العدد 717 - الأحد 22 أغسطس 2004م الموافق 06 رجب 1425هـ

العراق... وإعادة تفريخ الجبابرة

«صدام الشعلان قبل أن ينبت ريشه!»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أحدهم سأل: لماذا لم تكتب، وعن العراق تحديداً؟ والسؤال فيه تجاهلٌ لتعقيدات الموضوع العراقي أو استسهال، فمن السهل ان تمسك القلم وتلعن الاحتلال الاميركي، وتسب بوش ورامسفيلد وكونداليزا رايس وغيرهم من جوقة المفسدين في الأرض. ولكن من الصعب إدراك أبعاد ما يجري في أرض الرافدين. ما يجري في النجف أكبر من قضية قتل أو أسر السيد مقتدى الصدر. ما يجري في النجف يُراد له أن يكون عنوان نجاح «الغزوة» الاميركية على العراق. ما يجري في النجف يطمح بعض الحمقى لأن يكون خاتمة الاضحوكة الهازلة التي يسمونها «دمقرطة العراق»!

ما يجري في النجف فتنة، ومن فوائد الفتن انها تكشف وتعرّي المواقف. الشعارات الكبيرة التي لا تجد لها صدى على أرض الواقع من شأنها أن تتهاوى. ومن لوازم الفتن هذا الغموض والالتباس الذي لا تجد له منطقاً ولا تبريراً.

ومن مظاهر أزمنة الفتن، هذه المواقف المتناقضة غير المفهومة: حكومة عراقية مهمتها تصريف الأمور حتى نهاية العام، نصبها المحتلون تحديداً لتكون «دجاجة بيّاضة»، توقع لهم على اتفاقات «شحن» براميل النفط إلى الموانئ البعيدة، فإذا بها تتحوّل إلى قردٍ متوحشٍ له أنياب! وفي الوقت الذي تعجز عن تأمين الحماية لنفسها فانها تتطاول للقضاء على أحد أقوى التيارات الشعبية التي لم يستطع صدام حسين نفسه القضاء عليها في عز سطوته وجبروته وبطشه بالمعارضين.

وزير الدفاع في هذه الحكومة حازم الشعلان، الذي لم ينبت ريشه بعد، وقف عصر الاربعاء الماضي، ليصف معارضي الاحتلال الاميركي في النجف بالأوغاد والمجرمين واللصوص وقطاع الطرق، وتوعّد بالقضاء عليهم خلال ساعات، وتبجح بأن قواته ستقتحم الصحن الحيدري، في قفزة بهلوانية. ولو كان الأمر بيد هذا الأرعن لفعلها، سنّةَ من كان قبله من الجبابرة والطغاة والمستبدين، ولكن الله أحبط مسعاه، فتفكّك جيشه قبل أن يبدأ بالهجوم، ورفض لواء بأكمله اوامره، فيما عجزت وحدات أخرى من الوصول إلى النجف الأشرف، يا حماقة الداعي وخيبة الساعي!

البراءة من الصعاليك

وفي الوقت الذي تحتاج فيه حكومة الدُمى هذه إلى كل دعم ممكن من جميع الأطراف، من الداخل والخارج، نراه يعيد إحياء مقولة سلفه الفار صدام حسين التي جرت على المنطقة الكوارث والحروب: «الرياح الصفراء قادمة من الشرق». هل مازلتم تتذكرون تلك الصيحات الجاهلية التي أضاعت قوة المسلمين والعرب وجعلت بأسهم بينهم شديداً وأمّنت جانب العدو الصهيوني لمدة عقدين من الزمان؟!

مثل هذه المسوخ تلقى جزاءها في الدنيا قبل الآخرة، منهم من زهقت روحه في رحلة صيدٍ مع القرود التي برع في تربيتها، بعد أن علقت رجله في ركاب الفرس، حتى تهشم رأسه ولم يعثر له على أثرٍ ولم يضمّه قبر. ومنهم من كانت تخرج الديدان منه في آخر أيامه، ومنهم «الفارس» الذي فرّ من القصر الجمهوري إلى جحر فئرانٍ في الأرض، ومنهم من ننتظر صنع الله فيه، أمثال هذا الصعلوك البعثي «الشعلان».

بداية الاعتبار بمصير باعة الوطن ما أعلنته مجموعة من شخصيات عشيرة الخزاعل التي ينتمي اليها، من براءتها منه ومما وصفته بأعماله الاجرامية بحق الشعب العراقي. ففي يوم الخميس الماضي، قام وفد من هذه العشيرة التي تتواجد في الديوانية ومناطق أخرى بالجنوب العراقي، بزيارة لممثلين للتيار الصدري في النجف الاشرف والديوانية، وأعلنوا براءتهم من حازم الشعلان، وقالوا إنه تخلى عن دينه وعن قيمه وصار اداة بيد المحتلين، وتوعدوا بمعاقبته بما يمليه عليهم الشرع الاسلامي.

فرخ لم ينبت ريشه بعد، لم يكمل بعد شهرين في منصب «وزير»، في حكومة مؤقتة يراد منها شحن براميل النفط للأجانب، ومع ذلك يتطاول بالهجوم على حرم مقدس لم يتجرأ صدام على مهاجمته إلاّ بعد عشرين عاماً من الحكم بالنار والحديد، إذا دققتم في تصريحاته كان يتكلم باسم الشعب العراقي أيضاً.

في الوقت الذي ننتظر ونتمنى أن يلد العراق نماذج ترفع الهام العربي، نراه يعيد انتاج جيل جديد من «الصدامّيين» الجدد. وعلى العراق والأمة العربية والاسلامية ان تستعد لدفع الثمن حتى ينبت الريش في أجنحة هذه الفراخ

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 717 - الأحد 22 أغسطس 2004م الموافق 06 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً