طالب متحدثون في الندوة التي اقامتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي عن شرطة المجتمع وزارة الداخلية بإجراء إعادة هيكلة الوزارة من دون الالتفاف على القانون بتوظيف أجانب ومنحهم الجنسية لاضفاء الشرعية على عملهم في الوزارة، محملين الداخلية ما تشهده المملكة من وقوع الجرائم لعدم وجود كادر أمني بحريني يلم بطبيعة البلد ومشكلاتها وطريقة التعامل معها.
وقال حضور إن الوزارة تمتلئ بغير البحرينيين. مستعرضين الآثار السلبية للابقاء على شرطة أجانب يعانون صعوبة في التحدث باللغة العربية فضلاً عمن جلبوا من بلدان عربية لاحلالهم محل مواطنين في شغل العمل الأمني، معتبرين أن ذلك لا يتناسب مع عهد الاصلاح ويلحق بالدولة الكثير من المساوئ لكونها الدولة الخليجية الوحيدة التي تعتمد سياسة توظيف أجانب في الأمن ما يجعلها محل ازدراء أمام شقيقاتها من دول الجوار.
وألمح بعض الحضور إلى أن مشروع شرطة المجتمع لن يكون له أي مردود مرتقب ما لم يتم أولاً تصحيح أوضاع الوزارة وإحلال البحريني في موقعه الصحيح والاستغناء عمن وضعوا بصورة غير قانونية محله أو بالالتفاف على القانون ومُنحوا الجنسية والامتيازات وفشلوا في تقديم الأمن والامان للمجتمع.
وأملوا في الوقت ذاته من وزير الداخلية الجديد الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أن يقوم بإعادة تأسيس الوزارة جراء ما تعرضت له في حقب ماضية، واعتماد هيكلة بحرينية بضم من يرغب من العاطلين في خدمة وطنه.
وقال حضور إن حال عدم الثقة في توظيف المواطن من قبل وزارة الداخلية والتي أسستها حقب ماضية تحتم حالياً ضرورة التخلص منها، إذ أصبح معظم الناس لا يثقون بالداخلية أيضاً بسبب تركيبتها الأجنبية العاجزة عن التعامل مع مشكلات المجتمع إذ يعيشون في ثكنات ومناطق سكنية معزولة عن المواطنين. كما قال حضور إن مشروع الوزارة بتوظيف 500 مواطن من المحافظات الخمس يأتي في محاولة منها لمد جسور الثقة بينها وبين المجتمع نتيجة ممارسات قديمة رسخت فكرة وأبعدتها عن ثقة المجتمع أولها الاعتماد على الأجانب في شئون الأمن وما تلاه من تجاوزات باستغلال بعض المناصب.
وفيما ينتظر كثيرون ما ستحمله الشهور المقبلة بعد تنفيذ المشروع الوليد لخدمة المجتمع والذي تأمل الداخلية عن طريقه في تأسيس مرحلة جديدة للعمل الأمني، رأى بعض من حضروا الندوة أن شرطة المجتمع يمكن أن تضيف جديداً في حال انتهاج ما اعتمدته دول عالمية في التنفيذ، من بينها أن الناس للناس كما في الولايات المتحدة الأميركية والمواطنة أولاً كما في تجربة اليابان التي تعتمد مبدأ الناس للناس أيضا، متسائلين في الوقت ذاته عما ابتدعته وزارة الداخلية من ضرورة إرفاق صورة من عقد زواج الأبوين للمتقدمين وهو ما فسر بحاجتها لمعرفة مذهب المتقدم للوظيفة وخصوصاً أن الدول المشار إليها تشترط في المتقدم أن يكون حاملاً للجنسية فقط ويعيش في منطقة الخدمة وحاصلاً على شهادة الثانوية فما فوق مع عدم وجود سوابق إجرامية.
وفي موضوع شرطة المجتمع قالت رئيسة جمعية الاجتماعيين البحرينية هدى المحمود: إن فكرة إنشاء شرطة مجتمعية لجأت إلى تطبيقها دول عالمية نتيجة تفاقم المشكلات الاجتماعية واختلال الانضباط المجتمعي بعد أن تعذر أن تتولى الجهات الأمنية وحدها هذه المسئولية، فرأت أن يكون لها شركاء في المجتمع بمختلف مؤسساته لتقديم الخدمة الأمنية عن طريق الشراكة الفعالة بين الجهاز الأمني والمجتمع متمثلاً في مؤسساته ومنظماته المختلفة والناشطين في الشأن العام بهدف التعرف على المشكلات المجتمعية وقياسها وحلها بطريقة تضمن حفظ الأمن والاستقرار المجتمعي.
ويتم تقديم هذه الخدمات الأمنية عن طريق مزاوجة الأسلوب التقليدي للشرطة المتمثل في التجاوب والتعاون مع المشكلات وتداعياتها عند حدوثها مع الأسلوب الحديث الذي يركز بشكل أساسي على شراكة المجتمع في رصد وتحليل العوامل والاسباب التي يمكن أن تكون لها تداعيات أمنية مهددة للافراد والجماعات ومن ثم الاشتراك في التوصل إلى أنسب الحلول لها.
وقالت المحمود إن فكرة إنشاء الشرطة المجتمعية التي تنوي وزارة الداخلية تنفيذها مازالت غير واضحة المعالم متسائلة عما إذا كان أفرادها شرطة نظاميون بملابس وهويات رسمية تميزهم وتسهل التعرف عليهم للتعاون والتعامل معهم، كما تساءلت عن وجود توصيف وظيفي واضح لمهماتهم وواجباتهم بحيث لا يتم التجاوز على حريات الآخرين وحقوقهم الدستورية وعما إذا كانت شرطة المجتمع ستتشكل من أبناء المناطق ذاتها والمحافظات التي سيستخدمونها كما قيل، واستوضحت ما إذا كان المشروع يقتصر على فرق من الرجال فقط أم يمكن أن يضم النساء أيضاً لكون الأمن المجتمعي مسئولية أبنائه جميعاً، كما تساءلت عن البرامج التدريبية لتأهيل هؤلاء الأفراد لممارسة هذه المهمة الجديدة على المجتمع.
وأوضحت أن توجس البعض من فكرة تكوين شرطة مجتمعية له جذور معروفة. وأردفت: حتى وقت قريب كانت كلمة الشرطة والأمن العام ترتبط بمفردات القمع والتعدي وممارسة القوة على الآخرين والعمل على تنفيذ القوانين بشكل آلي والتمسك بأن مهمات أقسام الشرطة وأفرادها تنفيذية بحتة، ما جعل صورة رجال الأمن والجهاز الأمني تستقر في وجدان الناس بصورة مغايرة لما تحمله هذه التسمية، لذلك كان من المنطقي أن يرفض البعض الفكرة من أساسها ويعتبر من سيوظف من أفراد شرطة المجتمع طابوراً خامساً للجهاز الأمني والسلطة للالتفاف على حريات الآخرين ومكتسباتهم والحريات النسبية التي تحققت في عهد الإصلاح.
وقالت المحمود أيضاً إن شرطة المجتمع في حاجه إلى نقاش لبحث آليات بناء الثقة بين الجهاز الأمني وباقي مؤسسات المجتمع وأفراده وهو ما يتطلب بذل الجهود من الطرفين الأهلي والرسمي، إذ إن الجهاز الأمني على رغم تراثه غير المقبول في التعامل والأداء، فإنه لا يمكن الاستغناء عنه لغرض حفظ الأمن وتثبيت دعائم الاستقرار في المجتمع. لكن الجهاز الأمني منفرداً لا يمكنه أن يكون فاعلاً إزاء الكثير من القضايا المجتمعية والتي صنفت على أنها أمنية، والكثير من التجارب أثبتت أن الحلول الأمنية بمفردها لا يمكن أن تحل مشكلة مجتمعية أياً كانت وهو ما يفرض تناول موضوع الشرطة المجتمعية بالجدية التي يستحقها ودراسته بعمق من قبل المؤسسات الرسمية والأهلية. وخصوصاً ان البعض تجاوز الاستهتار بالأمن المجتمعي فانتشرت الجرائم بمختلف أنواعها عبر السواقة المتهورة والقاتلة وتعاطي المخدرات والادمان وتهريبه والإساءة للأطفال والعنف الأسري
العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ