لا نحتاج إلى جهد كبير كي نميّز بين الحريصين على مصلحة الساحة الشعرية الشعبية، وبين الذين يتصيّدون في الماء العكر، بين الذين يتوجهون وبصدق لاحتواء نقاط ومكامن الخلاف وسوء الفهم، وبين الذين يعملون على تعميق ذلك الخلاف وسوء الفهم، وبين الذين يخلصون لتوجههم الابداعي لأنه جزء من إنسانيتهم ووجودهم وبين الذين يخلصون لمآرب خاصة بهم وما توجههم ذاك الا بداية لطريق طويلة يسعونها لتحقيق تلك المآرب.

اللغط الدائر في الساحة الشعبية في البحرين لاشك يقوده فريقان: فريق ينطلق في خلافه - مع أية جهة كانت - من مرجعية وفهم وإدراك لطبيعة الساحة وعناصرها، يضاف إلى ذلك انه يظل متسلحا بالجانب الأخلاقي الذي يأبى الانزلاق أو الانحدار إلى مستوى الدسائس والمؤامرات ومحاولة شق الصف وتأليب الناس المعنيين والتشويش على المميز والنوعي مما يقدّم هنا في المملكة، ويرى في كل ما يقدّم باطلا في باطل ولا يقبل بأنصاف الرؤية والحلول أو حتى الاستعداد للجدل الحسن، لأنه ليس من شيمه وليس متضمنا قاموسه. وفريق يفتقر الى المرجعية والفهم والإدراك، ويتحرك تبعا لقربه من المصلحة أو اذا ما حس أن تلك المصلحة بدأت تتوارى وتبتعد، ما يدفعه إلى إشعال مزيد من الفتن والتحريض والتشويش.

ويبدو أن اللقاء الذي تم نشره في صفحة «ريضان» قبل أسبوعين جرّ عليّ الكثير من المشكلات، والسبب أن كثيرين كانت «البطحة على رأسهم» فتحسسوها، وأيقنوا أن الكلام موجه اليهم من دون غيرهم، واعتبروه نوعا من التشهير على رغم انني لم اذكر اسما واحدا الا بالخير كل الخير. والطريف في الأمر ان الذين خرجوا عن طورهم فانبروا كالثيران الهائجة التي استشعرت لحظة الذبح، تجريحا وقذفا وبما لا يتفوه به الا المتمكنون والممارسون للغة الشوارع التي تخلو من الأدب وتكتنز بالوقاحة والبلطجة، أقول إن الطريف في الأمر أن غالبيتهم تخفى وراء عناوين نسائية واسماء مستعارة!

فقط أريد التأكيد هنا أن جمعية الشعر الشعبي شئتم أم أبيتم تظل هي الجهة الوحيدة حتى هذه اللحظة القادرة على تقديم برنامج عمل يسهم في تحريك هذه الساحة بغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا معها، فيما أنتم لا تملكون الا الندب واللطم والتنادي لمجالس النميمة والغيبة والتخفي وراء أسماء نسائية و«حسافة على الرجولة»