العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ

خطأ في تحديد الحد الأدنى للأجور

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

أرى من الضرورة الكتابة في موضوع الحد الأدنى للأجور في ضوء المعلومات الجديدة التي كشفها تقرير ماكينزي بخصوص إصلاح سوق العمل. باختصار يمثل أي اقتراح لتحديد الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص في الوقت الحاضر نصرا للعمالة الأجنبية العاملة لسبب جوهري وهو أن الأجانب يشكلون الغالبية الساحقة في حجم القوى العاملة في البحرين. للتأكيد لا يكمن الخطأ في مبدأ الحد الأدنى للأجور بل في تطبيقه في الظروف الحالية في البلاد وذلك للأسباب الآتية: أولاً، تحديد الأجور يفيد الأجانب لأن العمالة الأجنبية تشكل نحو ثلثي القوى العاملة في البحرين. بحسب الأرقام المتوافرة يبلغ حجم القوى العاملة في البحرين (باسثناء العاملين في المجالات الأمنية) نحو 305,000 فرد منقسمين على النحو الآتي: 197,000 أجنبي و108,000 مواطن. ويبدو أن العمالة الأجنبية في زيادة مستمرة فإن من أصل 84 ألف وظيفة جديدة تم إيجادها في القطاع الخاص في الفترة ما بين 1990 و2002 حصل الأجانب على 58 ألف منها أي 69 في المئة من المجموع. ثانياً يخشى أن يؤدي تحديد الأجور إلى تسريح المزيد من البحرينيين. مصدر التخوف يكمن في قيام بعض المؤسسات بالاستغناء عن خدمات بعض الأفراد لغرض ضبط مصروفات التشغيل. وعليه فإن سياسة تحديد الأجور قد تزيد من نسبة البطالة في الوقت الذي تعاني فيه البحرين من أزمة بطالة خانقة. استناداً إلى دراسة ماكينزي هناك نحو 20 ألف بحريني عاطل عن العمل أي 16 في المئة من القوى العاملة. ويخشى أن يرتفع عدد العاطلين إلى 70 ألفاً أي نحو 35 في المئة من القوى العاملة في العام 2013. ثالثاً لا يوجد ضمان من أن المؤسسات التجارية ستدفع للعامل الأجنبي ما تلزمه سياسة الحد الأدنى للأجور. فحالات استغلال العمالة الأجنبية العاملة منتشرة في أرجاء المملكة والتي تشمل تأخير دفع الرواتب. أيضاً ربما تقوم بعض الشركات بالتضييق على العمالة الأجنبية في مسائل أخرى مثل الزج بالكثير منهم في غرفة واحدة بهدف تقليص الكلفة وفي كل ذلك ضرر للمجتمع البحريني. رابعاً المؤكد أن تحديد الأجور وفي حال البحرين رفعها سيساهم في رفع الأسعار في الأسواق إذ تقوم المؤسسات التجارية غالباً بتحويل الكلفة الزائدة في النشاط إلى المستهلكين. المعروف أن ذوي الدخل المتوسط هم الأكثر ضرراً في حال تضخم الأسعار على رغم أن الهدف الرئيسي لخطة رفع الأجور هو تقديم المساعدة وليس الإضرار بالطبقة الوسطى إذ ليس بمقدور الحكومة الزام الشركات عدم رفع أسعار السلع والخدمات.

خامساً، ربما يتسبب اقتراح تحديد الحد الأدنى للأجور إلى هروب بعض رؤوس الأموال من البحرين للمناطق المداورة مثل دبي وقطر. صحيح أن دراسة ماكينزي كشفت أن تدني كلفة العمالة لا يعتبر سبباً جوهرياً لجلب الاستثمارات الأجنبية. بيد أن زيادة كلفة التشغيل من دون تسجيل نمو في الانتاجية لا يخدم بالضرورة خطط الترويج للبحرين باعتبارها وجهة للاستثمار. على هذا الأساس فإن تحديد الحد الأدنى للأجور يفيد كيرالا ومانيلا نظراً إلى كثرة وجود الهنود والفلبينيين في البحرين. يذكر أن قوانين منظمة التجارة العالمية لا تسمح بالتفريق بين العمالة المحلية والأجنبية. والمعروف أن البحرين دولة عضو في المنظمة الدولية وليس بمقدورها التميز في الدفع بين المواطنين وغيرهم. صراحة المطلوب في الوقت الحاضر تحديد سقف للأجانب قبل الحديث عن تحديد حد أدنى للأجور

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً