العدد 741 - الأربعاء 15 سبتمبر 2004م الموافق 30 رجب 1425هـ

الأمعاء الخاوية... هل تصلح الفساد الفلسطيني والغطرسة الإسرائيلية؟

(أحمد شوقي)

منذ أكثر من 30 يوماً والأمعاء الفلسطينية الخاوية مستمرة في عصيانها وتمردها على سوء المعاملة القاسية وإضرابها عن الشراب والطعام في السجون الإسرائيلية حتى تحقيق مطالبها.

أكثر من ثمانية آلاف أمعاء خاوية أسيرة اعتصمت على رغم الضغوط والإهانات الإسرائيلية كحرمانها من الملح والماء ومن المساعدات الطبية في حالات الإعياء والإغماء وأكثر من ذلك فرضت عليها إدارة السجون الإسرائيلية المساومة بين الدواء وبين تعليق الاعتصام!

ماذا يفعل الأسرى الفلسطينيون في هذه الظروف؟

سجن وجوع وعطش وإهانات وضغوط وتجاهل تام من المجتمع الدولي، وكما قال الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل: إن العالم العربي في سلوكه وتصرفاته وصمته ينوب عن «إسرائيل» في تصفية القضية الفلسطينية. ماذا يفعل الأسرى الفلسطينيون وهم يسمعون يومياً تزايد الاعتقالات حتى وصل عددهم 8000 أسير على رأسهم مروان البرغوثي الذي تدهورت صحته وبينهم 300 طفل قيد الاعتقال؟ هؤلاء الأسرى المعتصمون في السجون الإسرائيلية في مخيلتهم أن بلادهم تشهد فساداً ودماراً واغتيالات لأكبر الرموز، فماذا يفعلون وهم يرون ويشاهدون قيادتهم مغيبة ودولتهم مؤجلة فلجأوا إلى الاعتصام متحصنين بالأمعاء الخاوية لإيجاد تعاطف دولي لإزالة معاناتهم. وكان أول الوافدين إلى فلسطين حفيد غاندي الذي غامر بنفسه وجاء إلى رام الله وزار عرفات المتحصن في مقره معلناً تعاطفه مع الأسرى الفلسطينيين ومشاركاً في مسيرة سلمية حاشدة ومندداً بجرائم «إسرائيل» وما تفعله بالأسرى العزل.

إن خطوة غاندي (الحفيد) هذه ليست غريبة على أسرة غاندي أمثال (أنديرا وسونيا وآخرهم نهرو غاندي) الأسطورة الذي قضى حياته صائماً واهباً نفسه لتحرير بلاده من ظلم واستبداد الاستعمار البريطاني آنذاك.

شعاره كان دائماً الجهاد وتحمل المعاناة والصبر على الشدائد ولكن من دون عنف حتى سماه الكاتب (يوحنا قمير) في كتابه «غاندي رسول اللاعنف».

قضى معظم حياته صائماً في سجون إفريقيا وفي سجون بلاده (الهند) كان يحب السلام ويكره العنف والمتسبب فيه حتى لو كان من أتباعه، اتخذ من الأمعاء الخاوية في مشواره سلاحاً لوقف اعتداءات الاحتلال الانجليزي وكذلك اتخذها وسيلة لإصلاح الفساد والخلل المتوارث في آلاف نفوس الطوائف الهندية لتهذيبها وإصلاحها وطرد الشرور والأحقاد عنها وتوحيد الطوائف في المجتمع الهندي. إن الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الإسرائيلي عانوا سنوات طويلة وفي ظروف قاتلة وبيئات غير صحية ومعاملة سيئة على أيد غير مكترثة لمطالبهم.

أما عن حكومتهم فالفساد معشعش في مكاتبها والخلافات بين وزرائها ونوابها والتسابق على مناصبها. من أجل كل ذلك أراد الأسرى تصحيح الأوضاع الفلسطينية وتوحيد الصفوف واحترام الرموز وإجراء الانتخابات النزيهة من جانب، ومن جانب آخر وجدوا في الاعتصام إيصال صوتهم إلى العالم. إن الأمعاء الخاوية رسالة موجهة إلى القادة والرموز الفلسطينية بألا ينشغلوا بالشأن الداخلي وفي الخلافات وتصفية الحسابات بل في إصلاح الأوضاع وحماية الدولة الفلسطينية ورسالة أخرى إلى القادة الأميركان بأن يوفوا بالوعود التي أطلقوها إلى العالم وإلى الشعب الفلسطيني خصوصاً، ولم يوفوا بها، ونستدل بهذه الوعود في بآخر لقاء تم بين الرئيس الأميركي بوش ورئيس الوزراء الفلسطيني المستقيل محمود عباس في يوليو/ تموز العام 2003 إذ كان غاضباً على نائبه (تشيني) بسبب الجدار الفاصل عندما قال: «يصعب إقامة الدولة الفلسطينية حالياً!»، هكذا إذاً كل الرؤساء تنصلوا من الدولة الفلسطينية بما فيهم الرئيس الروسي بوتين الذي هو أيضاً مشغول بالنشيد الوطني الروسي عندما أمر لاعبي المنتخب بترديد السلام الوطني بدلاً عن مضغ العلكة وذلك في تصفيات كأس الأمم الأوروبية الأخيرة في البرتغال، أما ما يجري على فلسطين فلا يهمه.

ولكن الأمعاء الخاوية تذكرهم بالوعود حتى ولو كانوا تحت التراب فمن اغتصب أرضاً ومن تنصل منها ومن شرد شعباً وقتل أبرياء، فلا يمكن أن يترك من دون حساب. فما أعظمك يا فلسطين... لا ينجو من يخذلك ولا يمر من دون عقاب من يساوم على أرضك أو من يتلاعب بها، وإلا فأين هم الساسة الصهاينة الذين اغتصبوا ترابك... أين (أبا ايبان وديان وبيجن وسيلحقهم شارون) وتبقى فلسطين قوية رافعة علمها بانتظار من يحررها من أسرها. وللبيت من يحميه...

مهدي خليل

العدد 741 - الأربعاء 15 سبتمبر 2004م الموافق 30 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً