العدد 2381 - الجمعة 13 مارس 2009م الموافق 16 ربيع الاول 1430هـ

دول العالم تسعى للوحدة ونحن نتجه إلى المزيد من الفرقة والخلاف

الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة أمس:

الوسط - محرر الشئون المحلية 

13 مارس 2009

تحدث خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجودر عن دول العالم التي تسعى لبناء مجتمعاتها على مبادئ التسامح والتراحم والمصالح المشتركة، في الوقت الذي نجد أن أمتنا اليوم تعاني من سموم التفتيت والتجزئة والصدام والتدمير.

وقال الجودر «عالم اليوم يتجه إلى مزيد من الوحدة والتعايش، وأمتنا تتجه إلى مزيد من الفرقة والخلاف والشقاق، لذا فإن حاجتنا اليوم إلى توحيد الأمة من خلال إصلاح البيت الإسلامي من الداخل، بنبذ الخلافات، وحق الدماء، ونصرة المظلوم، والدعوة إلى الوحدة والاعتصام ولم الشمل»، قال تعالى: «وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين» (الأنفال:46).

وأضاف الجودر «إن الله تبارك وتعالى حينما أرسل نبيه ورسوله وحبيبه وصفيه من خلقه محمد بن عبدالله، أنزل معه الكتاب والحكمة(أي السنة)، فقام النبي بمهمة التبليغ «فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ» (الشورى:48)، فدعا إلى الله على بصيرة حتى ترك أمته على (المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك)، أرشدهم إلى صراط الله المستقيم، ومنهجه القويم، فتمسكت الأمة بكتاب ربها وبسنة نبيها، وتفقهت في أمور دينها ودنياها فكان لها العزة والنصر في الدنيا، والشفاعة والجنة في الآخرة».

وأوضح الجودر أن النبي (ص) بين لهذه الأمة أحكام الإسلام، ومسائل العقيدة، ومقام العبودية لله رب العالمين، وبين الحلال من الحرام، فنال الدرجات العلا، شرفا ومقاما وقدرا وذكرا، قال تعالى:»وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم: 4)، لقد أختار نبيكم لحمل الرسالة والدعوة من بعده جيلا فريدا من نوعه لم يأت التاريخ بمثله، جيل من الصحابة وآل البيت، ومن المهاجرين والأنصار، زكاهم من أدران الجاهلية، وطهرهم من رجس الوثنية، فكانوا خير القرون لثناء النبي عليهم: (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، وحق لهم هذه التزكية المحمدية لأنهم جاهدوا في سبيل الله حق جهاده، ونقلوا الشريعة من بعده بكل أمانة وصدق، فأعطاهم الله تعالى الجائزة الكبرى والمنحة العظمى من المغفرة والرزق الكريم، قال تعالى:»والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم» (الأنفال: 74).

ثم تطرق الجودر في خطبته إلى اختلاف الأمة «لقد أخبر نبيكم محمد عن اختلاف أمته وفرقتها، وأنها ستصاب بداء الفرقة والخلاف حينما تهبط إلى مستوى التفكير الحزبي والفئوي والطائفي، فقال:(وستفترِق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النارِ إلا واحدة)، وحذرها بعد ذلك من الاقتتال والصدام فيما بينها، فجاء في الحديث النبوي الشريف من خطبة الوداع:(لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)، ثم أرشدهم إلى المخرج النبوي الشريفة حينما أكد على قيم الوحدة والتعايش والعمل المشترك فقال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)».

وضرب الجودر مثلا على التفرق بقوله «واقع اليوم ظهور هذا الكم الهائل من الفرق والأحزاب والمذاهب الإسلامية، وكل منها يدعي الحق المطلق وغيره على الباطل المبين!، من هنا دعونا ننظر إلى أمة محمد، التي تجاوزت المليار ونصف المليار نسمة، للنظر إليها كرسالة سماوية، وكمشروع حضاري، وكعلاج للبشرية مما تعانيه من سموم وأدواء. الأمة المحمدية هي الأمة المتمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها، فخلافاتها ونزاعاتها يجب أن يكون مردها إلى الكتاب والسنة، قال تعالى:»فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر» (النساء: 59)، الأمة المحمدية هي الأمة المتراحمة فيما بينها، محبة المؤمنين، وحرمة المسلمين، وعطف على الضعفاء والمساكين، كما هي صورة المجتمع الأول المتراحم الذي أنشأه النبي في المدينة المنورة، قال تعالى:»يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات:13).

الأمة المحمدية هي التي يحفظ آخرها لأولها الفضل والمكانة، فتكون صدروهم سليمة للجيل الأول من الصحابة وآل البيت، قال الله تعالى: «والذين جاءُوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءُوفٌ رحيمٌ)(الحشر: 10)، فلا سب ولا شتم ولا تطاول ولا استهزاء من ذلك الجيل المحمدي، الأمة المحمدية هي الأمة التي تقدم النصح للراعي والرعية، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بالحكمة والموعظة الحسنة قال تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» (آل عمران: 110)».

وختم الجودر حديثه عن ما تم أمس الأول اعتداء على سيارة خاصة بإحراقها في أحدى المناطق، وقبل بأسبوع تم الاعتداء على مقيم أو مواطن، قائلا «بالله عليكم هل هذا من الدين أو الإنسانية أو الحضارة البشرية، لنعلم عباد الله أن عالم اليوم يخوض معركة شرسة ضد الإرهاب والتخريب والتدمير، يجب أن تتصدى كل القوى لكل الأعمال الإرهابية التي تمس أمن واستقرار المنطقة، وفي هذا الوطن (البحرين)، في أوروبا، في أميركا، في أي مكان من العالم، لأنه عنف وإرهاب وفساد.

وأعملوا عباد الله أن توحد الأمة وتماسكها ضد مشاريع التفتيت والتقسيم هو النجاة بعد تأييد الله تعالى لها، وأعلموا أن ما تعانيه المنطقة إنما هي مخططات استعمارية جديدة لتغيير هوية المنطقة وإعادة رسمها بأيد وعقول باعت دينها من أجل مصالح رخيصة».

العدد 2381 - الجمعة 13 مارس 2009م الموافق 16 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً