اعترف رئيس اتحاد الكرة الألماني غيرهارد ماير فورفيلدر بفشل الكرة الألمانية في صيف العام الجاري، قائلاً: «لا، ليس هناك ما يسترعي الدفاع عنه، ذلك أن صيف العام 2004 كان بوسعه أن يكون ناجحا ومفرحا بصورة أكثر للكرة الألمانية. وقد منينا كاتحاد بهزيمتين فادحتين الأولى تمثلت في فشل منتخبنا للشباب تحت سن 21 سنة في بطولة الأمم الأوروبية للشباب التي لم تركز وسائل الإعلام عليها، وكذلك الخروج المبكر لمنتخبنا الأول في بطولة الأمم الأوروبية في البرتغال. إن هزيمة منتخب الشباب كانت مؤلمة جدا لأنه لأول مرة منذ 16 سنة لا تشارك ألمانيا بهذه اللعبة في أولمبياد أثينا... ويحدونا الأمل أن تفلح فتيات ألمانيا اللواتي تأهلن وبوصفهن بطلات العالم بالتعويض عما فشل الشباب والرجال في تحقيقه».
كل ذلك جاء بصورة رسالة تنشد الاستعطاف من جمهور الكرة الألمانية نشرتها مجلة «جورنال» التي تصدر عن اتحاد الكرة الألماني دي أف بي، بعد استقالة المدرب رودي فولر وحال الفوضى التي نشأت نتيجة البحث عن خليفة له حتى وقع الخيار على الكابتن السابق يورغين كلينسمان ويأمل مايرفورفيلدر أن يجري فتح صفحة جديدة وأن يتم التركيز على مباريات كأس العالم العام 2006 التي ستستضيفها ألمانيا عقب تعيين كلينسمان مدربا ويواخيم لوف مساعدا له وأوليفر بيرهوف مديرا للمنتخب الألماني. وما يجمع كلينسمان ولوف وماير فورفيلدر أنهم خدموا في نادي شتوتغارت الأول لاعبا والثاني مدربا والثالث رئيسا، ولهذا يطلق عليهم لقب الثلاثي شتوتغارت.
مما لاشك فيه أن الآمال معلقة كثيرا على كلينسمان فهل يكون منقذ الكرة الألمانية في واحدة من أحلك المراحل؟ في الثامن عشر من الشهر الجاري سيلعب المنتخب الألماني تحت قيادته في فيينا أمام المنتخب النمسوي وكل ما يحتاجه كلينسمان هو عدم الخسارة أمام الجار الذي أقصاه عن مواصلة مشوار بطولة العالم العام 1978 في قرطبة بالأرجنتين حين هز المهاجم النمسوي كرانكل شباك سيب ماير في الدقائق الأخيرة وفازت النمسا بنتيجة 3/2. لكن الجزائريين خصوصاً والعرب عموماً حين يشاهدون المباراة الودية القادمة بين ألمانيا والنمسا سيستعيدون ذكريات مؤلمة يعود عهدها إلى صيف العام 1982 في بطولة العالم بإيطاليا حين اتفق الفريقان على نتيجة التعادل كي يضمنا التأهل معا للدور الثاني وهكذا قطعا الطريق على الجزائر لبلوغ الدور الثاني.
يوم الجمعة الماضي بدأ الثلاثي كلينسمان/ لوف/ بيرهوف العمل حين قصدوا ملعب فريق فيردر بريمن لمشاهدة لقاء افتتاح الدوري في الموسم رقم 42 وكان نذيراً سيئاً أن تعطلت الأضواء في الملعب وجلس 42 ألف متفرج والثلاثي التابع لاتحاد الكرة الألماني في الظلمة مدة تزيد عن الساعتين. فهل هذا نذير سيئ للكرة الألمانية؟ على أي حال فإنها ضربة حظ لألمانيا أنه لا يتعين على منتخبها خوض تصفيات التأهل لبطولة العالم، ولن تخوض مباريات شاقة لأنها البلد المستضيف للبطولة. وفقا لما ذكرته الصحف الألمانية يريد كلينسمان أن يختلف عن فولر في أسلوب التدريب والعناية باللاعبين. ولأن كابتن ألمانيا السابق الذي لعب في ألمانيا وإنجلترا وفرنسا، عاش سنوات في الولايات المتحدة بعد اعتزاله في العام 1996، فإنه تابع الكرة الألمانية من بعيد وشاهد كيف تعمل الأندية الرياضية الأميركية في العناية باللاعبين عن طريق التدريب البدني وتوفير العناية النفسية لهم. أول ما قرره كلينسمان الذي وقع عقداً حتى نهاية الموسم الكروي العام 2006، أي بعد نهاية بطولة العالم، عدم جمع لاعبي المنتخب ثلاثة أيام قبل موعد المباراة وإنما سيكون على عاتق مدير أعمال المنتخب، بيرهوف، عقد اتصالات دائمة مع اللاعبين والاطمئنان عن لياقتهم. لكن كلينسمان سيكون بحاجة ماسة إلى تعاون فرق الدوري الألماني معه وخصوصاً فيليكس ماجاث مدرب فريق بايرن ميونيخ. وخصوصاً أن خط الوسط الذي شكله ماجاث من ثلاثة من لاعبي المنتخب الألماني أثار اهتمام خبراء اللعبة وكذلك كلينسمان. وقال ماجاث إنه بوسع خط وسط بايرن ميونيخ صنع قرار الفوز على الخصوم وهو مؤلف من اللاعبين: ميشائيل بالاك والنجم الشاب العائد من الإصابة سيباستيان دايسلر واللاعب تورستن فرينغز الذي انتقل من بريمن بطل الموسم الماضي ووقع كشوف الفريق البافاري العريق. أبلغ ماجاث صحيفة «زود دويتشه» الصادرة بمدينة ميونيخ قوله: إنني آمل أن يتحمس الألمان قدر حماس الشعب البرتغالي لفريقهم القومي في الصيف الماضي حين رفعت على شرفات المنازل يافطات كتب عليها: إننا نثق بكم. لكن قليلون في ألمانيا يعتقدون أن المنتخب الألماني بتشكيلة اللاعبين الحالية يستطيع الفوز ببطولة العالم ويشترطون أن يحدث تغيير جذري، فهل بوسع كلينسمان التجاوب مع مطلبهم؟
في أول مقابلة جرت مع كلينسمان ونشرتها صحيفة «بيلد أم زونتاغ» فاجأ مدرب المنتخب الألماني الجميع بأنه لن يجري تغييرات جذرية في صفوف الفريق. وقال كلينسمان إنه سيعطي فرصة للاعب وسط فريق لفربول الإنجليزي ديدي هامان الذي يلعب دورا بارزا في الفريق الإنجليزي وكذلك المدافع ينس نوفوتني من فريق باير لفركوزن. لكن المدرب الاتحادي الجديد قال إنه سيعطي اللاعبين الناشئين في المنتخب فرصة لإظهار كفاءتهم وأنه سيوجه إلى بعضهم دعوات لحضور التدريبات، مؤكدا أن هذا ليس معناه أن مقعد الاحتياط سيكون من نصيب اللاعبين الأكبر سنا وأكثر خبرة. وردا على سؤال عن عدم توافر مهاجم هداف في المنتخب الألماني على رغم أن فولر كان هدافا وكذلك كلينسمان أجاب الأخير: «لدي خمسة أسماء لهدافين وربما يزيد عددهم»، وأضاف «لو استغل ميروسلاف كلاوزي الفرصة التي سنحت له في الدقيقة الأخيرة ضد التشيك ولعب للمنتخب مثلما لعب في بطولة العالم العام 2002 ولو كنا فزنا على لتوانيا لكنا بلغنا الدور الثاني». وأوضح كلينسمان أنه متفائل كثيرا بمستوى المهاجمين الشباب: كيفين كورياني ولوكاس بودولسكي وشفاينشتايغر. أين تكمن قوة المنتخب الألماني إذ الصحافة الألمانية وجهت اللوم إلى خط الهجوم لفشله في التسجيل ولخط الوسط لعدم القدرة على تزويد المهاجمين بتمريرات وخط الدفاع المهزوز؟ يجد كلينسمان أن قوة المنتخب تكمن في حراسة الشباك قائلاً: «لدي ثلاثة من أفضل حراس المرمى: أوليفر كان (بايرن ميونيخ) الذي من المحتمل أن يستقيل بعد بطولة العالم المقبلة من اللعب للمنتخب ثم ينس ليهمان حارس مرمى أرسنال اللندني وتيمو هيلدبراند حارس مرمى فريق شتوتغارت الذي يتنبأ له المراقبون بمستقبل باهر». ورفض كلينسمان الإفصاح عن اسم اللاعب الذي سيعهد إليه بشارة الكابتن وهو المنصب الذي تولاه أوليفر كان بعد استقالة أوليفر بيرهوف قبل عامين وقال: لأنه لا يترتب علينا لعب مباريات تصفية بل من تاريخ 18 أغسطس/ آب الجاري وصاعدا سنلعب مباريات ودية حتى بدء نهائيات كأس العام فإنني سأحصل على الوقت الكافي لاختيار كابتن الفريق. وكانت هذه ملاحظة من كلينسمان بأن شارة الكابتن ليست حكرا على أحد حتى أوليفر كان، لكن المراقبين يستبعدون أن يختار كلينسمان بديلا لأوليفر كان، لكن كلينسمان قال أيضا إنه سيرمي ببعض اللاعبين الناشئين بالماء ليتعرف على طريقتهم في العوم والضغط عليهم لاختبار قدراتهم قبل وضع تشكيلة ألمانيا للتصفيات النهائية لكأس العالم
العدد 706 - الأربعاء 11 أغسطس 2004م الموافق 24 جمادى الآخرة 1425هـ