العدد 744 - السبت 18 سبتمبر 2004م الموافق 03 شعبان 1425هـ

صرخة دكتور عاطل على مرافئ الوطن

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

في هدأة الليل وحيث الناس نيام كان المواطن (أحمد. م) يكفكف دموع أطفاله وزوجته المسكينة... في زمن ضاعت فيه المقاييس وانعدم فيه الضمير، يكبر الحزن وتتلاشى معه بقايا الأمل وتتلاقى هناك أكثر من دمعة، دمعة الأم والأب اللذين قدما زهرة عمرهما لابنهما، دمعة سخينة للابن الذي امتلأ قلبه من الندوب. قبل أسبوع تلقيت اتصالاً من امرأة راحت تحكي لي حال أخيها الدكتور العاطل عن العمل، كان صوتها يتهدج وهي تعدد لي شهادات أخيها وما يعانيه اليوم من شظف العيش ثم انفجرت بالبكاء، وبقيت ثواني وهي تبكي وتقول: «لماذا تموت الطاقات هكذا... سيد أرجوك... إن أخي يموت ببطء... أرجوك أوصل صوتنا للمسئولين... بيتنا أصبح بيتاً للأحزان...».

هدّأت من روعها وقلت لها: لا عليك، الدولة لن تقصر وجلالة الملك (حفظه الله) لن يألو جهداً في استقبال الطاقات البحرينية الكبيرة، ولكن أتمنى أن تضعيني في الصورة... لا تيأسي... في العامين الماضيين قمت بالكتابة عن بحرينيين من حملة الدكتوراه والماجستير وتم توظيف غالبيتهم كان منهم د. حسين «دكتوراه في السياسة» والأخ عبدالأمير «دكتوراه في الاقتصاد» وكذلك بعض حملة الماجستير... أرجوك لا تيأسي. بعد ذلك راحت الأخت تسرد لي آلام أخيها وتعدد لي أنواع الشهادات التي يمتلكها، فصول طويلة من ألم الانتظار. سردت قصة معاناته مع البطالة وكيف كان شعوره عندما يُرفض قبوله في الوقت الذي يجلب غير البحرينيين إلى المؤسسات والوزارات البحرينية. وعدتها أن أوصل صوتها للمسئولين والمؤسسات ومنها جامعة البحرين، لأني أعتقد أن الجامعة لن تتردد في احتضان مثل هذه الكوادر وخصوصاً بعد الأزمة الخطيرة. قمت عبر اتصالات مكثفة مع المواطنة المتصلة بالحصول على ملف الدكتور والسؤال عنه... حصلت على الملف وتفاجأت بحجم الشهادات ونوعيتها وكلها موثقة... الدكتور يعيش في شقة وهو عاطل عن العمل منذ عام تقريباً ومتزوج ولديه ولد وبنت.

المؤهلات:

1- دورة ما بعد الدكتوراه (جامعة أبردين) 1992.

2- دكتوراه طب وعلاج «المناعة والمختبرات» (جامعة أبردين)، 1992.

3- الشهادة العليا في الإدارة التنفيذية للمديرين (المملكة المتحدة) 1998م.

4- الدبلوم العالي في إدارة الخدمات (المملكة المتحدة) 1997.

5- ماجستير طب (جامعة لندن) 1988.

6- ماجستير في الطفيليات الطبية (جامعة لندن) 1982م.

7- بكالوريوس علوم وتربية (جامعة الرياض) 1979م.

الخبرات:

- بروفيسور مشارك بجامعة الملك فيصل، ومراقب المتدربين في مستشفى الملك فهد العسكري 1999 - 2003.

- محاضر زائر (جامعة أبردين) 1994م.

- درجة بروفيسور مشارك (يورولوجيا - إيطاليا) 1997م.

- معيد في جامعة الرياض 1979م.

البحوث والدراسات:

- 32 بحثاً دولياً، 30 مقالاً علمياً وتربوياً وإدارياً.

هذا الدكتور العاطل حصل أثناء دراسته في جامعة الرياض على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف، كان موهوباً منذ أن كان صغيراً، تفجرت طاقته الإبداعية في البحرين وازدادت في انجلترا... اكتشف جرثومة جديدة مسببة للمرض... أرسلها إلى الجامعة في لندن وسُجل الاكتشاف باسمه.

- ألف كتباً تمثل أطروحاته منها:

1- كتاب «علم المناعة وأمراض الكلية وزراعة الأعضاء».

2- كتاب «الأصل الوراثي للمواطنين البحرينيين».

- بتاريخ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1992 نشر في الصحافة البحرينية خبر تفوق هذا الدكتور وجاء تحت العنوان الآتي: «أول بحريني يحصل على دكتوراه في أبحاث طب الكلية وزراعة الأعضاء».

- أشرف على رسالته عميد كلية الطب والمنسق الطبي للمستشفى الملكي في أبردين البروفيسور كاتو.

- حصل على درجة الزمالة في صحة المناطق الحارة - تخصص طفيليات من الجمعية الملكية لطب المناطق الحارة العام 1984م.

هذا الدكتور عمل في الخارج بعد أن ضاق به الوطن إذ كان للمحسوبية دور في رئاسة الأقسام وتوزيع حصص المناصب، وكان مبدأ تكافؤ الفرص مغيباً والراتب لا يتناسب مع ما يحمله هذا المواطن الرحالة بشهاداته ولكن مهما كان بريق الغربة فهو لا يغني عن الوطن كما قيل قديماً «خبز في الوطن ولا بسكويت بين الأجانب»... هذا الدكتور يحلم بعمل في هذا الوطن يتناسب مع مؤهلاته سواء في وزارة الصحة أو الجامعة أو في أية مؤسسة... عائلته من العوائل الفقيرة المتواضعة، ولكن أباه قهر الزمن والفقر وراح ليل نهار يعمل من أجل أن يقوم بتعليم أبنائه إذ كان منهم أحمد، الذي أنفق عليه زهرة عمره ولكنه اليوم يتمزق ألماً وحزناً وهو يرى الابن الموهوب بلا عمل.

اننا يجب أن نقف مع هذه العائلة... مع هذا الدكتور الغريب... إنها صرخة أكاديمية مازال صداها يرن بين جدران مؤسساتنا التعليمية فهي تسمع الصرخة. يجب أن نرسخ مبدأ تكافؤ الفرص.

مسكين أحمد، عائلته عاشت ظلم حرمان الجنسية حتى العام 2002، وإذا بها تسقط كسيرة أمام حزن توظيف الابن الموهوب... متى تنتهي هذه المعاناة؟ أين هو مبدأ تكافؤ الفرص؟ متى نرسخ المواطنة الحقيقية بعيداً عن الانتماء والايديولوجيا؟ لك الله يا أحمد ونحن معك.

ملاحظة: للتواصل مع عائلة الدكتور يمكن الاتصال على هاتف 3943424

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 744 - السبت 18 سبتمبر 2004م الموافق 03 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • هشام الأيوبي | 5:43 م

      ان عرف السبب بطل العجب

      اكيد من الطائفة المغضوب عليها في هذا البلد (شيعي)

اقرأ ايضاً