العدد 2795 - السبت 01 مايو 2010م الموافق 16 جمادى الأولى 1431هـ

«غوغل» عملاق الاقتصاد المعرفي (1)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«صنفت مؤسسة (ميلوارد براون أوبتيمور) غوغل في المركز الأول بقيمة تجارية بلغت أكثر من 114 مليار دولار بزيادة نسبتها 14 في المئة عن قيمتها في العام الماضي, وتلتها شركة آي بي أم التي بلغت قيمتها 86.3 مليارا بزيادة نسبتها 30 في المئة عن العام الماضي.

واحتفظت شركة غوغل بلقب العلامة التجارية الأعلى قيمة في العالم للسنة الرابعة على التوالي. وحازت شركة أبل المركز الثالث بقيمة تجارية قدرت بـ 83 مليار دولار بزيادة نسبتها 32 في المئة، وحلت مايكروسوفت في المركز الرابع بقيمة 76 مليارا، وجاءت كوكاكولا في المركز الخامس بقيمة 68 مليارا, واعتبرت الأعلى قيمة بين الشركات غير العاملة في مجال التكنولوجيا. وارتفعت القيمة الإجمالية للعلامات المئة الأولى بنسبة 4 في المئة إلى أكثر من تريليوني دولار».

في هذه الفقرة المكثفة التي نشرها موقع قناة الجزيرة الكثير من المدلولات الاقتصادية والمعرفية التي يمكن استخراجها. لكن قبل الانتقال لذلك، ربما كان من المفيد سرد نبذة قصيرة عن شركة غوغل ذاتها التي أصبحت اليوم مرادفة لكلمة «الإنترنت» أو «الويب»، والتي يجهل الكثير منا معناها وقصة النجاح التي تقف خلفها.

(Googol)، وليس (Google) وتعني في الرياضيات الرقم 1 متبوعا بمئة (100) صفر، كان هو الاسم الذي اتفق عليه مؤسسا شركة غوغل لاري بيج (Larry Page) وسيرجي برين (Sergey Brin) في العام 1997. لكن أحد أصدقاء بيج، ويدعى شين أندرسن، أخطأ التهجئة بينما كان يبحث عن اسم النطاق من أجل تسجيل اسم الشركة، فكتبها (google.com)، وكان اسم النطاق متاحا، وحاز على إعجاب لاري وسيرجي. وتم تسجيل اسم الشركة حاملا الخطأ والنجاح في آن.

تجدر الإشارة هنا إلى أن لاري هو الأخ الأصغر لــ (كارل فيكتور بايج الابن)، الذي كان قد «شارك في تأسيس إي غروب، (eGroups) التي اشترتها ياهوو سنة 2000 بمبلغ 418 مليون دولار».

وقصة غوغل يرويها، بتفاصيلها الممتعة كتاب من تأليف ديفيد فايس ومارك مالسيد، الذي له ترجمتان إلى العربية: الأولى قام بها مروان سعد الدين، من إصدار مشترك بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، والدار العربية للعلوم، وهناك ترجمة عربية أخرى قام بها سمير محفوظ بشير، وأصدرتها دار ميريت المصرية. وليس هذا الكتاب الوحيد عن هذه الشركة فهناك كتاب آخر من تأليف راندال ستروس، عنوانه «Planet Google» (كوكب غوغل)، يحفل بالكثير من المعلومات التي تتحدث عن الشركة الهادفة، كما يقود هذا الكتاب إلى «تنظيم كل شيء نعرفه»، من خلال «مبادراتها للتحويل الرقمي لنص كل كتاب منشور في العالم».

وتبدأ مسيرة غوغل في العام 1998 عندما قرر طالبان يحضران درجة الدكتوراه في جامعة ستانفورد الأميركية التفرغ لبناء منصة قادرة على استخدام الحاسوب بطريقة مبدعة على مستوى معالجة المعلومات، بكافة هيئاتها من صور وأصوات ونصوص، سواء عند التخزين او حين الاسترجاع أو العرض، على أن يتم ذلك باستخدام تثنيات وبروتوكلات الويب. انتهى كل ذلك إلى محرك بحث آلي معقد على الويب هو ما يعرف اليوم باسم غوغل. الذي تحول إلى مفهوم عالمي يتكرر على أسماعنا يوميا. فما أن نقف باحثين عن معلومة، يأتينا من يقترح علينا (غوغلها) «google it».

هذا ما يلفت النظر له أيضا كاتبا قصة غوغل. ويتناوله أيضا عرض محمد الكافوري على موقع عرب أونلاين، حيث يقول «إن استخدام الملايين لموقع غوغل بأكثر من مئة لغة حول العالم دفع الكثيرين إلى اعتبار أن الانترنت هي في الحقيقة غوغل، بالإضافة إلى أن استعمال لفظ غوغل بدلا من لفظ البحث على الانترنت في كثير من المواقف اليومية لملايين البشر حول العالم هو اكبر دليل على نجاح المؤسسة في تغيير الطريقة التي يفكر بها العالم».

الغريب في تاريخ غوغل، أن صاحبيها عندما واجها بعض الصعوبات المالية توجها إلى آلة البحث الأكثر شهرة حينها وهي شركة «ياهو» من أجل تمويل مشروعهما، لكن طلبهما ووجه بالرفض، نظرا، للسرعة التي كانت تتمتع بها آلة البحث غوغل، مقارنة بــ «الياهو»، التي كانت تحرص على إبقاء زوارها أطول فترة ممكنة على بوابتها من أجل ضمان دوافع أفضل لترويج مساحاتها الإعلانية.

أحد مؤسسي ياهو ديفيد فيلو ينصح الشابين حينها بتأسيس شركة مستقلة خاصة بهما.

بعد أشهر ينقذ اندي بكتشليم أحد رواد المستثمرين في صناعة الكمبيوتر احد عباقرة الكمبيوتر، المشروع بمنح الشابين «شيكا بمئة ألف دولار باسم مؤسسة غوغل على الرغم من عدم الإعلان عن المؤسسة بعد، ويستطيع الشابان بعد جهد جمع ما يقرب من مليون دولار من الأسرة والأصدقاء». وبذلك المبلغ المتواضع تبدأ مسيرة عملاق الاقتصاد المعرفي اليوم «غوغل».

بالطبع، وكما أصبح يعرفه الجميع، لم تعد غوغل اليوم مجرد آلة بحث على الويب، كما كانت عند بداياتها. فهناك مشروعها العالمي الرائد لبناء مكتبة إلكترونية كونية تضم الإنتاج الفكري العالمي باللغات الحية ومن بينها العربية، وهناك فكرة «قراءة خريطة الجينات بوصفها خدمة مجانية لمن يود معرفة خريطة جيناته. هذه الفكرة هي من أكثر المشروعات التي يُشغَل بها «غوغل» اليوم، وقد تؤدي إلى اكتشافات طبية وعلمية رائعة.

كذلك لم تعد غوغل مجرد شركة عادية تحقق أرباحا خيالية، ونموا فلكيا، كما أشرنا في البداية، بل تحولت إلى رقم مهم في معادلة العلاقات الدولية، كما شهدنا مؤخرا صراعها مع دولة عظمى من مستوى الصين التي رفضت غوغل، في سياق دفاعها عن حق الإنسان في الوصول إلى المعلومة التي يحتاج لها، الانصياع لتهديدات الصين، ووافقت، بقرار ذاتي إغلاق موقع، كان يدر عليها مليارات الدولارات سنويا. ورغم ذلك لم تتأثر أرباحها، ولا معدلات نموها. وهذا أمر في غاية الأهمية على المستويين السياسي والمالي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2795 - السبت 01 مايو 2010م الموافق 16 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً