العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ

الصداقة التاريخية والعلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا والبحرين (3 - 3)

comments [at] alwasatnews.com

زار والدي البحرين ضمن عمله التجاري في العام 1952 على متن Speedbird وهي احدى الطائرات البريطانية التابعة لشركة BOAC آنذاك، وكتب في مفكرته «غادرنا مطار هيثرو في الساعة الثامنة صباحاً، توقفنا لتناول الغداء في روما، ووصلنا بيروت في التاسعة مساء، وتوجهنا الى كراتشي قبل ان نصل الى البحرين. ومكثت في فندق BOAC Resthouse (كان يقع خلف مستشفى الارسالية الأميركية في المنامة)». زار والدي السوق وعوالي وسجل في مذكراته مشاهدة فيلم مصري في سينما تبث في الهواء الطلق في عوالي. البحرين أيضاً سجلت في العام 1976 إهتماماً عالمياً مع الرحلة الافتتاحية لطائرة الكونكورد الى الشرق قبل ان تبدأ الشركة في الخدمة التجارية في العام 1977.

أود أن أذكر شيئا عن تاريخ البريد في البحرين... لقد افتتح أول بريد في المنامة في العام 1884، وجاء ذلك تحت رعاية البريد الهندي في مومباي، وكانت البحرين مقراً للبريد الرئيسي في الخليج، واستخدمت طوابع هندية حتى العام 1933 عندما حملت الطوابع اسم «البحرين». وصدر أول طابع محلي في العام 1953، حاملا صورة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة.

اما البنوك فتعود إلى مطلع القرن الماضي، ففي العام 1900 قام مدير فرع البنك الامبراطوري البريطاني في ايران بزيارة البحرين لاستكشاف فكرة فتح فرع، وفي العام 1920 نفذت الفكرة تحت اسم Oriental Bank الذي اصبح لاحقا «بنك ستاندرد تشارترد». وفي العام 1944 تأسس البنك الامبراطوري الفارسي، الذي تحول الى اسم «البنك البريطاني للشرق الأوسط» حتى العام 1999 عندما اصبح جزءا من «إتش إس بي سي».

في العام 1953 انشأت الكنيسة الانغليكانية على ارض تبرع بها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة العام 1939، وأصبحت الكنيسة «كاتدرائية» في العام 1986. كما انطلقت مدرسة سانت كريستوفر في العام 1961. و في نهاية العام 1961 تولى الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة سدة الحكم، وبدأت العلاقات تنحو منحى آخر، وبدأت القرارات الحكومية البحرينية تتوسع في صلاحياتها بشكل ملحوظ.

وفي أواخر الستينيات من القرن الماضي مرت على بريطانيا أزمة مالية كبيرة، أدت الى الاعلان البريطاني المفاجئ في العام 1968 على لسان رئيس الوزراء آنذاك هارولد ويلسون ان بريطانيا ستسحب قواتها من شرق السويس (لخفض الالتزامات المالية) وهذا كان يعني إغلاق القواعد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا ومهد الطريق لدول الخليج للحصول على استقلالها الكامل.

حينها جرت مناقشات في محاولة لإنشاء اتحاد لمشايخ الخليج التسع، وذلك لأن الكويت كانت قد منحت استقلالها العام 1961 بعد المحاولة العراقية الأولى لضمها اليه.

البحرين في نهاية الستينيات نظرت الى تاريخها ومكانتها المحورية وقررت أن تعلن استقلالها لوحدها في أغسطس/ آب 1971، ثم أعلنت قطر استقلالها، وبعد ذلك انطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة بسبع مشيخات، كان يطلق عليها المشيخات المتصالحة من قبل.

قبل استقلال البحرين، أجرت الأمم المتحدة استفتاء للآراء، بطلب من بريطانيا وذلك لسحق المطالبة الايرانية قانونياً ودولياً، وتحقق ذلك بالفعل اذ وجدت بعثة الأمم المتحدة الأغلبية الساحقة من البحرينيين يريدون الاستقلال التام ورفضت مطالبة ايران بقرار لاحق من مجلس الأمن الدولي في مايو / أيار 1970بناء على هذا الاستفتاء. بعد ذلك استعاضت البحرين عن معاهدات الحماية السابقة مع المملكة المتحدة بمعاهدة الصداقة والتعاون وتحولت الوكالة السياسية الى السفارة البريطانية.

كانت هناك مسألة السيادة المعلقة بالنسبة لجزر «حوار» البحرينية وكانت كل الوثائق تؤكد سيادة البحرين عليها، ولكن وبسبب مطالبة قطر بها فقد تطلب الامر سنوات من أجل حلها في المحاكم الدولية وصدر الحكم النهائي من محكمة لاهاي في 18 مارس/ اذار 2001، وذلك بعد 10 سنوات من الدراسة القانونية، وقد قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي ان «حوار» تابعة لسيادة البحرين.

ولابد لي أن أضيف ملاحظة شخصية هنا، فأنا مولع جدا بذكريات بعض الرحلات الرائعة لمشاهدة الطيور في جزر «حوار». انها حقا من الموائل الفريدة من نوعها، وهي من أكبر المناطق البيئية المناسبة لتربية انواع فريدة من الطيور.

العلاقة بين بلدينا (بريطانيا والبحرين) تعتمد إلى حد كبير على المصالح المشتركة والدعم المتبادل، كما رأينا في حرب الخليج الأولى. كنت أعمل في سفارتنا في الرياض في العام 1990 عندما غزا صدام حسين الكويت، وحلت 3 صواريخ سكود على الرياض في يناير/ كانون الثاني 1991، على الحي الدبلوماسي في الرياض. وكان سلاح الجو الملكي البريطاني نشطاً في المنطقة في أعقاب الحرب عندما كانوا يحاولون فرض منطقة حظر الطيران في شمال العراق وتمركزت المقاتلات البريطانية وتزودت بالوقود في المحرق بالبحرين.

وأثناء حرب العراق الاخيرة كنت في البحرين، ومازلت أتذكر التوترات قبيل واثناء الحرب، ولم يكن أحد متأكدا تماماً مما قد يحدث. سلاح الجو الملكي البريطاني والسفن الحربية كانت تنشط في الخليج مع الاسطول الأميركي الخامس، وكان مركز عملياتهم ينطلق من البحرين.

وشهدنا خلال الاسابيع الأخيرة مرور عشرة أعوام على حكم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وهي سنوات رائعة بالنسبة لي لانني كنت في البحرين من 2001 الى 2005 وشهدت التحول من دولة البحرين الى مملكة البحرين. وأذكر جيدا الإثارة والحراك السياسي مع انطلاق أول انتخابات بلدية ديمقراطية في مايو/ أيار 2002 تلتها الانتخابات البرلمانية التي جرت في اكتوبر/ تشرين الاول 2002.

ولقد ساعدت التبادلات بين البرلمانيين البريطانيين والبحرينيين في تنشيط التعاون، وقد زار رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني مع وفد كبير برلماننا في وستمنستر (جنوب لندن)، ورتبنا لبعض النواب البريطانيين زيارات للبحرين.

علاقتنا مع البحرين الحديثة لا تقتصر فقط على الدفاع والسياسة. لقد شاركنا في تعميق المصالح الثقافية المشتركة، ويلعب المجلس الثقافي البريطاني دورا كبيرا ومازال يمتلك رمزية قوية في البحرين، مع تدريس اللغة الإنجليزية وتبادل اساتذة الجامعة.

الروابط التجارية لاتزال قوية في مجموعة من القطاعات، وليس فقط المصرفية والتأمين ولكن حتى السلع الاستهلاكية، ومؤخرا من خلال النشاطات الاستثمارية والرياضية في حلبة البحرين الدولية.

أنا فخور بأن العلاقات البريطانية - البحرينية قوية جدا، وهي علاقة حديثة مبنية على المساواة والثقة> وقبل بضع سنوات كان لدينا وزير الخارجية السابق دوغلاس هيرد وتحدث عن دور بريطانيا في العالم، مشيرا الى أن بريطانيا لها أثر أكبر بكثير من حجمها الجغرافي، وأرى أن هذه المقولة تنطبق على مملكة البحرين أيضا.

إقرأ أيضا لـ " "

العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً