العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ

تداعيات معارك النجف ستكون خسارة جديدة لأميركا

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تناولت الصحف الأميركية، معارك النجف وآخر تطوراتها، وإذ رجحت التعليقات أن تحصل المدينة على هدنة مؤقتة وهشة وأكدت أن هناك بوناً شاسعاً بين ما يريده الاحتلال وحكومة علاوي من جهة وما يشترطه الزعيم الديني مقتدى الصدر وأنصاره من جهة أخرى، واعتبرت انه بفضل أخطاء الإدارة الأميركية والحكومة العراقية أضاف الصدر بعدا جديدا لأسطورته عند أنصاره وموقعا مميزا في قلوب الشيعة حول العالم.

وإذ رجح البعض أن تحدد نتائج معركة النجف شكل العراق الجديد، توقع البعض الآخر أن يكون للمعارك تداعيات أكبر بالنسبة إلى الولايات المتحدة حتى خارج العراق. ولاحظ أحدهم أن الولايات المتحدة تنتصر في المعارك وتخسر الحروب.

ففي رسالة مشتركة من النجف، توقف أليكس بيرنسون وجون بيرنز في «يويورك تايمز» عند آخر المستجدات على صعيد الحوادث الدائرة في المدينة المقدسة. وأورد المراسلان أن القوات الأميركية وميليشيا الصدر، توقفتا عن القتال بعد 8 أيام من المعارك وذلك للسماح بإجراء مفاوضات للتوصل إلى هدنة من شأنها إنهاء حصار «المتمردين» داخل مسجد الإمام علي. وأشار بيرنسون وبيرنز، إلى أن الأسلحة أنزلت بهدوء في معظم أجزاء المدينة خلال اللقاء الذي جرى ليلاً بين ممثلي الحكومة العراقية ومبعوثي الصدر في مقر محافظ المدينة.

ولفتا إلى ان وقوف الصدر في وجه القوات الأميركية في النجف أشعل تمردا واسعا في ثماني مدن أخرى. وأضافا ان المحادثات قد تنهي على الأقل مخاطر نشوب معركة حامية في المدينة القديمة والخطر الذي يتهدد مرقد الإمام علي. غير انهما لفتا إلى ان الشروط التي وضعها كلا الطرفين تبدو مختلفة تماما ما يدفع إلى عدم توقع التوصل إلى حل للمواجهات التي بدأت قبل 5 أشهر.

إلا أن المراسلين الأميركيين أشارا في هذا السياق إلى انه على رغم أن النجف لها مكانة دينية عميقة حول العالم فإن الملايين ممن قاموا بزيارة المدينة يؤيدون إجراء مفاوضات لإعادة السلام إليها. وأضافا أنه إذا خرج الصدر من المحادثات باتفاق يسمح له بالبقاء في النجف بعد المعارك التي خاضها من أجل أكثر الأماكن قداسة، فإنه سيعزز بذلك موقعه كأبرز قائد للمقاومة العراقية. وتابعا انه بالرغم من المحادثات فإن الصدر أضاف بعدا جديدا لأسطورته عند مؤيديه خصوصا بعد الأنباء عن إصابته خلال المعارك.

وهنا أكد المراسلان انه يجدر بالأميركيين والحكومة العراقية أن يدركا جيدا ان مقتل الصدر سيشعل انتفاضة شعبية واسعة. وأشار كارل فيك ورجيف تشاندرسكاران في «واشنطن بوست» في رسالتهما إلى ان القوات الأميركية أوقفت عملياتها ضد ميليشيا الصدر، لإفساح المجال أمام محادثات السلام. وإذ أوردا مجريات المحادثات، لفتا إلى ان الصدر يرغب في التفاوض بسبب الخسائر التي تكبدتها الميليشيا. وأضافا ان الحكومة العراقية أيضاً متحمسة لوقف القتال لأن عدم الاستقرار في النجف انتشر في وسط العراق وجنوبه خلال الأيام الماضية وأدى إلى تظاهرات احتجاجية وارتداد بعض وحدات من الشرطة والحرس الوطني بالإضافة إلى انتقادات وجهتها الدول المجاورة إلى الحكومة العراقية.

أما القادة العسكريون الأميركيون فأشار المراسلان إلى انهم يشككون في أن تؤدي الهدنة إلى اتفاق طويل الأمد. ونقلا عن أحد القادة الميدانيين الجنرال ديفيد هولهان، اعتقاده ان الميليشيا ليس لديها النية في الالتزام بوقف النار. وأوضح المراسلان ان القادة يخشون من أن يؤدي الاتفاق مع الصدر إلى مواجهة أخرى. وخصوصاً ان المعارك التي دارت أخيراً كانت تشبه إلى حد كبير المعركة التي اندلعت بين «جيش المهدي» والقوات الأميركية في أبريل/ يسان ومايو/ أيار الماضيين والتي انتهت باتفاق هدنة سمح للصدر بالاحتفاظ بميليشياته.

لكن جيم لوب في موقع «إنترناشونال برس سرفس» الأميركي على الانترنت، لاحظ ان الولايات المتحدة تنتصر في المعارك وتخسر الحروب... فقد نشر مقالة تحت عنوان «الولايات المتحدة تنتصر في المعارك وتخسر الحروب» أشار فيها إلى ان الولايات المتحدة تجد نفسها اليوم مرة أخرى على وشك تحقيق انتصار عسكري حاسم في العراق في النجف. غير انها في الوقت نفسه على وشك خسارة حروبها من أجل عراق مستقر وصديق ومن أجل عالم إسلامي يتوقف عن إنتاج ظاهرة معاداة السامية.

وأوضح نقلا عن الجنرال الأميركي المتقاعد دانييل كرسمان، ان لدى الأميركيين القدرة على الانتصار في كل معركة تكتيكية غير انهم سيخسرون الحرب في حال لم يوظفوا الجهود الفردية في إطار سياسي أوسع. ورجح لوب، استنادا إلى توقعات عدد من الخبراء، أن تؤدي مواجهات النجف في حال استمرت إلى نشوب تمرد واسع وطويل الأمد في جنوب العراق مشابه لما شهده المثلث السني.

وأضاف أن ثمة مؤشرات على احتمال حصول ذلك من بينها المواجهات التي حصلت بين «جيش المهدي» وقوات الشرطة والتحالف في خمس مدن أخرى. وحذر لوب، من ان معركة النجف سيكون لها تداعيات أكبر بالنسبة إلى الولايات المتحدة حتى خارج العراق. وأشار إلى ما أورده أحد المراسلين السابقين لنيويورك تايمز، في يونيو/ حزيران الماضي، من ان أية محاولة لتهميش أو سجن الصدر من شأنها أن تؤدي إلى نشوب حركة احتجاج من باكستان مروراً بإيران وصولاً إلى لبنان. لافتاً إلى ان الحكومة الإيرانية تخضع لضغوط من المتشددين والحرس الثوري من أجل اتخاذ خطوات حازمة للدفاع عن الصدر. كما ان «حزب الله» اللبناني قد يتحرك أيضاً.

وختم لوب، بالتحذير من اندلاع انتفاضة ضد الأميركيين في المنطقة لافتاً بسخرية إلى ان الأميركيين سيواصلون طرح سؤالهم المعتاد «لماذا يكرهوننا؟». ووصف مدير المركز الإسلامي في واشنطن ومستشار سابق في وزارة الخارجية الأميركية سام حمود في موقع «إنفورمايشن كليرينغ هاوس» على الإنترنت، رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي بأنه دمية في يد الأميركيين وخائن للإسلام والعراق والعالم العربي. واتهمه بأنه يستخدم النموذج النازي في إدارة شئون العراق، وطالب بمحاكمته بتهم ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب العراقي. وكشف حمود، انه ما من شك ان علاوي معروف بأنه مجرم فقد أطلق الرصاص أخيراً على سجناء عراقيين أبرياء وبشهادة الشهود. وأكد ان دعوة علاوي إلى مهاجمة النجف ومقام الإمام علي تظهر بوضوح انه منافق وغير مسلم ويتصرف كالنازيين.

وفي افتتاحية تحت عنوان «معضلات العراق الجديد!»، اعتبرت «لوس أنجلس تايمز»، ان عملية حصار النجف اختبار صعب لحكومة علاوي التي لم يمر أكثر من شهر ونصف على توليها مقاليد الأمور بالعراق. وخصوصا أنها المحاولة الأولى لهذه الحكومة لبسط نفوذها على واحدة من أهم المناطق التي تخضع لسيطرة «جيش المهدي». واعتبرت الصحيفة الأميركية أيضاً أن عملية النجف تعد نموذجاً لحالة الانفلات الأمني في العراق وخصوصاً أنه ليس لدى الجيش الأميركي القوات الكافية للسيطرة على كل الأراضي العراقية. وأكدت أنه حتى إذا تمكن الجيش الأميركي من هزيمة الصدر فإن غالبية العراقيين سيظلون تحت سيطرة الميليشيات والمقاومة.

وشددت على أن التحدي الرئيسي للحكومة العراقية والقوات الأميركية ليس السيطرة على النجف، وإنما بسط نفوذها على كامل الأراضي العراقية التي يخضع قسم كبير منها لسيطرة ميليشيات وجماعات المقاومة التي لا تعترف بالحكومة المركزية في بغداد. موضحة ان الأكراد في شمال العراق يتنافسون للسيطرة على كركوك الغنية بالنفط والمقاومون السنة في الوسط يسيطرون على الكثير من المناطق ومن بينها طرق المواصلات مع الأردن والآن فإن الميليشيا تسيطر على مناطق في الجنوب وبغداد وتنفذ الكثير من العمليات المسلحة

العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً