العدد 720 - الأربعاء 25 أغسطس 2004م الموافق 09 رجب 1425هـ

وسقط الجمل

محمود السيد الدغيم comments [at] alwasatnews.com

-

سؤال طالما كان محيراً للكثيرين: لماذا لا يقف الناس وقفة رجل واحد أمام الانتهاكات لحقوقهم في العيش الكريم، وأقصى ما يفعلونه هو التذمر والتذمر فقط؟! والجواب: أن من يسعى لانتهاك حقوق الناس، يغرقهم في التفاصيل القاتلة حتى يفقدوا بوصلتهم وقدرتهم على الدفاع عن حقوقهم.

إذا أخذنا البحرين نموذجاً، فليسأل أي إنسان نفسه: ما حجم التفاصيل الحياتية التي تؤرق حياته؟ سيجد الفقر، والقروض، وغلاء أسعار مواد البناء، وارتفاع أسعار الأراضي، وكيفية الحفاظ على لقمة العيش فضلاً عن تأمينها. أما إذا سأل السياسي نفسه: أية ملفات تواجهه؟ سيجد الملف الدستوري والتجنيس والتمييز والبطالة والفساد المالي والإداري، وسرقة الأراضي، وكلها تدار ضمن عقلية القطاع العام، بوجود أجهزة مخصصة لتسييرها في الاتجاه السلبي والمعقد، أما آلية مقاومة هذه الاتجاهات السلبية في حركة الدولة، فكلها فردية وارتجالية، ما يجعلها تفقد التأثير المطلوب في حلحلة هذه الملفات. اليوم، تهاوى ملف فساد إداري ومالي في وزارة الكهرباء والماء هكذا كما يتهاوى الجمل المنهك، بانقطاع الكهرباء عن كل البحرين، ليكشف عن فضيحة سياسية وتنموية في ظل الحديث عن مشروعات استثمارية واستقطابات بالملايين إلى رؤوس الأموال، فماذا لو سقطت كل الملفات وتكشف المخفي للناس؟ هل يمكن لأسلوب الاشغال بالتفاصيل أن يفيد في تخدير الناس أكثر فأكثر؟ الواقع: أن الخلل في اتجاهين، اتجاه لا يسعى لفك حصار التفاصيل عن الناس من خلال تنظيم خياراتهم وأولوياتهم، بل يغرق في تفاصيله وخلافاته، وهذه مسئولية تتحملها المعارضة، واتجاه آخر يرى أن جهره بالفساد وتحديه لإرادة الناس مع اشغالهم بالتفاصيل، قادر على تأمين الحل السحري لبقاء امتيازاته، وكلا الاتجاهين سيخسر الرهان، إذا ما تفتقت إرادة الناس عن وعي تفصيلي بحال التخدير هذه، وليس ذاك ببعيد في ظل الحراك السياسي الحالي

العدد 720 - الأربعاء 25 أغسطس 2004م الموافق 09 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً