العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ

أحفاد علاء الدين!

هل تحولنا من أحفاد صلاح الدين إلى أحفاد علاء الدين؟ المقصود هنا طبعاً هو القائد والبطل الشهير محرر القدس، وهازم جيوش الصليبيين، صلاح الدين الأيوبي. أما علاء الدين فهو ذلك المذكور في قصة علاء الدين والفانوس السحري، الذي ما أن يفركه ثلاث مرات بيديه حتى يخرج المارد ملبياً له ما يريد.

هذا ما خطر لي بينما كنت أقرأ ما أعلنه الأكاديمي السعودي أستاذ المذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود، فهد السنيدي، من أن إجمالي ما ينفقه العرب على ممارسات الشعوذة يصل إلى نحو 5 مليارات دولار سنوياً، وأن هناك مشعوذاً لكل 1000 نسمة.

السنيدي وخلال حديثه عن الإعلام في العالم العربي ودوره في الشعوذة، أورد بعض الإحصاءات عن عدد الفضائيات الموجهة للمشاهد العربي، مستنداً إلى تقرير من الاستخبارات الأميركية التي أشارت إلى وجود 13 ألف قناة تلفزيونية في العالم، منها 7500 قناة مشفرة، و5500 مجانية. وفي العالم العربي هناك 696 قناة تبث من 17 قمراً اصطناعياً، يشاهدها أكثر من 150 مليون مشاهد للقنوات المفتوحة، و 42 مليون للمشفرة، وبين أنه من ضمن القنوات الموجهة لنا نحن العرب هناك 112 قناة فاضحة باللهجات العربية.

لكن السنيدي لم يذكر لنا عدد القنوات التلفزيونية العربية التي تقدم الشعوذة، وتعمل، أو بالأحرى تتاجر بها. صحيح أن هناك العديد من القنوات التلفزيونية الأجنبية، الغربية تحديداً، لكني لم ألحظ أن أياً منها يمارس الشعوذة على الطريقة العربية كإخراج الأرواح الشريرة من الأجساد إلى آخر ما هناك من أعمال مشابهة.

ذات مرة وأنا أقلب المحطات الفضائية العربية، فوجئت بأحد المشعوذين، على الهواء مباشرة، وهو يتصنع، أو يمثل عملية إخراج روح شريرة من جسد أحد المشاهدين، ولكن عبر التواصل الهاتفي مع الضحية؛ أي دون أن يكون الضحية في الاستوديو بجانب المشعوذ. ومازلت أذكر كيف أن الضحية، الذي أعتقد أنه هو الآخر ممثل، أو بالتأكيد متآمر مع المشعوذ، كان يصرخ ويعوي بالمقلوب (اللهم عافنا) بعد كل رقوة يقرأها المشعوذ. وقد استمر هذا المشهد، نحو نصف ساعة بخروج الروح الشريرة من جسد الضحية، وسط حال من النباح.

بقي أن نذكر أن سعر «العمل الواحد» لبعض المشعوذين على القنوات الفضائية العربية يبلغ 10 آلاف درهم إماراتي.

وامتدت ظاهرة الشعوذة هذه إلى الصحف والمجلات؛ إذ ظهرت صحيفة مصرية متخصصة في الخرافة اسمها «التعويذة». والعياذ بالله. لكل ما تقدم صرت خائفاً حقاً من أن نصبح جميعاً أحفاد علاء الدين، وليس صلاح الدين!؟.

العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً