العدد 761 - الثلثاء 05 أكتوبر 2004م الموافق 20 شعبان 1425هـ

في مجلس الجمري... السفير العراقي بالمملكة: لست بعثياً

الانتخابات العراقية أمل نحو العراق التعددي الواحد

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

قال السفير العراقي في المنامة غسان محسن حسين: «إن الانتخابات المقبلة المزمع إجراؤها في يناير/ كانون الثاني المقبل تمثل فرصة حقيقية وبارقة أمل في الطريق نحو العراق التعددي الجديد والمتماسك بقوة شعبه وكفاحه من أجل مستقبل أفضل للعراق»، منبهاً إلى أن عدم مشاركة بعض المدن القليلة غير المستقرة ليس من شأنه أن «يشكل عائقاً أمام الانتخابات الديمقراطية، كما أن هناك نحو 4 ملايين عراقي مقيم في الخارج سيفتح لهم الباب للمشاركة في هذه الانتخابات التي ستسفر عن اختيار من يعبر عن إرادة العراقيين أيا كانت قوميته».

من جانب آخر، نوه السفير الى أن الحكومة العراقية المؤقتة ليس بوسعها إقامة علاقة مع «إسرائيل»، معتبراً أن مصافحة رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي لأحد أعضاء الوفد الإسرائيلي في الأمم المتحدة «عادة متبعة دبلوماسياً، عندما ينتهي المتحدث من القاء كلمته يأتي الآخرون لمصافحته، وهذا ما جرى بالنسبة إلى علاوي الذي بادره أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي - الجالس بجانبه - بالسلام»، مكرراً ما قاله علاوي إن العراق متمسك بثوابت القضية الفلسطينية وبعده العربي، والعلاقة مع «إسرائيل» لا تمثل أولوية الآن. جاء ذلك في محاضرة ألقاها السفير في مجلس الشيخ الجمري مساء أمس الاول.

وبدأ السفير العراقي محاضرته بمنح الحضور خلفية سريعة عن التكوين السياسي والتاريخي للعراق منذ الحقبة الملكية التي أرجع إليها الفضل في وضع النظام المؤسساتي في العراق في مجالات التعليم والجيش والقضاء، وشهدت هذه الفترة حالاً من التوازن، وفي ظل هذه الحقبة نشأت الطبقة الوسطى المتنورة التي بنت العراق، مستدركاً: «لكن الأمور سرعان ما تراجعت بشكل كبير عند تسلم حزب البعث زمام السلطة في العراق، فصدام ألغى الحالة المؤسساتية وبدد ثروات الشعب في حروب كارثية ضد دول الجوار لم ينتج عنها إلا الدمار والخسائر البشرية الضخمة التي أدخلت الحزن إلى كل بيت عراقي شريف».

وأضاف السفير قائلاً: «لقد أطلعت على دراسة اقتصادية مفادها أن حزب البعث البائد صرف ما يفوق الـ 600 مليار دولار على التسلح خلال العقود الثلاث الماضية، فضلاً عن أن غالبية الديون التي تنهك ظهر العراق اليوم بُددت على المؤسسة العسكرية، فيما ان المحصلة التي رآها كل العالم أن أفراد الجيش قد هربوا بأثواب مدنية (جلابيات) قبل وبعد سقوط بغداد، وهم معذورون فيما فعلوه لأنهم يدركون فارق القوى بين أسلحة بائسة في قبال أعظم قوة تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة في العالم، والأهم من ذلك أنهم لم يكونوا يؤمنون بالدفاع عن شخص مثل صدام حسين».

وأشار السفير إلى أن العراق «يمتلك موارد اقتصادية وطبيعية ضخمة، فضلاً عن إمكاناته السياحية بشقيها الديني والثقافي، فإلى جانب العتبات المقدسة، هناك مواقع تاريخية كبيرة، كما أن هناك عشرة آلاف موقع أثري لم يتم التنقيب عنها حتى الآن، وهي معرّضة حالياً لمخاطر كبرى».

وعن شرعية المقاومة من عدمها استشهد السفير برأي المرجعية الدينية «التي لم تجز أعمال المقاومة المسلحة، ومن أبرز هؤلاء المراجع آية الله السيد علي السيستاني (...) فلا يوجد إجماع على المقاومة المسلحة في هذا الوقت». وبخصوص رأي هيئة علماء المسلمين السنة أشار السفير إلى أن «هذه الهيئة تعبّر عن فئة قليلة ولا تمثل الطائفة السنية بأجمعها، وهناك الكثير من علماء السنة الذين لا يشاركون الهيئة في رؤاها».

وفي رده على سؤال بشأن عمله لدى النظام السابق، أوضح السفير الذي كان يعمل في الخارجية العراقية منذ 37 عاماً، أنه رفض الانتماء إلى حزب البعث على رغم عروض النظام المتكررة وحُرم من الامتيازات التي حصل عليها البعثيون، وكانت النتيجة «أن راتبي الشهري باعتباري دبلوماسياً في (عراق صدام) لم يتجاوز الثمانين دولاراً». كما أكد أن بقاءه في العراق كان لظروف إنسانية خاصة، «فجميع إخوتي غادروا العراق أيام صدام وكذلك الكثير من أبناء عائلتي، وكنت أنا الذي أعيل والدتي المسنّة التي ناهزت الثمانين عاماً».

واستبعد السفير العراقي بشكل قطعي حدوث حرب أهلية أو انفصال بين العراقيين، «فأبناء العراق بكل طوائفهم وأعراقهم كانوا متماسكين ومحافظين على تربة العراق بسنتهم وشيعتهم وأكرادهم وباقي الاثنيات الاخرى». ورأى أن هذه الافتراضات لا يروّج لها سوى أعداء العراق «الذين يسعون في خرابه وتفكيكه، وهذا الأمر يدركه جميع العراقيين الشرفاء»، والتنوع العرقي والاثني في العراق يعتبر مصدر غنى، ولا مجال لأية محاوله لـ «لبننة» الوضع العراقي.

وعن رأيه في شخصية رئيس الوزراء إياد علاوي، نوه السفير إلى أنه كان على علاقة صداقة منذ الطفولة وعلى مقاعد الدراسة معه، و«كلانا من جيل واحد»، وعلاوي من عائلة عراقية غنية عن التعريف وهي تحتضن العلماء والأطباء والمفكرين، وكما هي الحال من ناحية الأم، «فالذي منبته طيب لا يكون خبيثاً»، وهو تحمل المسئولية في هذه المرحلة المؤقتة لخدمة وطنه وشعبه، مضحياً بالكثير من الأمور ومنها حياته الشخصية في سبيل بناء العراق الجديد والتعددي (...).

وفي إجابته على سؤال لـ «الوسط» عن دوره في إرجاع الأرشيف الوطني إلى دولة الكويت - الذي صادرته القوات العراقية في غزو الكويت العام 1991- قال السفير: «كنت في مهمة في نيويورك واتصل بي وزير الخارجية العراقي في عهد النظام السابق ناجي صبري، وطلب مني العودة إلى العراق لترؤس الوفد الذي سيرجع الأرشيف الوطني الخاص بدولة الكويت، لكن صبري أخبرني بأن وثائق الديوان الملكي ومجلس الوزراء لم يتم العثور عليها. وكنت أول دبلوماسي عراقي يذهب إلى الكويت بعد حرب الخليج، وكان الأمر حساسا، فكيف أقابل الكويتيين الذين غزاهم صدام، لكن من خلال معاملتي أدرك الأشقاء في الكويت أننا لسنا مع جرائم صدام، وفي المقابل كان الأشقاء في الكويت متعاونين معي، وأنجزنا المهمة في وقت قياسي، واحتفظت بعلاقة طيبة معهم وزرتهم بعد سقوط نظام صدام».

وعن العلاقات مع إيران وتصريحات وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان، التي اعتبر فيها الجمهورية الإسلامية العدو الأول للعراق، قال السفير: «إن هذه القضية قُتلت تصريحاً ومن أعلى المستويات، فالجغرافيا لا يمكن أن تلغى، وقربنا الجغرافي والتاريخي مع إيران من شأنه أن يؤسس لعلاقة وطيدة واستراتيجية مع الجمهورية الإسلامية ضمن المصالح المشتركة التي تجمعنا، ومصلحتنا المشتركة تقتضي ذلك، وهو أمر لا يخص علاقتنا مع إيران، بل مع جميع دول الجوار التي عانت في حقبة الطاغية».

يذكر أن السفير الجديد من مواليد مدينة الناصرية، وهو دبلوماسي محنك وحاصل على شهادات في التاريخ والقانون وعمل في مهمات دبلوماسية في عدد من العواصم العربية والعالمية، كما أنه يعد من أحد أبرز الفنانين التشكييلين على مستوى العراق.

ورافق السفير أثناء إلقاء الندوة الوزير المفوض في السفارة العراقية أحمد الآغا وأركان السفارة... بالإضافة إلى حضور حشد كبير من الإعلاميين والصحافيين، والمهتمين بالشأن العراقي

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 761 - الثلثاء 05 أكتوبر 2004م الموافق 20 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً