العدد 739 - الإثنين 13 سبتمبر 2004م الموافق 28 رجب 1425هـ

إسماعيل: لو أقر قانون الجمعيات السياسية فذلك انتكاسة للإصلاح

شبهوه بسوط يشوي الظهور

وصف المحامي حسن إسماعيل اقتراح كتلة المستقلين البرلمانية بشأن قانون الجمعيات السياسية، بأنه «مخيب للآمال»، منوها بأنه في حال صدور هذا القانون فإنه «سيشكل انتكاسة ليس للعمل التنظيمي السياسي فحسب بل للمسيرة الاصلاحية برمتها، إذ ان هذه المسيرة قامت وارتكزت على انتقال هذه التنظيمات من السرية الى العلنية»، جاء ذلك خلال ندوة نظمتها «جمعية المنبر الوطني التقدمي الديمقراطي» مساء أمس الأول، واعتبر اسماعيل المقترح بأنه سيكون بـ «مثابة سوط في يد الوزير يشوي به ظهور الجمعيات السياسية».

وعدد اسماعيل سلبيات القانون المقترح وقيوده حسب وصفه بأنه ينتقص من مبدأ حرية التنظيم السياسي إذ انه «من العناصر الاساسية التي تبين لنا ان كان القانون يحرر ام يقيد نشاط التنظيم، سواء كان هذا التنظيم حزبا ام كان جمعية، أم كان هذا النشاط الذي يمارسه سياسيا ام غير سياسي هو الطريقة او الكيفية التي ينص عليها القانون في تأسيس اوميلاد التنظيم.

فهناك أنظمة مختلفة في القوانين المقارنة تحدد كيف يمكن ان تولد الجمعية او الحزب، من أبرز هذه الأنظمة، نظام الاخطار، ونظام الموافقة المسبقة، عندما يأخذ القانون بنظام الاخطار، فهذا القانون يفتح الباب امام تكوين وميلاد الجمعيات او الاحزاب بدون قيود، اما اذا كان القانون يتبنى الموافقة المسبقة، فهذا القانون يأخد برؤية مقيدة لحق تكوين الجمعيات او الاحزاب، ويضع سلطة تقديرية لجهة الإدارة في الموافقة او المنع».

مضيفاً «ان ابرز مثال على الموافقة المسبقة ومن دون رقابة من القضاء هو في الكويت، وقطر» وعدد اسماعيل نماذج من نظم تأسيس الاحزاب في عدد من الدول العربية مثل مصر، الاردن ولبنان.

إشكالات على طريقة التأسيس

وتساءل إسماعيل: «ما الطريقة او النظام الذي سار عليه الاقتراح بقانون الجمعيات السياسية، في تأسيس التنظيم السياسي؟

وعلى رغم ان المادة السابعة من هذا الاقتراح تستلزم لتأسيس الجمعية السياسية تقديم إخطار كتابي الى وزير العدل موقع من المؤسسين ومصدق على هذه التوقيعات، ومرفق به جميع البيانات المتعلقة بالجمعية، وان يقوم الموظف المختص ( التابع إلى وزارة العدل ) باعطاء وكيل المؤسسين إشعارا بتسلم طلب التأسيس، مبينا فيه تاريخ تقديم الطلب والبيانات والوثائق المرفقة به.

فان المادة (9) تقضي بأن وزير العدل هو الذى يعلن تأسيس الجمعية خلال (60) يوما من تاريخ الإخطار بالتأسيس، اوخلال (15) خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم الموظف المختص الايضاحات والوثائق والبيانات التي يطلبها الوزير عملا بحكم المادة (7) من هذا الاقتراح، وينشر هذا الاعلان عن تأسيس الجمعية في الجريدة الرسمية.

واذا امتنع الوزير عن الاعلان في المدد المذكورة، وجب عليه ان يخطر وكيل المؤسسين بخطاب مسجل برفض التأسيس واسباب الرفض.

اما اذا سكت الوزير ومضت المدة دون ان يعلن تأسيس الجمعية السياسية او إخطار وكيل المؤسسين برفضه يعتبر ذلك بمثابة قرار بالاعتراض على هذا التأسيس.

ومعنى ذلك أن قرار اعتراض الوزير قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا، وفي الحالين وطبقا لنص المادة (9) يجوز لأي من المؤسسين الطعن في قرار الوزير امام محكمة التمييز خلال 30 يوما من تاريخ تبليغ قرار الاعتراض الى وكيل المؤسسين، او من تاريخ فوات المواعيد المشار اليها، وذلك بحسب الاجراءات المقررة في قانون المرافعات، وتفصل المحكمة في الطعن خلال ستين يوما على الاكثر من تاريخ ايداع عريضة الطعن.

واذا قررت المحكمة الغاء قرار الوزير، فالوزير هو الذى يعلن كذلك تأسيس الجمعية من تاريخ صدور قرار المحكمة، وينشر الاعلان في الجريدة الرسمية.

الا أن عدم اعلان الوزير تأسيس الجمعية بعد صدور الحكم بالغاء قراره ليس له من أثر في تمتع الجمعية بالشخصية الاعتبارية، اذ تتمتع بهذة الشخصية وتمارس نشاطها السياسي حسبما تنص المادة (12) :

اعتباراً من اليوم التالى لنشر اعلان الوزير بالموافقة على التأسيس في الجريدة الرسمية، او في اليوم العاشر من تاريخ إعلان الوزير اذا لم ينشر في الجريدة الرسمية، اومن تاريخ صدور حكم محكمة التمييز بالغاء قرار الوزير.

وهذا يعنى وبحسب الفقرة الاخيرة من هذه المادة، انه لا يجوز للجمعية السياسية ان تعلن نفسها، ولا يجوزلها ممارسة اى نشاط سياسى او تصرف باسم الجمعية، الا في الحدود اللازمة للتأسيس، وذلك قبل التاريخ المحدد لتمتعها بالشخصية الاعتبارية.

واضح انه على رغم ان القضاء هو الذى يفصل في مدى صحة قرار الوزير بالاعتراض على تأسيس الجمعية السياسية، وهو مسألة ايجابية، فاننا نعتقد عملا بمبدأ حرية الجمعيات، بان اعطا ء الوزير كل هذة الصلاحيات، في إعلان التأسيس والامتناع اوالسكوت عنه، يشكل قيدا على تأسيس الجمعيات وعلى وجودها على الأقل من تاريخ الاخطار وحتى صدور حكم القضاء.

والحقيقة ان تأسيس الجمعيات السياسية في هذا الاقتراح - قانون الجمعيات - لا يختلف عن تأسيس الجمعيات في القانون المعمول به حاليا، بل هذا القانون الاخير ربما افضل منه في تحديد المحكمة المختصة التي تفصل في قرار الوزير، فهي المحكمة الكبرى المدنية في قانون الجمعيات المعمول به، ومعنى ذلك ان حكمها غير نهائى اذ يظل قابلا للاستئناف.

قيد السن

وتحدث عن قيد آخر هو «تقييد عمل الجمعيات السياسية وعزلها عن الجماهير، إذ إن احدى الوسائل الضرورية للتنظيم السياسي حتى يحقق الغاية من وجوده، هو ان يسعى إلى توسيع قاعدته الشعبية بما في ذلك كسب اعضاء جدد عبر العمل في أوساط الناس وتشجيعهم على الانخراط في صفوفه دون ان يكونوا عرضة لأية مخاطرة، غير ان الاقتراح بقانون الجمعيات السياسية تضمن احكاماً اعتقد انها تعوق الجمعية السياسية في اداء هذة الوظيفة، فالمادة 5/2 من الاقتراح المذكور تشترط في العضو المؤسس للجمعية او الذى ينضم اليها ان يكون بلغ من العمر احدى وعشرين سنة ميلادية كاملة وقت التقدم بطلب التأسيس او يوم الانضمام الى الجمعية، ومعنى ذلك انه يحظر على الجمعية السياسية قبول طلب اولئك الذين يبلغون من العمر ما بين 18 و20 عاما من الانضمام إلى الجمعية، علما بأن هذة الفئة الشابة هى اكثر فئات المجتمع نشاطا وحيوية وخصوصا ان القانون المقترح يتجاهل او يفتقر الى النص على حق الجمعيات السياسية في انشاء الأطر الجماهيرية الخاصة بها بما في ذلك الأطر الشبابية التي من شأنها العمل في أوساط الشباب، وهو الامر الذى يجعلنا نتساءل عن مصير الجمعيات الشبابية التي تأسست جنبا الى جنب الجمعيات السياسية وطبقاً لقانون الجمعيات المعمول به !! هل ستظل خاضعة لهذا القانون؟ ام تابعة إلى المؤسسة العامة للشباب والرياضة؟

الجهر بالهوية السياسية

وتابع «تفرض المادة (7) من اقتراح الجمعيات عند التقدم بإخطار كتابي إلى وزير العدل لتأسيس الجمعية ارفاق مجموعة من البيانات، منها قائمة بأسماء المؤسسين ومكان ميلاد كل منهم وتاريخ ميلاده ومهنته ومكان عمله وعنوانه وصورة من بطاقته السكانية، علما بأن بعض المواطنين لا يرغب في الجهر بهويته السياسية وخصوصا اننا مازلنا نعيش في مرحلة لم ترتسم بعد معالمها النهائية في المستقبل السياسي، ومازال للأسف الحظر على ممارسة النشاط السياسى الذى ساد في مرحلة أمن الدولة وما رافقه من اذى بدني ومعنوى وتضييق في الحصول على لقمة العيش مغروسا في اذهان الكثيرين، وربما يكون هذا هو أحد العوامل الرئيسة في ابتعادهم الآن عن الانخراط في النشاط السياسي العلني، على رغم تضحياتهم الكبيرة في ظل السرية، اننا في الحقيقة بحاجة إلى قانون يجعل من المواطن العادي على يقين بان انتماءه الى تنظيم ما حتى وان اختلف مع الحكم لا يجلب له الضرر ولا يضعه في مواجهة شخصية معه.

ويمكن ان نشير في هذا الصدد الى ان مقترح الاحزاب وان كان يشترك مع مقترح الجمعيات في حظر مشاركة المنتسبين إلى قوة الدفاع او الحرس الوطنى او الاجهزة الامنية في العمل السياسي، فان هذا الحظر في قانون الاحزاب يقتصر على المؤسسين فقط، بينما هو في قانون الجمعيات يشمل المؤسسين، والذين ينضمون الى الجمعية بعد التأسيس.

وفي هذا الاطار فان الشرط الذى جاء ضمن شروط اخرى لتوظيف شرطة المجتمع ألا يكون المتقدم إلى هذه الوظيفة منتميا إلى أي حزب أو جماعة أو جمعية سياسية، يؤدي الى عزل هذه الفئة عن الجمعيات السياسية، بل يشكل اعتداء على ما نص عليه الدستور بأن لكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوع العمل وفقا للنظام العام والآداب.

... وقيود مالية

واشار إلى قيد آخر هو «رقابة مالية تؤدى الى إفراغ الجمعيات السياسية من استقلاليتها، والغاء شخصيتها الاعتبارية، تعالج المواد من 15 الى 18 التي نص عليها الاقتراح بقانون الجمعيات السياسية، الشئون المالية للجمعيات السياسية، وقد جاءت في مجمل هذه المواد لتفرض رقابة مالية لا تؤدى الى إفراغ هذه الجمعيات من كيانها كهيئات مستقلة بل تؤدى الى الغاء شخصيتها الاعتبارية التي نصت عليها المادة (12) منه، فالمادة (15) من الاقتراح المذكور وان كانت اجازت للجمعية قبول الهبات والتبرعات من المواطنين البحرينين فانها اشترطت، ألا تزيد قيمة ما يقدمه المتبرع على عشرة آلاف دينار سنويا، اذا زادت قيمة التبرع عن الف دينار في المرة الواحدة، او ثلاثة آلاف دينار في العام الواحد، فعلى الجمعية ان تعلن اسم المتبرع لها وقيمة ما تبرع به في احدى الصحف اليومية على الاقل، واذا كان التبرع عينيا، فعلى الجمعية ان تقيم هذا التبرع طبقا لقوانين المملكة، وتسرى عليه الاحكام المقررة في الفقرتين السابقتين، ولا يجوز للجمعية قبول اى تبرع او ميزة او منفعة من اجنبى او من جهة احنبية، او منظمة دولية، او من شخص بلا جنسية، او من شخص مجهول، او من اى شخص اعتبارى (الشركات والمؤسسات) ولو كان هذا الشخص الاعتبارى متمتعا بالجنسية البحرينية، او من مواطن دون سن الحادية والعشرين، ويجب على الجمعية ان ترد التبرعات المخالفة (من الذى يحدد اويقضي بوجود هذه المخالفة؟) وذلك خلال شهر من تاريخ تسلمها، والا فان الجزاء هو تحويلها الى حساب الخزينة العامة للدولة، وذلك فيما عدا التبرعات التي تقدم من جهات غير بحرينية فان عقوبتها هي كما نصت عليها المادة (27 ) من هذا القانون هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين او بغرامة لاتتجاوز ثلاثة آلاف دينار، اوبالعقوبتين معا، مع مصادرة تللك الاموال لحساب الخزينة العامة للدولة، وتوجب المادة (16) على الجمعية السياسية، ايداع اموال الجمعية في احد المصارف المعتمدة، وان تخطر وزارة العدل بذلك، وبتغيير هذا المصرف خلال اسبوع من تاريخ حصول التغيير، وعليها ابلاغ وزير العدل بنسخة من الموزانة السنوية خلال الربع الاول من السنة، وبيان الموارد المالية، ومصادر التمويل، والوضع المالي للجمعية، وان ديوان الرقابة المالية يتولى بصفة دورية، اوبناء على طلب من وزير العدل،مراجعة دفاتر ومستندات حسابات ايرادات ومصروفات الجمعية، وغير ذلك من شئونها المالية، وذلك للتحقق من سلامة موارد الجمعية ومشروعية أوجه صرف اموالها، وعلى الجمعية ان تمكن الديوان من ذلك، وعلى الديوان اعداد تقرير سنوى عن الاوضاع كافة والشئون المالية للجمعية واخطار وزير العدل بهذه التقارير.

هكذا يربط الاقتراح بقانون الجمعيات حصول الجمعيات السياسية على التمويل المالي بمجموعة من القيود لامبرر لها ويمكن للسلطة من خلالها شل عمل التنظيم السياسي اوحتى شطبه من الوجود، ان تدخل الجهة الرسمية في المصادر المالية والشئون المالية للجمعيات السياسية بالطريقة التي نصت عليها المادتان المذكورتان اعلاه، يفرغ الجمعيات السياسية من محتواها، ويؤدى الى فقدان وضعها وطبيعتها كتنظيمات غير حكومية، ويجعل أمورها المالية مسيرة من قبل وزارة العدل، وكأنها جزء من الجسم الرسمي الحكومي.

وكان يكفي ان ينص هذا الاقتراح على ان تقوم الجمعيات السياسية بتبليغ واشعار الوزارة عن مصادر التمويل، اى تكون هذه المصادر علنية وواضحة.

لا علاقات خارجية

وقال اسماعيل ايضاً: «تقييد العلاقات الخارجية للجمعيات السياسية، يفرض الاقتراح بقانون بشأن تنظيم الحمعيات السياسية قيوداً من شأنها المساس بقدرة الجمعية او التنظيم على نسج علاقات لها مع اية جهة خارج مملكة البحرين، ويتمثل ذلك في نص المادة 22 على حق وزير العدل في وضع (القواعد المنظمة لاتصال الجمعية بأي حزب اوتنظيم سياسي أجنبي، ولا يجوز لاية جمعية التعاون او التحالف مع اى من هذه الاحزاب اوالتنظيمات إلا وفقا لهذه القواعد)، ولانعرف بعد ماهية هذه القواعد، غير ان مجرد النص عليها في القانون المقترح، وتخويل وزير تابع إلى السلطة التنفيذية صوغ ووضع هذه القواعد لا يبشر اطلاقا بحرية الجمعيات السياسية في الاتصال بالقوى والاحزاب الصديقة لها في خارج البحرين.

علما بأنه من الطبيعي في مثل وضع الحركة الوطنية البحرينية بمختلف تياراتها لها تاريخ وتراث نضالى وسياسي ان ترتبط بعلاقات مع احزاب اوتنظيمات سياسية عربية وعالمية لاعتبارات قومية وايديولوجية ولتبادل الخبرات.

التجمعات محفوفة بالمخاطر

وقال: إن المقترح «تجاهل حق الجمعيات السياسية في عقد الاجتماعات، إذ لا يتضمن مقترح قانون الجمعيات السياسية اى مادة تقضى بحق الجمعيات في عقد الاجتماعات العامة والمؤتمرات التنظيمية دون تدخل من السلطة، وهذا يعنى خضوع هذه الاجتماعات الى احكام المرسوم بقانون رقم 18 لسنة 1973 بشأن الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات الصادر في 5 - 9 - 1973، وهو الأمر الذي يجعل مجمل العمل التنظيمى رهنا بمزاج القائمين على السلطة ويعطيهم هامشا رحبا من العمل ضد أي جمعية عبر حرمانها من الموافقة على عقد اجتماعاتها كلما تعارضت مع توجهات الحكم، وقد اثبتت التجربة العملية ان ذلك ممكنا حين لوحت وزارة الداخلية باستخدام هذا القانون ابان المؤتمر الدستورى الذى عقدته الجمعيات الاربع.

صحافة مقيدة

وأردف: «تجاهل وتقييد صحافة التنظيم السياسي، ففي الوقت الذى الذى يؤكد فيه اقتراح بقانون الاحزاب السياسية المقدم من كتلة النواب الوطنيين الديمقراطيين، في المادة (19) حق الحزب في إصدار صحيفة أو اكثر أو اية مطبوعات اخرى، او انشاء واستخدام اية وسيلة اعلامية اخرى للتعبير عن آرائه وذلك دون التقيد بالحصول على الترخيص المشار اليه في قانون المطبوعات والنشر المعمول به، فان قانون كتلة المستقلين يتجاهل هذا الحق فلا ينص عليه، وذلك يعني تقييد صحافة الجمعية بأحكام قانون المطبوعات والنشر المعمول به.

كذلك التوسع والتعسف في حالات ايقاف نشاط الجمعية وحلها: فعلى رغم الحكم المهم والايجابي الذى وضعته المادة (23) من اقتراح قانون الجمعيات السياسية بعدم اجازة حل الجمعية السياسية او (اقالة قيادة الجمعية)، اووقف نشاطها الا وفق احكام النظام الداخلي للجمعية او بقرار من القضاء، فان هذه الايجابية ما تلبث ان تخفت حين نعرف ان مقترح قانون الجمعيات قد اعطي وزير العدل اللجؤ الى القضاء في حالات تتصف بالعمومية والشمول لوقف نشاط الجمعية السياسية وحلها، ولبيان ذلك نشير الى ما يأتي :

اولا : متى وكيف يتم وقف نشاط الجمعية؟، تعطى المادة 24 من الاقتراح لوزير العدل ان يرفع دعوى امام المحكمة الكبرى المدنية يطلب فيها بصفة مستعجلة ايقاف نشاط الجمعية لمدة لا تزيد على ستة اشهر تقوم الجمعية خلال هذه المدة بإزالة هذه المخالفة وذلك اذا: خالفت دستور المملكة، او هذا القانون (قانون الجمعيات السياسية)، او اى قانون آخر من قوانين المملكة.

ويحظر على الاعضاء والادارة والموظفين خلال مدة الوقف التي تقضي بها المحكمة، مواصلة النشاط او التصرف في اموال الجمعية، ويحظر على اى شخص ان يشترك في نشاط الجمعية بعد نشر قرار الايقاف في الجريدة الرسمية.

وتصدر المحكمة حكمها النهائى في دعوى الايقاف خلا ل مدة لاتزيد على ثلاثين يوما من تاريخ رفع الدعوى اليها.(يلاحظ هنا ان عبارة «حكمها النهائي» في هذة الفقرة من المادة المذكورة توحي بأن حكمها نهائي لايجوز استنئافه)، ثانيا: متى وكيف تحل الجمعية؟، تقول المادة (25) من الاقتراح ان لوزير العدل ان يتقدم بطلب الى محكمة التمييز للحكم بصفة مستعجلة بحل الجمعية وتصفية اموالها وتحديد الجهة التي تؤول اليها هذه الاموال، وذلك اذا، ارتكبت مخالفة جسيمة لاحكام دستور المملكة، او هذا القانون ( قانون الجمعيات )، او اى قانون آخر من قوانين المملكة، واذا لم تقم الجمعية بايقاف نشاطها خلال الفترة التي يحددها الحكم الصادر وفقاً للمادة السابقة بازالة المخالفة.

وعلى محكمة التمييز ان تحدد جلسة لنظر طلب الحل خلال سبعة الايام التالية لاعلان عريضة الطلب الى رئيس الجمعية بمقره الرئيسى، وعليها ان تفصل في الطلب خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ الجلسة المذكورة.

ولايجوز للجمعية التي صدر حكم بوقف نشاطها ممارسة اى نشاط خلال نظر طلب الحل امام هذه المحكمة.

وينفذ الحكم بحل الجمعية من تاريخ صدور الحكم، ويجب نشره في الجريدة الرسمية وفي احدى الصحف واسعة الانتشار.

هكذا تصبح الايجابية التي نص عليها اقتراح قانون الجمعيات السياسية بعدم جواز حل وقف نشاط الجمعية الا وفق نظامها الداخلى او بقرار من القضاء، سلبية وتفقد بريقها حين يتوسع هذا الاقتراح بل يتعسف في حالات ايقاف وحل الجمعية ولا نغالى حين نقول انها بمثابة السوط في يد الوزير يشوى به ظهور الجمعيات السياسية بحيث يصبح كل فعل او تصرف او قرار يصدر عن الجمعية يعتقد انه مخالف للدستور اوهذا القانون او اى قانون من قوانين البحرين مدعاة او ذريعة له لان يطلب من المحكمة بصفة مستعجلة وقف نشاط الجمعية او حلها في حال المخالفة الجسيمة.

ان الوضع الطبيعي الذى يتفق مع مبدأ حرية التنظيمات السياسية، هو ان يوضع تحديد منضبط للأسباب الخاصة بحل اووقف نشاط الجمعية وفي حالات محددة صراحة وحصرا، وان يكون ذلك بحكم بات استنفذ طرق الطعن عليه كافة.

وأخيراً السجن المؤبد!

وأكد اسماعيل ان هناك «عقوبات شديدة و سالبة لحرية العمل السياسى، في مقترح الجمعيات السياسية، إذ اضافة الى عقوبة حل الجمعية السياسية وايقاف نشاطها، والتوسع في حالات الحل والايقاف كما رأينا، فان اقتراح قانون الجمعيات السياسية وضع عقوبات اخرى شديدة تصل الى حد السجن المؤبد وهى على البيان الاتي، المادة (26) تنص على توقيع عقوبة السجن على كل من انشأ او أسس، او نظم، اوأدار على خلاف احكام هذا القانون تنظيما سياسيا غير مشروع ولوكان مستترا في وصف جمعية اوناد او هيئة او منظمة او جماعة ايا تكن التسمية او الوصف الذى يطلق عليه، وتصل العقوبة الى السجن المؤبد اذا كان التنظيم السياسى غير المشروع، معاديا لنظام المجتمع، او ذا طابع عسكرى اوشبه عسكرى، او أخذ طابع التدربيات العنيفة التي تهدف الى الإعداد القتالي، او اذا ارتكبت الجريمة بناء على تخابر مع دولة اجنبية.

وفي جميع هذه الاحوال تقضى المحكمة عند الحكم بالادانة بحل التنظيمات المذكورة وإغلاق امكانها ومصادرة الاموال والامتعة والادوات والاوراق الخاصة بها او المعدة لاستعمالها، واما الذي ينضم الى التنظيم غير المشروع والمخالف لهذا القانون فان عقوبته الحبس لمدة لا تزيد على ستة اشهر او بغرامة لاتتجاوز الف دينار او بكلتا العقوبتين، وتكون عقوبته السجن اذا كان يعلم ان التنظيم الذى انضم اليه معاديا لنظام الحكم، اوذا طابع عسكرى او شبه عسكرى، أوأخذ طابع التدربيات العنيفة التي تهدف الى الاعداد القتالى، اونشأ بالتخابر مع دولة اجنبية، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين او بغرامة لاتتجاوز ثلاثة آلاف دينار او بكلتا العقوبتين كل من تسلم اى اموال من اية جهة اجنبية لحساب الجمعية وتصادر تلك الاموال لحساب الخزينة العامة للدولة، وكل من يرتكب مخالفة لاحكام هذا القانون ولم تعين فيه عقوبة خاصة، فانه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر او بغرامة لاتتجاوز خمسمئة دينار او بالعقوبتين معا في حال العود، ولاتخل احكام هذا القانون بأية عقوبة اشد ينص عليها قانون العقوبات او أى قانون آخر، وهذه العقوبات نقلت حرفيا من قانون الاحزاب المصرى مع حذف عقوبة الاشغال الشاقة لعدم وجود هذه العقوبة في البحرين.

صباح الخير يا مقاطعة

واختتم بالقول «هكذا، رأينا كيف ان اقتراح كتلة المستقلين - بشأن تنظيم الجمعيات السياسية - جاء مخيبا للآمال والطموحات في تنظيم العمل السياسي في البحرين بما اشتمل عليه من قيود شديدة وعقوبات غليظة نالت من حريته، وهو ان صدر سيشكل انتكاسة ليس للعمل التنظيمي السياسي فحسب بل للمسيرة الاصلاحية برمتها، لان هذه المسيرة قامت وارتكزت على انتقال هذة التنظيمات من السرية الى العلنية وعلى هامش حرية التعبير الذى توافر لها، انه بعبارة واضحة يقلص الهامش الديمقراطى الذى تحقق في البلاد ويشكل تراجعا عن مبادىء مثياق العمل الوطنى، لذلك فانه ليس غريبا ان تسارع الحكومة في جلستها المنعقدة بتاريخ 5- 9 - 2004 إلى النظر في هذا الاقتراح واحالته الى كل من اللجنة الوزارية للشئون القانونية واللجنة الوزارية لشئون مجلسي الشورى والنواب لوضعه بشكله النهائي، الا ان الغريب هو ان تصحو المقاطعة بعد ان غطت في نوم عميق مازالت تحلم فيه بالدستورالعقدى، لتدرك الآن فقط وبعد ان وافقت الحكومة عليه خطورة اقرار مثل هذا القانون، علما بأن اقتراح الاحزاب قد ارسل اليها منذ فترة طويلة دون ان تتفاعل اوتبدى رأيا فيه

العدد 739 - الإثنين 13 سبتمبر 2004م الموافق 28 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً