العدد 755 - الأربعاء 29 سبتمبر 2004م الموافق 14 شعبان 1425هـ

حرس الخراب

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

إلى أولئك الذين لا يحسنون صنعاً في الحياة سوى أن تسميم هذه الحياة بنوايا وحضور كأنه الطامّة!

تظل تمد يداً ملؤها الحب والخير... يداً تريد فقط ألا يقطعها أولئك الذين يتلقون منها العميق والصميم من المواقف... لكأن الإحسان إلى الناس اليوم ضرب من الانتحار المجاني وذهاب إلى التهلكة والمرء بكامل قواه العقلية... لكأنك بما تشيعه في دنيا الناس من حب وأثرة وصنيع لا ترجو من ورائه جزاءً ولا شكوراً، لكأنك محض وباء بعد انتهاء دورك... وبعد أن يسمن الذين يعانون من هزال في الروح والمواقف ينبرون طعناً وغدراً وخيانات لا حصر لها. ولكن هل تدفعك مثل تلك المواقف لأن تكفر بما عودت وربيت ووطنت نفسك في سبيله؟ هل يحيلك أولئك البشر وأشباه البشر إلى صدى بعد أن كنت صوتاً وإلى ظل بعد أن كنت الباعث لذلك الظل؟ ستكون بذلك أسهمت في تعميم حال هي أول وآخر مطامحهم لتحويل هذا الكوكب إلى مختبر للانتحار والذهاب الى التهلكة... مختبر للعنات!

أعلم ان محاولة تغيير بشر بتلك المواصفات يعد ضرباً من الحرث في الماء... اذ ليست تلك هي المسألة... المسألة في مدى إمكان تغيرك أنت... انجذابك الى محرقة لا تبقي ولا تذر... أو لأقل قد تبقي ولكنه بقاء لا يختلف كثيراً عن حضور جثة سرعان ما يتكفل بتحللها واندثارها الزمن بكل هوامه ودوابه!

ظللت تتوهم أنهم من الخلّص لروحك... أنهم غدك حين يضيق عليك حاضرك... ويطاردك ماضٍ لا يد لك فيه... ظللت تتوهم أنهم الملاذ والمدى والنور والحكايات تحت ضوء مصابيح خافتة... فيما هم اللب مما تحذر!

هل تعلمت الدرس؟ أم أن قلباً بحجم الذي تتعامل به مع من تظنهم بشراً هو الذي سيلقي بك إلى التهلكة؟ هل لابد أن تكون حاسة الفرز حاضرة حتى على المستوى الانساني من العلاقات؟ ولكن ألا تتحول الحياة بهكذا توجه وذهاب إلى ثكنة تعج بالاستنفار وتزدحم فيها خطوط المواجهة وتقفر من فسحة الاطمئنان والنوم العميق في برية أو على متن مركب تائه شطب الموانئ والجهات والمراسي، بحثا عن رياضة تكتشف المدى وتتغلغل في البكر من الأمكنة والأبيض من النفوس؟

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 755 - الأربعاء 29 سبتمبر 2004م الموافق 14 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً