نكرة؟ والسؤال: كم يحتاج العالم من وقت لمعرفة الفاعل الحقيقي لهجمات سبتمبر؟

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً