العدد 724 - الأحد 29 أغسطس 2004م الموافق 13 رجب 1425هـ

بين حامل المعول وحامل المسك

«مولدٌ مبارك»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صباح يوم السبت، وما ان انتهيت من تصفح الصحف الصادرة في البحرين، حتى بدأت تصفح بريدي الإلكتروني، لأقع على رسالة كريمة من أخ كريم. تخرج من قراءة الرسالة برَوحٍ وريحان، بينما تخرج وأنفك مزكوم برائحة ما ينشره أحد دعاة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، حاملاً معوله ليضرب يميناً وشمالاً كالمصاب بالصرع، يثير الحزازات والإحن، عاش على هذا المنوال، وسيقضي ما بقي من حياته مبشراً برسالة الكراهية والبغضاء. وكأن الأمة لا يكفيها ما بها من همّ وبلاء، حتى يتفنن في رفسها بالأحشاء، كمن أصابه مسٌ من الجنون. هذا الوضع المريب يدعو كل عاقلٍ إلى التساؤل: ألهذا يعيش الإنسان الأبي؟ هل يحترم نفسه من ينشر الكراهية بين الناس؟ وهل هذه رسالة من ينصِّب نفسه مدافعاً عن مصبّ الإسلام؟ أم انها دعوة الجاهلية الأولى وأخلاق أبي جهل ونفسية أبي لهب؟ يستكثر على الناس تسميته بـ «الفأر» و«المجنون» ولا يستكثر إثارة الشحناء والفتن، والله تعالى يقول: «والفتنة أشد من القتل».

ألا ما أبعد هذه الأخلاق الصحراوية الجافية عن أخلاق الإسلام، فأنت أمام همّةٍ وضيعة، ونفسيةٍ مريضة، لن تشفيها أدوية بثلاثمئة دينار ولا ألف دينار، ولن يغنيها التستر باسم الإسلام تارة، وباسم القومية تارة أخرى. فشعبُ البحرين الذي رفع الفقيد المرحوم عبدالله فخرو على أكتافه، أراد مثل هذا القلم الأعوج أن يختزله في «داعوس من الدواعيس». هذا الرجل العملاق الشهم الرافض للظلم والمهانة والاستهانة بعقول الناس، أراد هذا الأضحوكة أن يحوّله إلى عاشقٍ ولهان لزقاق من الأزقة! وهكذا... أينما تكون الفتنة و«الزقاقية» والانغلاق، فثَمّ هذا القلم الأعوج.

كنا نظن أن هناك من ينصحه في «ضيعته» القراطيسية، ولكن يبدو أن «القرطاسي الأكبر» هو نفسه بحاجة إلى من يعلّمه أصول الأخلاق، فلا يعود ليستنقص الناس لمجرد انهم يلبسون قميصاً أزرق! وبالتالي لا تنتظروا «أن يستقيم الظل والعود أعوج»! وبالمناسبة محدثكم من عشاق اللون الأزرق فنصف أقمصته باللون السماوي الجميل.

في قبالة مثل هذه النماذج التي ينبذها شعب البحرين الطيّب الخلوق، تجد كثيرين من حاملي المسك والعنبر، ليواجهوا حامل النتن والريح العقيم، ورايات الفتنة والضلال. بل اقرأ معي هذه الرسالة من إبراهيم نتّو، من المملكة العربية السعودية الشقيقة، من مكة المكرمة، الذي يعمل منذ أكثر من عشرين عاماً في هذا البلد، واشمم فيها أخلاق المسلمين الأوائل، وطيب معشرهم ونبل أخلاقهم وترفّعهم عن الدنايا والصغائر . تبدأ الرسالة هكذا:

«في يوم الاثنين، 13 من رجب... المصادف هذا العام 30 من أغسطس/ آب... ستحل مناسبة مولد الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه). فأتقدم إلى أشقائنا «الشيعة»، وعموم المسلمين... بأطيب التحايا... وأزكى التمنيات... وكل مناسبة والجميع بخير. وأود أن يعرف من لا يعرف بمواقيت بقية «الموالد» التي يحتفل بها أتباع المذهب «الجعفري» خلال العام. ففيما يأتي، سرد جميع الموالد التي ستُحيا فيما تبقى من 2004م: مولد الإمام علي 13 رجب 1425 هـ = 30 أغسطس

مولد الإمام الحسين 3 شعبان 1425 هـ = 18 سبتمبر

مولد الإمام السجاد 5 شعبان 1425 هـ = 20 سبتمبر

مولد الإمام المهدي 15 شعبان 1425 هـ = 30 سبتمبر

مولد الإمام الحسن 15 رمضان 1425 هـ = 29 أكتوبر

وإليكم أيضاً - للمعلومية - ما مضى وانقضى من موالد:

مولد الإمام الرضا 11 ذي القعدة = 3 يناير

مولد الإمام الكاظم 7 صفر = 28 مارس

مولد الإمام الصادق 17 ربيع الأول = 7 مايو

مولد الإمام العسكري 8 ربيع الثاني = 28 مايو

مولد الإمام الباقر 1 رجب = 17 أغسطس

مولد الإمام الهادي 2 رجب = 18 أغسطس

مولد الإمام الجواد 10 رجب = 26 أغسطس

فغرضي هنا، هو تشجيع «السنة»... ليحيُّوا أشقاءهم «الشيعة»... في أحد أو كلّ مناسبة من مناسبات «الأفراح». وأيضاً في الأتراح... كما في «التعازي» في مناسبات وفيات الأئمة ونحوهم. وفيما يخص «الأتراح»... فسأعاود مرة أخرى... هب مع حلول موعد اغتيال الإمام علي (الذي تقع مناسبته قبيل العشر الأواخر من رمضان). والمهم هو المشاركة في الأتراح، والملاطفة في الأفراح... و... بقدر الإمكان.

وكل مناسبة... والجميع، سنةً وشيعة... في خير وتآخي ومحبة».

إبراهيم عباس نَتُّو.

إلى هنا، انتهت رسالته، ولكن لم تنتهِ رائحة المسك والعنبر التي تفوح منها. وشتان بين من يحمل في قلبه الأريحية والطيبة والخلق الجميل، وبين من يحمل معاول الهدم ويقضي حياته مجداً مثابراً حريصاً فقط على إثارة الأحقاد والضغائن والإحن. أشكر للأستاذ إبراهيم هذه التحية الجميلة التي لا أجد خيراً منها في يوم مولد عليٍّ (ع)، إلا الدعاء بأن يكثّر الله من أمثالك في هذه الفترة العصيبة التي تتناوش فيها الذئابُ أمةَ محمدٍ (ص) من كل جانب، ذئاب الغزو الخارجي، وذئاب الفتنة والتعصب والطائفية من الداخل. كفى الله المسلمين الشرور جميعاً

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 724 - الأحد 29 أغسطس 2004م الموافق 13 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً