العدد 737 - السبت 11 سبتمبر 2004م الموافق 26 رجب 1425هـ

التصوير الرقمي وموت البطل

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

على رغم احباطات ومنفرات كثيرة تتعرض لها كثيرات من الكاتبات في الوسط الصحافي وخصوصا اللائي ينحدرن من بيوتات عريقة في الفضيلة والالتزام والحضور الشعبي، الا انني أعرف عددا منهن مازلن يواصلن مسيرتهن مادمن لا يتجاوزن مقدار أنملة تلك الفضيلة والالتزام. واذا ما جاءت الكتابة التي تصدر عن تلك الكاتبات مرتبطة بعالم مازال مقصى ومبعدا وشبه مرفوض لدى قطاعات عريضة من المتزمتين حد القرف، وأعني به عالم السينما الذي تم تعميم حال من الفساد والرذيلة ليس حوله فقط بل طال حتى أولئك الذين يتعاملون معه بمهنية عالية وبإدراك، أقول اذا ما جاءت الكتابة على ارتباط بالسينما تصبح المرأة هي الفرصة السانحة القابلة للطعن فيها والحجر عليها باي السبل المواتية والمتاحة، واذا ما اقتربت من هذا العالم وضمن المواصفات والاشتراطات والمحكّمات المرتبطة بها، تصبح ممارستها ضربا من الخروج والتمرد ومحاولة لهدم بيت الطاعة.

على أي حال، قليلات بل نادرات من يكتبن في المجال السينمائي، وسنظل نحتفظ وتحتفظ الذاكرة ربما لأعوام مقبلة باسم الزميلة منصورة عبدالأمير باعتبارها واحدة ممن تصدين لهذا النوع من الكتابة من خلال متابعة مستمرة وقراءة تسعى بشكل ملحوظ لتطوير أدواتها وتقنياتها اللغوية والتعبيرية، وبطرح لا يعمد الى الإغراق في الجوانب الفنية التي لا تشكل اهتماما لدى كثيرين خصوصا أولئك الذين مازال حضور الثقافة السينمائية لديهم شبه ضامر وغير ناضج، ونحن نتحدث هنا عن جمهور يذهب وقد هيأ نفسه لحال استقبال مباشرة لمادة الفيلم ومضمونه، ومتى ما تقلصت مساحة المباشرة تلك لن يتردد ذلك الجمهور في الخروج ساخطا غاضبا بعد أن يملأ الصالة بـ «الفشار» واوراق المحارم ولو أتيح له ادخال زجاجات الكولا فلن يتردد في كسرها على سطح الصالة كما كنا نفعل مطلع السبعينات من القرن الماضي في سينما اللؤلؤ بعد انتهاء الفيلم الهندي، خصوصا اذا مات البطل مع نهاية الفيلم، ونادرا ما يحدث ذلك، ذلك يعني أننا تعرضنا لحال من النصب والاحتيال على افتراض أن البطل خالد مخلد فيما هو يموت أمام أعيننا بعد أن دفعنا مصروف نصف الأسبوع لنراه يمعن قتلا ودمارا في مجموعة اللصوص الذين يشكلون 99 في المئة من شخصيات الفيلم!

أقول: ظلت الزميلة منصورة عبدالأمير على رغم كل الاحباطات والمنفرات، مصرّة على تحقيق ما ارتأت أنه يسهم في دور ولو بسيط في خلق وعي وثقافة سينمائية لا تخضع لأي نوع من الضغوطات والأدلجة، طالما أن تلك السينما لا تعمد الى الهدم حتى بمعناه الضيق الذي يفهمه أولئك المتزمتون، وطالما ان تلك السينما تشيع حالا من المعرفة المفقودة والمغيبة بل والمتخلفة من الأساس في حال حضورها، وهي معرفة أصبحت ترتكز الى مقومات وضرورات فرضتها طبيعة النمط الذي انتقلت فيه المعرفة من الذاكرة والأذن الى وسيلة اتصال أصبح التلقي من خلالها حاسما تبعا للوعي الكامن وراء تلك العدسة (العين)، وأصبح عامل الزمن شبه مختزل في توصيل تلك القيمة المعرفية، فيما المتزمتون على انفصال تام مع الزمن الذي يتحركون فيه من جهة وبالتالي مع الوسائط المعرفية تلك، ويظلون على استعداد للتباهي بمقولة (لكل سؤال جواب) بما فيه التصوير الرقمي (الديجيتال) الذي يحسبه بعضهم (ايريال يلتقط محطة عبادان الأرضية ومحطة الظهران قبل اغلاقها)

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 737 - السبت 11 سبتمبر 2004م الموافق 26 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً