العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ

العام 2009 الإعداد لانتخابات الحكومة وقريباً إلغاء وزارة الإعلام

محمد الانصاري comments [at] alwasatnews.com

في العام 1936 استعانت الولايات المتحدة الأميركية بخبرات العلماء والباحثين المتخصصين في مختلف المجالات لوضع تصور ورؤية مستقبلية للخمسين سنة المقبلة، وخصوصاً على الصعيد العلمي وذلك للاستعانة بنتائجها في وضع استراتيجية مستقبلية للولايات المتحدة. ومن جانبه فقد وفر الكونغرس جميع الاحتياجات المالية والتقنية لهذا الغرض وذلك لما قدروه من أهمية في أن تكون لأميركا سياستها الخمسينية. ويذكر ان كل النتائج التي توصلوا إليها كانت بعيدة تماماً عما جرى في الخمسين سنة التي تلت البحث، فقد خلا التقرير من أي تصور عن الكمبيوتر، الفضاء، الليزر وغيرها من الابتكارات الحديثة التي توصل إليها العلم. علاوةً على ذلك فقد نظّر التقرير أن الطيران لن يصبح أكثر سرعة مما هو عليه آنذاك، وغير ذلك من النتائج التي تثبت كل يوم بان العلم مهما بلغ فإنه يعجز عن استشراف المستقبل بدقة وان، كان من الضروري باعتقادي إجراء مثل هذه الدراسات.

إن إدراك هذه الحقيقة يفرض علينا واقعاً لابد أن نجعله أمام أعيننا دائماً وهو ضرورة اليقظة والرصد العلمي وبشكل مستمر ودقيق كي لا نفاجأ بتغيرات قد لا نكون مستعدين لها.

وإذا درسنا الواقع السياسي والمتغيرات السريعة في الربع الاخير من القرن الماضي لرأينا ان المنطقة تتغير في تركيبتها وموازين قواها بشكل متسارع، فبعد الثورة الإيرانية في نهاية السبعينات ودخول العراق في حرب طويلة مع جارتها إيران، ثم غزو النظام العراقي للأراضي الكويتية ثم ظهور نظام طالبان وصولاً بحوادث سبتمبر فالحرب الأميركية على ما يسمى بالتطرف والإرهاب في أفغانستان والعراق، والتمهيد لحربين أخريين مع سورية وإيران... بعد وضع كل هذه الأمور أمام الأعين سنتوصل إلى انه لم يعد أي لاعب من اللاعبين القدامى في الملعب، بل ان الساحة الإقليمية تشهد جولات ومعارك لم تتكشف هوية أطرافها بالكامل بعد. والآن أين نحن من كل هذا الجدل؟ وهل التغيرات التي حصلت في البحرين بعد تقلد الملك حمد الحكم في البحرين هو كل ما يمكن حصوله أم هناك أموراً أخرى لا تزال تطبخ في هدوء؟

ومع انني ذكرت صعوبة توقع واستشراف المستقبل، إلا أن إمكان إصابة جزء من التوقع الواقع غير مستحيل، هذا ما جعلني اطرح توقعاتي وقراءتي للخمس سنوات المقبلة مرتكزاً على الدراسة وتحليل الواقع وبشكل علمي، إلى جانب اعتمادي على تحليل توقعات ومعلومات الخبراء والمراقبين في هذا المجال. أما عن توقعاتي على المستوى المحلي:

أولاً: أتوقع عدم انتهاء الخمس سنوات المقبلة وبلوغ العام 2009 إلا وأن تكون البحرين تعد لانتخاب الحكومة في خطوة استثنائية تأتي من قبل الحكومة نفسها دافعةً بذلك مشوار المشروع الإصلاحي إلى الأمام. وفي هذا الصدد أتصور أن الملك وبدعم قوي سيطرح على الطاولة المرحلة الأخيرة من الاصلاحات التي بدأها في العام 1999 لينتهي العقد الأول من حكم جلالته ببناء البحرين مملكةً عصرية ذات طموح وتركيبة متطورة.

ثانياً : اضمحلال عصر القبلية والأيدلوجيات بمختلف صنوفها وألوانها والانتهاء من الحديث عن الفكر القومي والبعثي والشيوعي وغيرها من الأفكار التي انتهت في معسكراتها التي ولدت فيها، ومازالت معتقة في أذهان وعقول البعض وسطوع نجم التكنوقراط تحت اتزان ليبرالي طموح ليس فيه مكان لجعل اعتقادات الناس معياراً لتقريبهم.

ثالثاً: اختفاء الصور والشخصيات السياسية والدينية التي قادت المجتمع إلى نزاعات قبلية وعرقية ودينية طويلة لتكون هي المستفيد من قهر وضياع أبناء الوطن وإحلال أشخاص متعلمين ومثقفين على درجة عالية من المهنية والتخصص مكانهم ليسيروا بالبلد نحو تطور وبناء حديث وعمراني.

رابعاً: إلغاء عدد كبير من الأجهزة والمؤسسات التي لا تنسجم والمتغيرات الإقليمية والدولية بل تعد من أنقاض الأيدلوجيات والاتزانات القبلية أو الطائفية المنتهية في دول العالم الحديث كوزارة الإعلام ووزارات الدولة التي لا يعرف لها صفة ولا هيكل بل وتتداخل في مسمياتها ومهامها مع وزارات الدولة الأساسية كوزارة الخارجية ووزارة الدولة للشئون الخارجية وغيرها من الوزارات والدوائر التي تقوم على مراقبة المطبوعات والحركة الفكرية في البلد لتؤدي دور مقص الرقيب، هذا فضلاً عن انتهاء دور المستشارين والاستشاريات الأجنبية أو العربية وإحلال مؤسسات عصرية تعنى بدعم الحركة الإصلاحية ليس لها أي يد أو سلطة على حرية الفكر والإبداع ولها مهام ودور مهني واضح.

أما على الصعيد الإقليمي فان المتغيرات قد تكون أسرع من المتغيرات المحلية، فقد تكون العراق العصرية المتطورة والتي سيحكمها نظام ديمقراطي حديث يحترم التعددية والخصوصية العراقية مركزاً لجذب الاستثمار العالمي ومنطلقاً حضارياً واقتصادياً يجعل من المنطقة موضع تطلع العالم. وفي هذا الخصوص فأتوقع أن يتجه العراق وبإمكاناته الوفيرة إلى الصناعات الدقيقة والمتميزة ليتنافس بعض منتجات شرق آسيا، وذلك بدعم من الولايات المتحدة الأميركية رغبةً منه في مواجهة المد الصيني.

كما أتوقّع تغيرات جذرية في المملكة العربية السعودية باتجاه المزيد من الانفتاح وذلك بعد موجة واسعة من الحملات الإرهابية التي ستنجح السعودية في القضاء عليها بعد مصالحة جدّية مع المعارضة السلمية في الداخل والخارج ليعملا سوياً على اجتثاث الارهاب.

أما بقية الدول العربية كمصر وسورية وليبيا والسودان فأتصور بأنه سوف تبدأ بتغيير سياساتها الحالية إلى سياسات ديمقراطية لتجاري العصر وتسمح باستمرارها في الحكم لفترة أطول غير أن الشعوب لن تقبل أن تبقى أسيرة حكوماتها بل أنها ستنتفض بشكل سلمي في الدول التي لم تصلها الإصلاحات. أما الدول العسكرية أو شبة العسكرية فإنها ستواجه بعض الصعوبات الداخلية غير إن عزم وإرادة الشعوب سيحكم في النهاية.

عالمياً أكاد أن أجزم بان الإرهاب الذي لطالما صُدر إلينا سيعود إلى موطنه الأصلي فستشهد أوروبا والولايات المتحدة حربا ضروسا مع الإرهاب تنهار فيها اقتصادياتها وستتجه هذه الدول لان تكون على حافة العالم بسبب استنزاف ثرواتها في الحروب والعمليات الإرهابية، باستثناء بعض الدول كالبرازيل وكندا ونيوزيلندا والدول الاسكندنافية التي نتوقع لها الاستمرار في الازدهار والنمو بسبب بعدها عن التوتر والنزاع السياسي العالمي وعدم دعمها الظالم وكيلها بمكيالين في قضايا الشعوب الأخرى وتوجهها عوضاً عن ذلك لتنمية الداخل.

كما أتوقع تعملق الاقتصادين الصيني والهندي وظهور تحالف جديد بين هذين البلدين ليعود للعالم قطبان يعيدان بذلك الاتزان الكوني ويساهمان سوياً - الهند والصين من جهة وبقايا أوروبا من جهة أخرى - في غزو الفضاء استعداداً لمواجهة الاكتظاظ السكاني العالمي ونقص الموارد المائية والغذائية الذي سيتضح ويزداد وذلك تحسباً لمستقبل البشرية على الكرة الأرضية

العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً