العدد 782 - الثلثاء 26 أكتوبر 2004م الموافق 12 رمضان 1425هـ

من أجل وطن يتساوى فيه الجميع

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في خضم كل ما يجري في البحرين، فإنني أضم صوتي إلى المتفائلين بمستقبل واعد، يعتمد على البحرينيين، ومؤسس على عدالة أفضل في توزيع الثروات وعلى مشاركة حقيقية في القرار. ولكن هذا المستقبل لن يكون مفروشا بالورود، بل سيكون مملوءا بالشوك، ومن أراد العسل فعليه ان يتحمل وخز النحل.

حاليا، الكثير من المحبطات تنتشر بيننا. وزراء يحصلون على عيدية مئة ألف بينما المواطنون ليست لهم سوى الوعود والتصريحات الصحافية او الشيء القليل. مواطنون يكدحون ليل نهار، ولكن لايستطيعون شراء قطعة صغيرة يبنون عليها مسكنا لهم، بينما المسئولون وأبناء المسئولين، والمتنفذون وأبناء المتنفذين، والمتزلفون وأبناء المتزلفين، يحصلون على الاراضي تلو الاراضي وفي كل مكان، من أغلاها إلى أرخصها، من دون أن يدفعوا دينارا واحدا.

القانون الصارم والمستمد من عهد «أمن الدولة» يطبق على كل شخص وهيئة لا تحصل ان على رضا المسئولين، بينما لم يطبق ولا حتى أخف القوانين او العقوبات على أي شخص من الاشخاص الذين امتدت أيديهم إلى المال العام وعاثوا فسادا في الارض.

اذا كان مستثمر يود الحصول على رخصة من بلدية او هيئة رسمية فإن جبالا من الاجراءات تنهال عليه، على رغم ان هذه الاجراءات لا تطبق في كل الحالات، وهي اجراءات عفا عليها الزمن، وما يتطلبه أمر ما في بلدان أخرى يقل كثيرا عما تتطلبه اجراءاتنا (ومن خبرة عملية فان الاجراء الذي يطول اسبوعا في البلدان الاخرى، يتطلب سنة واحدة على الاقل في البحرين). البرلمان أمضى سنتين، واجتمعت لجانه مئات المرات، وأصبح الاعضاء من الاغنياء بمجرد كونهم اشخاصاً يحضرون الى مكان اسمه البرلمان، ولكنهم لم يستطيعوا اصدار ونشر ولا قانون واحد. هذا في الوقت الذي تثقل البحرين بترسانة من القوانين غير الملائمة للانفتاح وغير الملائمة لمتطلبات القرن الحادي والعشرين.

الجمعيات المعارضة لم تستطع اقامة جسور مع السلطة تستطيع من خلالها ترطيب الاجواء وتطويرها باتجاه الوصول الى ما يرضي أكثر الاطراف. وفي الوقت ذاته، هناك من يطرح خطابا معارضا تشكيكيا مطلقا، وبالتالي فإن امكان التفاهم في أجواء التشكيك يكاد يكون معدوماً.

وهناك ايضا من يستفيد من اعادة اجواء أمن الدولة، ولذلك بين الفترة والاخرى تنهال التهم على المعارضين، مرة بأنهم تسلموا «كوبونات» من صدام، ومرة انهم اجتمعوا مع السفير البريطاني، وغداً سنسمع أكثر من ذلك، وهذا المسلسل سيستمر باستمرار الاجواء المريضة التي تسمم ما حولها.

مع كل هذه المحبطات وغيرها، إلا انني متفائل بالمستقبل، وخصوصا بعد ورشة مجلس التنمية الاقتصادية التي عقدت في 23 سبتمبر / ايلول الماضي برئاسة سمو ولي العهد، وهو الذي تحدث بما لم يتحدث به المعارضون وطرح الارقام والمقترحات للخروج من الازمة التي نعيشها حاليا والتي نرى آثارها في انخفاض مستوى المعيشة.

الأسئلة المطروحة مشروعة، وهي ما كان يجب التركيز عليه بدلا من تشتيت الاجندة الوطنية. وأهم سؤال: هل ان الحلول - التي تتطلب تضحيات من الطبقة الوسطى - هل سيستثنى منها اصحاب النفوذ بمختلف انواعهم، كما هو الحال الآن؟ هل سيستمر المتنفذون والمتزلفون في الحصول على الثروات المجانية بينما يكدح الشعب في محاولة يائسة لمنافسة العمالة الرخيصة الآسيوية؟ كيف سيتم التخلص من سرطان «الفري فيزا» وعددهم 45 ألف شخص؟ ... الخ.

هذه، وغيرها، اسئلة مستشرف للمستقبل يأمل ان يشارك ويضحي من اجل وطن يتساوى فيه الجميع

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 782 - الثلثاء 26 أكتوبر 2004م الموافق 12 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً